القاهرة 26 نوفمبر 2024 الساعة 10:10 ص
محمود الدخيل ـ الأردن
تقدم رواية "فراري" للكاتبة السورية ريم بدر الدين بزال مجموعة من المصائر المتباينة لشخصيات كُتب عليها أن تلتقي في سياقات مكانية وزمانية متقاطعة.
وجاءت الرواية الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 184 صفحة من القطع المتوسط، وتقع معظم أحداثها في مناطق ريفية بعيدة عن المدن، لكن المدينة تبقى حاضرة في أكثر من مرحلة بوصفها مهربًا تلجأ إليه الشخصيات حين تعجز عن مواجهة الواقع المفروض عليها.
وتبدو الطبيعة البكر الهادئة في ظاهرها حبلى دائمًا بالمفاجآت، وتفرض الظروف الصعبة والقاسية على الجميع حالة من الترقب لما يمكن أن تتمخض عنه الأيام المقبلة.
أما زمان الرواية فيشير إلى آخر أيام الدولة العثمانية، وما اكتنف تلك الأيام من ظلم وتسلط على العباد؛ الأمر الذي يضفي حالة من الغموض على كثير من الأحداث، ويشير إلى حالة من الغليان والرغبة في الخروج إلى واقع جديد.
وتظهر المرأة بوصفها عنصرًا محوريًّا في الرواية، سواء بما يقع عليها من ظلم في المجتمع، أو بما تتعرض له من أطماع واعتداءات تتناول كيانها الجسدي. وتبرز كذلك بوصفها حبيبة مشتهاة، وزوجة مخلصة، وأمًّا حنونًا، وهي تتردد بين حالين؛ فهي حينا عنصر ضعيف لا يملك هامشًا كبيرًا للحركة، وحينًا آخر عنصر مؤثر وقادر على تغيير مسار الأحداث.
تصف الكاتبة ضعف المرأة على لسان إحدى بطلات الرواية:
"لم يكن خطأي أنا، لكنني تحملت كامل العقوبة. في الليلة التي سبقت وفاة أمي كان أبي مخمورا، أتى إلى غرفتي وراودني عن نفسي، مزق ثيابي وأنا نائمة، صرخت بأعلى صوتي، اندفعت أمي إلى الغرفة، دفعته خارجا، دثرتني وخرجت وراءه ولم أرها مرة أخرى إلا زرقاء باردة. لكن الهمس سرى في القرية كلها، كانوا يقولون إنني ممسوسة، ورغم أن أغلب شباب القرية تهافتوا لينالوا مني كلمة ترضيهم قبل وفاة أمي، تجاهلوني بعدها كأنني لم أكن. باعني أبي بثمن بخس للرجل الذي احتاج إلى أن يتمم أثاث بيته بامرأة صغيرة وجميلة".
وتنتهي الرواية نهاية درامية يتخللها جانب إنساني تلتقي فيه الأم بابنها بعد أن فقدته سنوات طويلة، ما يفتح الأفق لمستقبل تنتقل فيه الشخصيات إلى مصير أفضل.
|