القاهرة 27 يناير 2025 الساعة 01:35 ص

كتبت: إنجي عبدالمنعم
تصوير: مجدي رضا
ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته 56، أقيمت في قاعة "فكر وإبداع" ندوة لمناقشة المجموعة القصصية "كي أحتفظ بكفي دافئة" للكاتب صابر رشدي، وشارك في الندوة كل من الناقد الأدبي د. عادل ضرغام، والشاعر عبده الزراع، وأدارها الشاعر أمل سالم.
قال "سالم": "نحن أمام مجموعة قصصية كتبت بمهارة فائقة؛ فاختيار الكلمات جاء في سياقه الصحيح، والجمل تحمل طاقة تجعل القارئ يتأملها بعمق.
وأضاف: "بعض النصوص -التي أراها الأرقى- تختفي فيها شخصية المؤلف تمامًا، ليحل محلها القارئ، رغم وضوح الاتجاه الذي حدده الكاتب مسبقًا. لكن ما هو هذا الاتجاه؟ فالتحديد لا يعني بالضرورة خطًا مستقيمًا بين نقطتين؛ البداية والنهاية، الحكاية والسرد. وحتى هذا الاتجاه المحدد يبقى تحت طائلة الاحتمالات، إذا كان المؤلف واعيًا لذلك، إذ إن الدقة في التحديد قد تحول العمل من سردٍ إلى مجرد حكاية عن حدث حقيقي أو متخيل يحاكي الواقع".
وتابع: أن النص الذي يتأثر بالاحتمالات يحمل استفزازًا داخليًا، وهذا الاستفزاز المستمر يشجع المتلقي على الدخول إلى عالم النص، وإعادة تشكيل هذا العالم من وجهة نظره (القارئ/ النص).
من جانبه، قال الناقد د. عادل ضرغام: "في مجموعة (كي أحتفظ بكفي دافئة) مارس الكاتب نوعًا من الخداع المحبب للقارئ، حيث يوحي العنوان ببساطة ما يقدمه من كتابة فنية، لكن عند الإنصات إلى المكتوب، يدرك القارئ أن هذا العنوان، الذي قد يوحي بالانسحاب، يؤسس لوجود لافت داخل النص القصصي العربي، وأن هذه الكتابة قادرة على خلق حالة فنية والتحليق في مدار خاص بها.
وأوضح ضرغام أن هذا التبسيط الخادع يقودنا نحو استنبات جماليات خاصة، لا تعتمد على الاحتشاد بقدر ما تركز على التصفية وتأسيس نهج أو أسلوب في التعامل مع العالم والارتباط به. قصص المجموعة تمثل كتابة من أعماق النفس بكل مخاوفها وهواجسها، ولا تعطي نفسها بسهولة ضمن تصنيفات جاهزة أو أطر فنية محددة.
وأشار إلى أن هذه المجموعة القصصية تُظهر للقارئ كتابة سهلة البناء، لكنها محكمة، غنية بالمعاني والدلالات والتساؤلات حول وضع الإنسان الهش في مواجهة عالم لا يمكن مواجهته إلا بالمهادنات والألاعيب، حتى يتمكن من الاستمرار، مهادنات تتخذ من الخيال والعجائبي والغريب ملاذًا. العالم في هذه المجموعة يحمل طابع التوحش والضخامة كصفات دائمة، ومواجهة هذا العالم والدخول في تجربة معه لا يمكن أن يتم من منطق القوة، بل من يقين بالعجز، عجز المعرفة، لأن هناك أسئلة -وهي أسئلة كل أدب حقيقي- تطرق أبوابًا مغلقة، رغم يقينها بأنها لن تُفتح أبدًا.
واعتبر أن الأدب، بما يقدمه من حدس وخيال، يمثل السبيل الفعّال للكشف عن جوانب هذه المعرفة، حتى لو كانت المعرفة التي تكتسبها الذات عند حدود الهدهدة أو التبرم المكتوم. فالقصص تتوسل بالخيالي لمنازلة الواقعي.
وفي حديثه، أشار عبده الزراع إلى أن صابر رشدي يعد من أبرز كتّاب القصة القصيرة في جيل التسعينيات. فهو يكتب بشغف كبير، ويجيد فن الاختصار والحذف، حيث إن القصة القصيرة تتطلب مهارة في التكثيف. ويذكر عبده الزراع أن أسلوب صابر يذكره بالقاص الراحل يحيى الطاهر عبد الله، الذي كان يكتب قصصه القصيرة ويعرضها في الندوات الأدبية. يتميز صابر بتركيب قصصه المتماسك، لدرجة أن حذف كلمة واحدة قد يؤثر على بنائها. كما أن صابر رشدي ينتمي إلى القرية المصرية، حيث يستلهم من تراثها الشعبي الغني بالقصص والحكايات والأغاني والأمثال. ومن هنا، استطاع أن يخلق عوالم خيالية مليئة بالجن والعفاريت بمهارة فائقة، متنقلاً بسلاسة بين الواقع والخيال.
يُذكر أن فعاليات الدورة الـ56 للمعرض تستمر من 23 يناير حتى 5 فبراير بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، بمشاركة 1345 ناشرًا من 80 دولة، ويضم أكثر من 600 فعالية ثقافية متنوعة، وتحل سلطنة عمان ضيف شرف لهذه الدورة، وتم اختيار الدكتور أحمد مستجير شخصية العام، والكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول شخصية معرض كتاب الطفل.
|