القاهرة 31 ديسمبر 2024 الساعة 09:30 ص

تحقيق: مصطفى علي عمار
شهد العالم بعد عام 2000 تقدما سريعا في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، بل ويدخل حاليا على الوعي الصناعي، وكل ذلك كان له أثره الواضح على التقدم في الحياة بكل صنوفها الزراعية والصناعية والتجارية وحتى الاجتماعية والتواصل بين الناس، فكان لا بدَّ علينا أن نتطرق لهذا الموضوع المهم وأثره على جوانب الحياة في مصر، وخاصة الجانب الاقتصادي.
وكانت هذه هي الأسئلة التي ناقشناها معهم:
ما هو التحول الرقمي وما أهميته وآثاره على الحياة في مصر؟
وجهود الدولة المصرية في التحول الرقمي وتأثيرها على النمو الاقتصادي.. الفرص والتحديات
حيث التقينا مع الاقتصاديين ورواد التحول الرقمي في مصر
ابتدرنا المهندسة مريم سعدي عبد العزيز التي أوضحت أن: التحول الرقمي هو عملية تبني التكنولوجيا الرقمية في جميع جوانب الأعمال والخدمات لتحقيق الكفاءة، وتعزيز الأداء، وتقديم قيمة مضافة للمستفيدين. فأصبح التحول الرقمي ضرورة حتمية في العصر الحديث حيث تتسارع التطورات التكنولوجية وتزداد المنافسة بين المؤسسات.
وأضافت أن شهادة التحول الرقمي أصبحت ضرورية لطلاب الماجستير والدكتوراه، فهي شرط ضروري للمنح بالماجستير أو الدكتوراه، كما أن التحول الرقمي يُعتبر أداة محورية لتحسين الكفاءة التشغيلية من خلال استخدام البيانات والذكاء الاصطناعي والحوسبة، ويساعد المؤسسات على تحليل البيانات بدقة، واتخاذ قرارات مبنية على معلومات دقيقة، مما يساهم في تحسين الأداء.
ومن أبرز مجالات تطبيق التحول الرقمي قطاع التعليم، حيث أصبحت المنصات التعليمية الرقمية بديلاً فعالاً عن الطرق التقليدية، كما ساهمت التكنولوجيا في تحسين الخدمات الصحية عبر تقديم الرعاية الصحية عن بُعد، وتحليل البيانات الطبية لتقديم تشخيصات دقيقة وسريعة. وفي قطاع الأعمال، مكّن التحول الرقمي الشركات من تحسين تجربة العملاء من خلال التطبيقات الذكية والتجارة الإلكترونية.
وتوضح: رغم الفوائد العديدة، يواجه التحول الرقمي تحديات مثل الحاجة إلى تأهيل الكوادر البشرية للتعامل مع التكنولوجيا، وضمان حماية البيانات والمعلومات الحساسة. لذلك، يجب على الحكومات والمؤسسات الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتعزيز الثقافة الرقمية لضمان نجاح هذه التحولات.
ويمثل التحول الرقمي فرصة ذهبية لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة، فتبني التكنولوجيا ليس مجرد خيار بل هو ضرورة لتجاوز التحديات وتحقيق الريادة في عالم يتجه نحو الرقمية بشكل متسارع.
وهكذا يمثل التحول الرقمي فرصة ذهبية لتعزيز الاقتصاد المصري إذا تم تجاوز هذه العقبات. من خلال الاستثمار المستدام في البنية التحتية والتعليم الرقمي، يمكن لمصر أن تحقق تحولًا اقتصاديًا يعزز من تنافسيتها على الساحة العالمية ويخلق فرص عمل للشباب، خاصة في مناطق مثل أسوان التي تمتلك إمكانيات تنموية هائلة.
تضيف
تستفيد المؤسسات في مختلف الصناعات من فوائد التحول الرقمي فهو يمكن الشركات من تحديث العمليات القديمة وتسريع سير العمل الفعالة، وتعزيز الأمان وزيادة الربحية 90?من الشركات تمارس أعمالها في السحابة.
