القاهرة 14 اغسطس 2024 الساعة 10:01 ص
حوار: إيمان السباعي
رغم مشاركته في العديد من الأعمال الدرامية يؤكد الممثل والمخرج المسرحي عبد الباري سعد أن المسرح بيته وملاذه دائمًا ويراهن أن المسرح قادم لا محالة، فيما قدمه من أدوار كممثل أو عروض كمخرج راعى رسالة المسرح فهو فن الوعي وفن اليقظة وطرح الأفكار الجديدة بالإضافة إلى كونه فن المتعة والضحك..
في الدورة السابعة عشرة من المهرجان القومي للمسرح المصري والتي تحمل اسم فنانة قديرة ممن ساهموا في مسيرة تطور المسرح المصري الطويلة وهي الفنانة سميحة أيوب، يشارك الفنان عبد الباري سعد مخرجا في المسرحية الغنائية "مع الشغل والجواز" التي حاز عنها من قبل جائزة مهرجان إبداع لأفضل مخرج، وممثلا في مسرحية "والعشاء على شرفك" من إخراج محمد فاروق عن مسرحية "مطعم القردة الحية" للكاتب التركي جونكور ديلمان، ورغم ما قد يبدو من اختلاف بينهما فكلا العرضين : عن الشغل والجواز التي تُشرّح الواقع في إطار فانتازي وتكشف ما به من زيف وتتساءل عن قيمة الحياة مع تخلي الإنسان عن نفسه الحقيقية، و"العشاء على شرفك" الذي يتبنى قضية الإنسان ربما إنسان العالم الثالث تحديدا في مواجهة ثراء الرأسمالي الغربي رجل النفط الذي التهم إنسانيته وحاضره ومستقبله يعبران عن المسرح الذي يحبه وينتمي إليه عبد الباري سعد الذي كان لمجلة مصر المحروسة معه هذا الحوار:
*دورك في "والعشاء على شرفك" دور شديد الحساسية ومحمل بالكثير من الرسائل والمشاعر والأفكار فحدثني عنه؟
منذ قراءة دور "وونك" تحمست له جدا وتعاطفت معه ، أنه يحمل قضية إنسانية تتمثل في شعور الإنسان بالمسؤولية تجاه حياة البشر، بل وأية حياة على الأرض، يزداد هذا التعاطف لكونه شاعرا وكاتبا لديه من الوعي والأفكار والمشاعر ما يجعله رافضا للظلم والقهر وهيمنة رأسمالية الغرب واستغلاله للشرق، وقبل هذا كله يقف في وجه القتل، لذا يثير حفيظته ما سيقوم به هذا الثري الذي يمثل "الغرب" من أذى لهذا الحيوان "القرد" فيتعاطف معه ويقوم بمغامرة لتحريره ويواجه بإنسانيته العزلاء الأثرياء أصحاب الوليمة الوحشية الذين يرغبون في تناول مخ القرد حياً، وبعد هروب القرد سيأكلون مخ وونك الإنسان والكاتب الشاعر المستنير المناهض لما يفعلون ولا يخفى رمزية أكل "المخ" بالتحديد ودلالتها من سيطرة وغزو حقيقي أو ثقافي على الشرق من غزو الأرض والسيطرة على مقدراتها لغزو الإنسان في الشرق ومحو هويته واستلاب عقله.
*لكن.. هل يبدو منطقيا أن يصل الأمر إلى تضحية وونك بحياته من أجل القرد؟
القرد يمثل كائنا حيا قد يكون مكانه أي كائن حي..أي شخص منا.. وهكذا فكر الشاعر وونك، اختيار القرد لكونه الأقرب في تكوينه للإنسان، القرد و"وونك" كلاهما يواجهان المصير ذاته لذا كان هناك تماس بينهما فضحكة وونك الرفيعة الصاخبة التي أثارت ضحك الجمهور ألا تشبه ضحكات وصرخات القرد؟ وكذلك حركة وونك في المشهد الذي جمعه بالقرد جلسته نفسها وانحناءه الطفيف كأنه يسكن قفصه وحركات أنامله النحيفة يتفاعل القرد مع مأساة وونك أيضا ويربت على كتفه كأنها مأساة كل المستضعفين والمقهورين من قبل عدو واحد لا يرحم، لكن ما زاد حماسة وونك هو رغبته في شفاء ابنه، فقد قرر أن يتبرع بقلبه لابنه لتُجرى العملية الجراحية وينقذ حياته والثري يتبرع بالمال اللازم لهذا في صفقة بينهما.
