القاهرة 28 يناير 2025 الساعة 09:33 م

كتبت: إنجي عبدالمنعم
استضافت القاعة الرئيسية في الدورة السادسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، فضيلة المفتي الدكتور نظير عياد في حوار مفتوح حول الفتاوى في عصر التكنولوجيا الرقمية.
أدار اللقاء الدكتور محمود عبد الرحمن، الذي بدأ بتقديم التحية للحضور وللمفتي، مشيرًا إلى أن المعرض يمثل ملتقى يبرز عبقرية الإنسان، ويعد احتفالية ثقافية تجمع العقول من مختلف المشارب، لتروي ظمأ الباحثين. وأكد أن المعرض ليس مجرد سوق للكتب، بل هو لوحة حية تتجلى فيها المعارف وترتقي فيها الأرواح.
وأوضح أن ندوة اليوم تتناول موضوع الفتوى في ظل العالم الرقمي الذي شهد تداخلًا وتنوعًا في الآراء. وفي هذا السياق، أصبحت الفتوى الرقمية ضرورة ملحة لإرشاد العقول نحو الفهم الصحيح. وأكد أن التعامل مع العالم الرقمي يتطلب رؤية واضحة لفهم دقة المعلومات ومصداقيتها، مما يستدعي التأصيل والعمق المعرفي.
من جانبه، أعرب فضيلة المفتي الدكتور نظير عياد عن شكره العميق لأسرة وزارة الثقافة، وعلى رأسها الوزير أحمد فؤاد هنو، والدكتور أحمد بهي الدين العساسي رئيس الهيئة العامة للكتاب، على تنظيم هذا اللقاء، وأوضح أن التعامل مع العالم الرقمي أصبح ضرورة لا يمكن تجاهلها، مشددًا على أن الفتوى وظيفة نبيلة تولاها النبي صلى الله عليه وسلم ثم الصحابة ومن تبعهم حتى يومنا هذا، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وأشار إلى أن الفتاوى المتشددة التي لا تتماشى مع مقاصد الشريعة الإسلامية أصبحت مصدر قلق واضطراب في الآونة الأخيرة، وأكد أن الفتوى لا تقتصر على إصدار الأحكام الشرعية، بل تمتد لتخلق توازنًا بين النص الشرعي ومراد الله تعالى، مشيرًا إلى أن الشريعة الإسلامية تتميز بالمرونة وتناسب كل زمان ومكان.
وأوضح "عياد" أن الفتوى تحتاج إلى التأني والدقة في التعامل مع المقاصد الشرعية، بما يحقق مصلحة البلاد والعباد، ويسهم في تخفيف المشقة وجلب التيسير،
كما أكد فضيلته أن الفتوى المستنيرة تأتي من المؤسسات الدينية المتخصصة، مثل دار الإفتاء والأزهر ووزارة الأوقاف، وهي الجهة المسؤولة عن إصدار الفتوى، وقال: "ليس في ذلك ظلم لأحد أو تقييد للعقول، بل هو لتحقيق التوازن بين الدين واحتياجات الناس". وأشار إلى أن الخروج عن الفتوى الرشيدة يجب أن يُنظر إليه كتهديد للأمن القومي، حيث من الضروري وجود مؤسسات تتعامل مع الأحكام الشرعية بما يحقق الصالح العام.
وأوضح المفتي أن الفتوى هي تكليف وليس تشريفًا، فهي مسؤولية وأمانة تتطلب نظرة علمية دقيقة. وأكد أن هناك تحديات كبيرة تواجه الفتوى في الوقت الراهن، مثل التنوع الفكري والثقافي والديني، مشددًا على ضرورة أن تراعي الفتوى هذه التحديات وتكون متجاوبة مع تلك التنوعات.
كما أشار إلى أن "تجديد الخطاب الديني" هو مصطلح جميل، ولكنه يتطلب التعامل معه بحذر حتى لا يُفهم على أنه دعوة للتحرر والانفلات. وأكد أن التخصص في الفتوى أمر بالغ الأهمية، لضمان وجود فتاوى موثوقة تراعي حقوق الله والنفس والمجتمع، وأن هذه المسؤولية الدينية والقانونية والأخلاقية تستدعي وجود خطاب رشيد.
وتحدث الدكتور عياد عن الجهود التي بذلتها دار الإفتاء المصرية في الفضاء الرقمي، من خلال إنشاء صفحات إلكترونية وبوابات وتطبيقات لمواكبة الواقع بنفس السرعة والأسلوب، لكنه أكد أن ليس كل فتوى يمكن الإجابة عليها رقميًا، خاصة في الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية والمواريث، حيث تظل الحاجة قائمة للفتوى الشفهية أو الهاتفية.
وفيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، أشار إلى أنه على الرغم من فوائده في سرعة جمع المعلومات وتنظيمها وفهرستها بسهولة، إلا أن له عيوباً، أبرزها أن البيانات المتاحة قد تكون مترجمة، مما قد يؤدي إلى ترجمات غير دقيقة تحتاج إلى مراجعة دقيقة.
وفي الختام، شدد مفتي الجمهورية على أن الفتوى الرقمية تتطلب فهماً عميقاً ودقيقاً، مع ضرورة تحقيق التوازن بين المعرفة الشرعية ومتطلبات العصر، لضمان تحقيق مصالح الأمة مع مراعاة التطورات التكنولوجية دون التفريط في المبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية.
يُذكر أن فعاليات الدورة الـ56 للمعرض تستمر من 23 يناير حتى 5 فبراير بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، مشاركة 1345 ناشرًا من 80 دولة، ويضم أكثر من 600 فعالية ثقافية متنوعة، وتحل سلطنة عمان ضيف شرف لهذه الدورة، وتم اختيار الدكتور أحمد مستجير شخصية العام، والكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول شخصية معرض كتاب الطفل.


|