ومن سلبيات التحول الرقمي خطر فقدان المعلومات، ومن أسباب هذا الخطر مضاعفة قنوات الاتصال. وينبغي تحري الحيطة والحذر من الاتصال الزائد.
ويقول المترجم والأكاديمي بجامعة أسيوط د. سعيد أحمد أبو ضيف: كثر الحديث عن التحول الرقمي والتطور التكنولوجي وقضاياه خلال الآونـــة الأخيـــرة. الحقيقة أن ثورة المعلومات والاتصالات عملت على تعزيز دور ما يعرف بالاقتصاد الرقمي في العديد من جوانب الحياة، وعملت الاتصالات وتقنية المعلومات على دعم قطاعات الاقتصاد من خلال زيادة مستويات الكفاءة وتقليل التكلفة والزمن لإنجاز المعاملات الاقتصادية والتحويلات المالية. وقد أوضحت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تعريف الاقتصاد الرقمي بأنه "جميع الأنشطة الاقتصادية التي تعتمد على استخدام المدخلات الرقمية بما في ذلك التقنيات الرقمية، والبنية التحتية الرقمية، والخدمات الرقمية، والبيانات أو تلك التي يساعد استخدام مدخلات رقمية على دعمها وتعزيزها بشكل كبيرا، بما يشمل جميع المنتجين والمستهلكين، بما في ذلك الخدمات الحكومية".
يضيف: على الرغم من محاولات التحول الرقمي في المجالات الاقتصادية وتطوير الاقتصاد ومساعدة الإدارات والشركات في التوسع والانتشار للوصول إلى أكبر عدد من العملاء المحليين والدوليين من خلال التطبيقات الرقمية، إلا أنه توجد كثير من المعوقات التي تعرقل التحول الرقمي داخل المؤسسات الخاصة والحكومية، أهمها نقص ميزانيات برامج التحول الرقمي والتخوف من مخاطر أمن المعلومات عند استخدام وسائل تحويل الأموال ونقص الكفاءات والقدرات المؤهلة علمياً لتطوير واستخدام برامج التحول الرقمي داخل المؤسسات الخاصة وبالأخص المؤسسات الحكومية.
ويوضح: في الواقع أن الدول العربية لم تصل إلى مرحلة الاقتصاد الرقمي بسبب أنها تعتمد على النمط الاستهلاكي وليس الأنماط الإنتاجية التي من خلالها يمكن قياس مؤشرات نجاح التحول الرقمي لزيادة الإنتاج ودعم التطور الاقتصادي مما يخلق فجوة كبيرة بين الاستخدام الرقمي وجودة الاستخدام لزيادة الإنتاج فأن الاقتصاد الرقمي يعتمد على التقنيات الرقمية التي تعمل على تسويق السلع أو الخدمات الرقمية.
ويختتم كلامه: الخلاصة يجب أن يتم تعزيز تطوير نظم تكنولوجية رقمية وثقافية ومالية أكثر ابتكاراً مقبولة من مؤسسات المجتمع كما يجب تغير نظم التعليم لتوفير المهارات التكنولوجية المتطورة لتحيق تحول اقتصادي رقمي حقيقي وليس تحول وتطور شكلي لا يهدف إلا إلى الاستهلاك بالإضافة الى أهمية صيانة البنية التحتية للاتصالات الرقمية لتحقيق تواصل يتميز بالكفاءة لتحقيق فرص الإنتاج.
