القاهرة 24 ديسمبر 2024 الساعة 09:28 ص

بقلم: أمل زيادة
سكان كوكبنا الأعزاء قارب العام على الانتهاء، كانت الإقامة به رغم منغصات الحياة ممتعة وما زالت؛ ما أجمل أن تعيش بمعزل عن الحزن والنفاق والرياء وما شابه..
الإقامة في كوكبنا ما تزال متاحة لكل راغب في الاستجمام والهدوء والراحة...
يسألني رواده عدة أسئلة أرى أنها تستوجب الإجابة والاهتمام، يتساءلون لماذا نكتب؟ ولماذا أتمسك بالكوكب التاني؟ لماذا لا أفقد الأمل في التغيير؟، لماذا أبحث عما نفتقده في حياتنا بحماس؟ لماذا أشجع وأدعم كل صاحب مهنة وحرفة إبداعية؟ لماذا أفرح بالإنجازات الصغيرة قبل الكبيرة؟ لماذا أتحدث عن الحب والإيثار والعطاء والتفكير الايجابي؟! رغم تغيير مفاهيمنا لمثل هذه الحاجات الجميلة -أصفها هنا بالحاجة ربما يعتبرها البعض لفظ دارج لكني أكتبها بتعمد كوننا بحاجة ماسة لهذه الأيقونات التي يراها البعض طور الاندثار شأن كل شيء جميل مر بحياتنا-.
ما زلتُ أصر أن كوكبنا التاني لم يعد مجرد مكان تخيلي ترفيهي نقصده بهدف الترويح عن النفس، وإنما أقصده بصفة خاصة كونه محفزًا للكتابة، ففيه بيئة خصبة للكتابة وتنمية الخيال يكفي أنكم به وهدوءه الذي أصبح من أهم مميزاته النادرة وسط عالمنا الصاخب.
يسألوني لماذا نكتب لذا قررت أن أجيب على سؤالهم الذي قد يبدو محيرا أو غامضا للبعض؟!
إننا نكتب إما بحثًا عن التطهر بفعل البوح، أو للبحث عن وسيلة للعلاج بإحدى الوسائل الإبداعية المتعارف عليها ومنها الكتابة.
نحن نكتب ليس بحثا عن شهرة أو مال بقدر ما هو الرغبة في ترك أثرا إيجابيا في الآخرين.. يكفي أن تعرف أن هناك من ينتظر ما تكتب أو أن ما تكتب كان سببا في تغير يومه أو تحسين حالته المزاجية.. الكتابة فعل فردي لكن تأثيره جمعي.
تعد الكتابة أحد أهم وسائل التعبير الإنساني التي تُميز البشر عن غيرهم من الكائنات، لعبت الكتابة دورًا محوريًا في تطوير الحضارات ونقل المعرفة والأفكار عبر الأجيال، لأنها ليست مجرد وسيلة لتوثيق الأحداث أو تسجيل الأفكار، بل هي أداة للتعبير عن الذات، وحفظ التراث، وبناء الهوية.
وحدها الكتابة تمكن الفرد من التعبير عن مشاعره وأفكاره بطريقة منظمة ودقيقة، من خلال الكتابة، يمكن للإنسان أن يترجم ما يدور في ذهنه من أفكار مجردة إلى كلمات ملموسة تصل إلى الآخرين، سواء أكانت كتابة أدبية، علمية، أو حتى شخصية، فإنها تتيح مساحة للتأمل والتواصل مع الذات والآخرين.
الكتابة هي العمود الفقري للعملية التعليمية، من خلالها، يتم تسجيل المعارف وتوثيق الاكتشافات والاختراعات، لولا الكتابة، لكانت المعرفة محصورة في نطاق ضيق تنتقل شفهيًا وقد تضيع مع مرور الزمن، الكتب والمخطوطات هي شاهد حي على التطور العلمي والفكري للإنسانية.
في عالم مترابط، أصبحت الكتابة أداة رئيسية للتواصل بين الأفراد والثقافات، الرسائل الإلكترونية، المقالات، والتقارير تعبر الحدود لتصل إلى جمهور عالمي، الكتابة تسهم في تقريب المسافات ونقل الأفكار بطرق تتيح الفهم المتبادل وتعزز التعاون.
هي الجسر الذي يربط الماضي بالحاضر، من خلالها، نحتفظ بتفاصيل التاريخ، العادات، والتقاليد التي تُشكل هويتنا، الوثائق التاريخية والآداب الكلاسيكية تسلط الضوء على تجارب الشعوب وتحفظ قيمهم للأجيال القادمة.
تساعد الكتابة الأفراد على التفكير النقدي وتحليل الأفكار، عندما يكتب الشخص، فإنه يعيد ترتيب أفكاره بطريقة منظمة، مما يعزز قدرته على التعبير بثقة. كما أن الكتابة الإبداعية تُنمي الخيال وتفتح آفاقًا جديدة للإبداع،
لأنها فن ووسيلة للتغيير والإلهام، من خلالها، يمكن للإنسان أن يترك أثرًا خالدًا في هذا العالم لذا، يجب علينا أن نُدرك قيمتها ونسعى لتطوير مهاراتنا في الكتابة، لأنها الوسيلة التي تربط بين الفكر، التعبير، والتواصل في نسيج واحد.
لذا أنصح الجميع بممارسة الكتابة اليومية، ربما ما تدونه من شذرات تصبح مرجعا مجتمعيا ممثلا لحقبة تاريخية تعيين مؤرخي المستقبل في رسم صورة مماثلة وصادقة عن مراحل قد تمحى بفعل الآخرين عن قصد وتعمد، لا تنسوا أن المستشرقين اعتمدوا في كتبهم البحثية على تبادل رسائل شخصية بين أفراد الأسرة الواحدة اعتمدوا عما ورد بها من حكايا ومواقف رسمت شكل المجتمع في زمن ما.
اكتبوا لتتعافوا من عيوب الزمن اكتبوا للتعبير عن الامتنان لوجودنا بقرب من نحب أو لتحققينا لأهداف ظننا أنها لن تتحقق..
اكتبوا تنفيسًا عن الغضب.. اكتبوا عن الحب والسلام والخير فقط.. اكتبوا، واكتبوا، واكتبوا.
|