القاهرة 04 فبراير 2025 الساعة 09:47 ص

بقلم: شيماء عبد الناصر حارس
إدارة الغضب ليست مهمة سهلة على الإطلاق، فالعقل يصارع نفسه أو ربما يصارع وعي الإنسان، وفي وسط الجهات المتصارعة والأفكار والخيالات تنشأ المشكلة ويبدأ الإنسان في البحث عن حلول، ربما الاعتذار عن الخطأ الذي حدث أثناء الغضب، وربما الذهاب لطبيب نفسي.
متى يهدأ العقل، متى يخرس تماما بدون فكرة أو تخيل موقف غير حقيقي، متى ينعم الإنسان بالصمت الأبدي؟
الناس التي تستطيع العيش بدون ثرثرة العقل هم أشخاص سعداء، كم هو مرهق العقل الثرثار ومزعج وقاتل أحيانًا.
مئات الأفكار بدون فلترة وتحكم، منها الغث ومنها السمين، وحينما يضج الشخص بهذه الصراعات بين الأفكار وبين نفسه وبين العبء القاتل فوق عقله، لا يعرف أين تحديدًا سوف يحدث الانفجار، وإلى من سوف تتوجه الطلقات، ولكنها تتوجه في جميع الأحوال، ربما لأقرب الناس، وربما لشخص نقابله للمرة الأولى، وربما نتيجة حدث، وربما وربما، نفقد قدرتنا على التمييز، ولكن الفكرة تصبح أقوى وأعمق، لا نستطيع السيطرة عليها، مهما تناقشنا مع الأصدقاء.
الغضب ليس فعل، هو في الغالب رد فعل، أقصد الأفعال الغاضبة وليس الغضب في حد ذاته، لأن الغضب قد يأتي ويذهب فقط بدون أي أفعال، لكن المشكلة في الفعل، حينما تصبح الفكرة في العقل ضاغطة جدا، وهنا صراع الأفكار يجعلنا نحن البشر في حالة توهان، تصبح الأفعال غير منطقية لأن الفكر مشوه وغير منطقي أيضًا.
أعتقد أن ترتيب الأفكار يساعد في إدارة الغضب، السيطرة على العقل في توليد المزيد من الأفكار يساعد في الحفاظ على الهدوء النسبي، عقل منظم وهادئ هو الضمان الوحيد لعدم الغضب أو على الأقل السيطرة عليه.
لماذا أكتب عن الغضب؟
لأني غاضبة.
طوال الوقت، طوال اليوم، حتى وأنا نائمة غاضبة، عقلي مشتت وذهني محتار، مئاتالأفكار تجتاحني كعاصفة هوجاء لا أستطيع ولا أعرف كيف أوقفها.
تخبرني الطبيبة أني عليّ تناول الدواء حتى أسيطر على توليد الأفكار، وأحتاج إلى تعديل سلوك، الوعي أحيانًا لعنة، الوعي بمعنى أن الذهن في حالة يقظة مستمرة حتى خلال النوم.
حينما أسير في الشارع أتخيل حادثة ما.
حينما أكون في المنزل أتخيل مشاجرة ما.
حينما أكون في العمل أتخيل مشكلة ما.
حينما أحتاج للراحة أتخيل إزعاج ما.
الشيء وضده والفكرة وعكسها، أقاوم الفكرة، بعد ثواني تطل الثانية كالقدر الأسود، أنسى أنها فكرة حقيرة، أتجاوب معها حتى أبدأ في التنبه أنها كسابقتها فكرة سوداء غرضها فقط إزعاجي أو المزيد من إزعاجي فأطردها حتى تطل التالية، وهكذا تحاربني دوامة الأفكار، من هنا ومن هناك فأصبح كالبالون المنفوخ بانتظار فقط شكة دبوس حتى ينفجر.
متى يهدأ عقلي، متى يخرس.
ما هو الشعور بأن عقلك ليس مفرخة أفكار دائمة ومتواصلة، ليلا أو نهارا.
ما هو الشعور بأن تستطيع الاسترخاء حينما تريد ذلك أو العمل والتركيز بدون إلهاء أو تشتيت حينما تريد ذلك.
أتمنى تجربة هذا يوما ما.
لو حدث سأكتب عنه.
|