وعن التحول الرقمي ودوره في تعزيز الاقتصاد المصري يقول د. محمد فوزي الخبير الاقتصادي ومدير منطقة الصعيد للبنك الأهلي الكويتي سابقا: في عصر العولمة والثورة الهائلة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يبرز الاقتصاد الرقمي كواحد من أكثر القطاعات تأثيرا في الاقتصاد العالمي، وهو لا يقتصر على استخدام التكنولوجيا في العمليات الاقتصادية بهدف رفع كفاءتها وتحسين تنافسيتها فحسب، بل يعيد تشكيل كيف نعيش ونعمل وتتفاعل في مجتمعاتنا المعاصرة في سياق قطاع واعد عالميا متوقع أن يسهم العام القادم بقرابة ربع الناتج الإجمالي العالمي
ويعتمد الاقتصاد الرقمي على عدة مكونات مثل:
البنية التحتية. التقنية والأجهزة والبرمجيات والشبكات خاصة شبكة الإنترنت التي تسهم في خلق فرص اقتصادية جديدة غير مسبوقة
وقد ساعدت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دعم أداء القطاعات الاقتصادية والاجتماعية من خلال مساهمتها في زيادة مستويات الكفاءة عبر تقليل التكلفة والوقت اللازمين لإنجاز المعاملات الاقتصادية والمالية وتوسيع النفاذ إلى الخدمات الحكومية وخدمات الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الزراعية والمالية ومعلومات السوق ومن ثم دعم مستويات الإنتاجية و التنافسية
فهناك علاقة إيجابيه وقويه بين الاقتصاد الرقمي وتحقيق النمو الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة حيث أثبتت الدراسات أثر استخدام الإنترنت على الاقتصاد وتأثيرالرقمنة على الناتج المحلى الإجمالي فعلى سبيل المثال
إن كل زيادة في مستويات انتشار الإنترنت بنحو 10? تسهم في زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج بنسبة تقارب 2.5 ? وذلك في الدول العربية في حين يساهم الاقتصاد الرقمي في اقتصاد الصين بنسبة 40 ? وفى الولايات المتحدة بنسبة 60 ? من الناتج المحلي الإجمالي وذلك وفقا لما جاء بمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، هذا وقد زادت الصادرات العالمية من سلع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بنسبه 4? لتصل إلى أكثر من 2.3 تريليون دولار عام 2020 بما يعكس الاعتماد المتسارع على التقنيات الرقمية خلال جائحة كورونا في العديد من الاقتصاديات وفي الوقت نفسه تراجعت حركة التجارة للسلع التقليدية بنسبه 7.5 ? . ووفقا لتقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار فقد زاد عدد مستخدمي الإنترنت في العالم إلى 5.3 مليار مستخدم أي ثلث سكان كوكب الأرض.
أما بالنسبة لمصر فقد وضعت الحكومة التحول الرقمي على رأس أولوياتها في استراتيجية التنمية المستدامة 2030 حيث تأتى مصر في صدارة الدول العربية المستثمرة في قطاع التكنولوجيا إيمانا بأهمية التحول الرقمي الذى ترتكز استراتيجيته على ثلاث محاور اساسيه وهى:
التحول الرقمي والمهارات، الوظائف الرقمية، والإيداع الرقمي، ولذلك بذلت مصر خلال الفترة الماضية جهودا كبيرة في تفعيل التحول الرقمي في مختلف المجالات ونجحت في تأسيس وتطوير بنية تحتية رقمية قوية مما أسهم في استيعاب الطلب خلال جائحة كورونا واستخدام التقنيات التكنولوجية في مختلف القطاعات لضمان استمرارية الأعمال حيث يبلغ معدل النمو في هذا القطاع 16.3 ? في العام المالي 2022/2023 وهو القطاع الأعلى نمو خلال خمس سنوات متتالية وحقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال العام المالي 2022 / 2023 إيرادات بلغت 315 مليار جنيه بمعدل نمو 75 ? مقارنة بالعام السابق، وإن حجم الاقتصاد الرقمي في مصر سجل 276 مليار جنيه خلال نفس الفترة.
وقد تم تخصيص استثمارات قدرها 83.3 مليار جنيه في خطه عام 2023/2024 لهذا القطاع مقابل 56 مليار جنيه استثمارات عام 2022/2023 بمعدل نمو 48.8 ?.
من ذلك يتضح الأهمية القصوى للتحول الرقمي ودوره المؤثر على النمو الاقتصادي وما بذلته مصر للنهوض بهذا القطاع.