*ما أهمية المشاركة في المهرجان القومي للمسرح المصري بالنسبة لك؟
أشارك في الدورة ال 17بعرضين كمخرج"مع الشغل والجواز" وممثل "والعشاء على شرفك"، بالنسبة لي كل دورة في المهرجان القومي للمسرح تعني لي الكثيروكل دورة لها خصوصيتها، وكل عام أحاول تطوير ما أقدمه لأكون راضيًا عنه أمام نفسي أولا وليكون الأفضل فيما أقدمه لجمهور المسرح.
*الفنان في داخلك..أين يجد نفسه وطموحه في الإخراج أم التمثيل؟
أجد نفسي ممثلا أولا قبل أن أكون مخرجًا، فلا أتجه إلى الإخراج إلا إذا كانت هناك رسالة أريد إيصالها للناس، نص قرأته وتأثرت به أو فكرة جديدة جعلتني راغبا في تقديمها على المسرح وهذا لا يحدث كثيرا.
*ما سمات العرض الجماهيري الناجح في رأيك؟ وهل المسرح لا يزال فنا جماهيريا على نطاق واسع أم فن للنخبة والمهتمين بالمسرح فقط؟
العرض الجماهيري الناجح هو العرض الذي يستمتع به الجمهور ويتأثر به ويحب أن يراه أكثرمن مرة لأنه يأخذه بعيدا عن ضغوط الحياة، والمسرح ليس فنا للنخبة فقط أبدا فله جمهور وواثق أنه قادم وسيجذب الجمهور يومًا بعد يوم.
*المسرح هو فن الوعي والتغيير بالإضافة إلى الضحك، ألا ترى معي أن المسرح الخاص يكتفي بأن يكون وسيلة إضحاك؟
لا أتفق مع أن المسرح الخاص أصبح وسيلة إضحاك فقط، فلا يزال هناك عروض مسرحية جيدة وتقدم مسرحا جادا به الكوميديا والتراجيديا، بعض أصحاب المسارح الخاصة يقدمون الكوميديا كوسيلة لجذب الجمهور والكوميديا الجيدة غير المبتذلة نادرة.
*ما أهم المحطات في مشوارك المسرحي؟
بدأت مشواري المسرحي منذ عشر سنوات تقريبا وأعتبر نفسي لا زلت في البداية ويوجد الكثير من المحطات منها أول جائزة في الإخراج جامعة المنصورة أفضل مخرج عن عرض "نقطة ومن أول امبارح "، وأفضل مخرج مركز أول مهرجان المسرح العربي عن العرض نفسه فالعرض حقق نجاحًا كبيرا. أفضل ممثل مركز أول عن دور كارل في "لن يغنون ثانية" جامعة المنصورة، أفضل ممثل في مهرجان المسرح الجامعي عن دور جيري في مسرحية "قصة حديقة الحيوان"، ثم أنهيت مسيرتي كهاوٍ والتحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حصلت على شهادة التميز عن دور باتيست في مسرحية "المتجول "، وأفضل ممثل عن دور "وونك" في مهرجان المسرح العالمي بالمعهد العالي للفنون المسرحية، أفضل مخرج في مهرجان إبداع /المسرح الغنائي عن "مع الشغل والجواز".
*شاركت في أعمال درامية عديدة فهل هناك جديد قريبا؟ وهل من الممكن أن يصبح المسرح بالنسبة لك مرحلة إذا انشغلت بالسينما أو بأعمال درامية للتليفزيون؟
آخر الأعمال التي شاركت بها مسلسل "إلا الطلاق" بطولة إياد نصار وإخراج محمد بركة، و"رسالة الإمام" بطولة خالد النبوي ومن إخراج المخرج السوري الليث حجو، أما المسرح فهو بالنسة لي بيتي وملاذي ولن يكون أبدًا مرحلة أتخطاها.
|