وعن كيفية تطوير التعليم وربطه بالتحول الرقمي يحدثنا المتخصص بمجال البرمجيات والأمن المعلوماتي المهندس أحمد علي سيد أبو الليل قائلا: إن التحول الرقمي في التعليم أصبح ضرورة حتمية لمواكبة التطور السريع وتحسين جودة التعليم وتحقيق أهدافه بفاعلية، والتحول الرقمي ببساطة هو عملية دمج التكنولوجيا الرقمية والحديثة في جميع جوانب الأعمال والخدمات داخل المؤسسات والشركات وجميع المهن والوظائف والأماكن العامة والخاصة، ويهدف هذا التحول إلى تحسين الكفاءة التشغيلية، وتقديم قيمة أفضل للعملاء، وزيادة الإنتاجية والربحية. وايضا يتضمن التحول الرقمي استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، لتحسين العمليات وتقديم خدمات ومنتجات ومختلف التسهيلات والسرعة والدقة أيضا.
يضيف: تأثرت جميع جوانب الحياة بالتقنيات الرقمية الحديثة والإنترنت وتقنية المعلومات، ومن بين القطاعات التي شهدت تحولاً جذرياً بفضل التقنيات الحديثة هو مجال التعليم، وشهد العالم أجمع هذا التطور الكبير ولما له أهميه عظمي ما بين جميع نواحي الحياة المختلفة وايضا من بين القطاعات التي شهدت تحولاً جذرياً بفضل التقنيات الحديثة هو مجال التعليم.
وعن كيفية التحول الرقمي في التعليم يقول:
تعزيز البنية التحتية الرقمية: بتوفير الأجهزة والتقنيات الحديثة في المدارس والجامعات
عن طريق:1
.تطوير المناهج الرقمية: تحديث المناهج لتشمل المهارات الرقمية وتكنولوجيا المعلومات
2. تدريب المعلمين: تقديم برامج تدريبية للمعلمين لتطوير مهاراتهم في استخدام التكنولوجيا في التعليم
3.الشراكة مع القطاع الخاص:
تشجيع الاستثمار: تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في التعليم، بما في ذلك رياض الأطفال والمدارس الخاصة.
التعاون مع الجامعات: تعزيز الشراكات بين الجامعات والقطاع الخاص لتطوير البحث العلمي والتدريب المهني.
إدارة التغيير والتحول المؤسسي:
تأسيس مكاتب للتحول: إنشاء مكاتب لإدارة الاستراتيجية والتحول على مستوى وزارة التعليم
وعن تحسين الأداء المؤسسي يقول:
تطوير مؤشرات الأداء الرئيسية لقياس تقدم عمليات التعليم والتعلم هو خطوة حيوية لتحسين الأداء المؤسسي. هذه المؤشرات تساعد في تقييم مدى تحقيق الأهداف الاستراتيجية والتشغيلية للمؤسسة التعليمية.
وعن دور التحول الرقمي في تعزيز الاقتصاد المصري يقول: له دور كبير في الترقية و لتكبير والوصول إلى مستوى اقتصادي وتعزيزه
و منها:
1-زيادة الكفاءة والإنتاجية: فالتحول الرقمي يساعد في تقليل التكاليف وزيادة سرعة إنجاز المعاملات الاقتصادية، مما يحسن من إنتاجية العمالة ويزيد من تنافسية الشركات
تحفيز الابتكار: من خلال الاستثمار في التقنيات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، يمكن للشركات تطوير منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات السوق المتغيرة.
تحسين جودة الحياة: التحول الرقمي يسهم في تحسين جودة الحياة محن خلال توفير خدمات حكومية رقمية متطورة، مما يسهل على المواطنين الوصول إلى الخدمات بشكل أسرع وأكثر كفاءة
2-خلق فرص عمل جديدة: مع التحول الرقمي، تظهر وظائف جديدة تتطلب مهارات تقنية متقدمة، مما يساهم في تقليل معدلات البطالة ورفع مستوى المهارات لدى القوى العاملة.
وجذب الاستثمارات: بيئة رقمية متطورة تجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، حيث يبحث المستثمرون عن أسواق تتمتع ببنية تحتية تقنية قوية وداعمة للنمو الاقتصادي
3.التحول الرقمي ليس فقط ضرورة للتكيف مع التغيرات العالمية، بل هو أيضًا فرصة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل في مصر.




|