القاهرة 19 نوفمبر 2023 الساعة 11:40 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
ها قد التقينا من جديد.. أحدثك اليوم وأنا خارج حدود الوطن، من فوق البحر المتوسط أكتب لك رسالتي هذه، أعبر للجانب الآخر من البحر المتوسط في رحلة تستغرق 4 ساعات.
لا أخفي عليك أن للسفر رهبة، ربما لكوني أسافر وحدي لأول مرة لدولة أوروبية، لا أتقن إلا الإنجليزية، أمام لغة تشبه الإيطالية التي تعلمتها منذ سنوات، اعتمد على ذاكرتي المحدودة لا سيما بعض المرادفات التي قد تتشابه في النطق والمعنى!
راقني الاهتمام بالنظام والنظافة وحب الحياة، هواءهم غير هواءنا، أشجارهم غيرنا، لا يوجد تلوث أو ضباب عالق بطبقات الجو العليا، ألسنا نعيش فوق ذات الكوكب ونتعرض لذات الملوثات والتهديدات الكونية؟! لماذا تبدو الصورة لديهم بهذا النقاء؟! الصور التي التقطتها تشبه تلك التي نضيف إليها فلاتر لتحسين جودتها! الصور لديهم لا تحتاج للتنقية!
اكتشفت أنه على الجانب الأخر من هذا العالم توجد حياة مختلفة تمامًا! هناك أناس كل همهم الحصول على قسط وافر من الحب والسعادة وراحة البال.. وددت لو كانت أمي على قيد الحياة كنت اصطحبتها معي لترى هذا الجمال هذا الهدوء والسمو الإنساني!
هذه البلاد صاخبة لا تنام، وجوهم ليست عابسة، أصواتهم تضج بالنشاط وبالحياة، رغم أن من أسعدني الحظ بالتعامل معهم عبارة عن خليط من عدة جنسيات، رغم ذلك غمرني أهل البلد أنفسهم بالترحاب والود فهم شعب مضياف كريم، لم اشعر بكوني في بلد أخر ربما لوجود العديد من الجنسيات لا سيما المغربية منها..
برشلونة تلك الساحرة.. قطعة أصيلة من أسبانيا مليئة بالمتاحف والمسارح التي تجولنا فيها ضمن برنامج الرحلة.. جدران شوارعها تشهد بمدى تقديسهم للفن والتاريخ.
عزيزي عمر خورشيد،،
وصلت لمكان الحفل بعد أن وضعت حقائبي في الفندق، وصلت لمكان التكريم بعد أن قابلت الفائزين ممن تمكنوا من الحضور بعد أن تخلف عن الحضور خمسة فائزين، تخلف عن الحضور لأسباب عدة نصف الفائزين، لنصبح خمسة فقط ممن أسعدهم الحظ بالحضور، من مالطا، وفرنسا، وأنا ممثلة لمصر، وآخرين من لبنان، وتركيا.. تعارفنا سريعا بعد أن تقابلنا في الحافلة الخاصة التي اقلتنا من الفندق لمكان الحفل..
مرت فقرات الحفل بسرعة رغم طولها، ووجود الضيوف من كبار المسؤلين من دول حوض البحر المتوسط، نادوا على اسمي أولاً كوني صاحبة المركز الأول، اعتليت المسرح بسعادة غامرة، وتسلمت جائزتي، وصافحت الموجودين ممن اصطفوا على الجانبين من مسؤولي المسابقة وكبار رجال الدولة وضيوف الشرف، سلمني الجائزة أشهر ممثل مسرحي أسباني وأيقونة المسرح الاسباني الفنان "سيرجي لوبيز"، توالت فقرات الحفل الغنائية في مهرجان فني تم الإعداد له جيدًا.
أجمل ما في الحفل بدايته حيث أبدوا دعمًا للقضية الفلسطينية، وتعاطفًا كبيرًا مع ضحايا الحرب وحصار غزة، ثم تحدثوا عن موضوع المسابقة وكيف أني والفائزين تم اختيارنا من بين 600 مشارك من دول حوض البحر المتوسط.
عزيزي عمر خورشيد،،
انه لشرف لي فوزي في هذه المسابقة الإقليمية الهامة، وكما سبق وأوضحت أجمل ما في هذا الأمر كون القصص الفائزة سيتم ترجمتها للغات دول البحر المتوسط، العربية والتركية، والاسبانية، والايطالية، والفرنسية، وغيرها من لغات ولهجات إقليمية لبعض الأقاليم التي تخوض حروبا انفصالية وتطل على ساحل البحر المتوسط.
عزيزي عمر خورشيد،،
بقدر سعادتي بفوزي، بقدر أن السعادة لم تعد كالسابق، لم يعد هناك أي شيء كالسابق، لم يعد الشعور بأي انجاز مكتمل! كنت أود أن ترى أمي ثمرة جهودها، نبتها التي تفاخرت بها أمام الجميع حتى وهي على فراش الموت!
كيف أصبحت، وماذا حققت!
عندما ماتت أمي أخبرت أبنائي أنني سأفوز في المسابقات التي طالما رغبت في الفوز بها بيقين تام.
تساءلوا لماذا؟! فقلت: لأن من كنت أشارك لأجلها رحلت عن عالمنا!
أعلم أن كل شيء مقدر ومكتوب، لكني ككل الأبناء كنت أود أن تشاركني أمي هذه اللحظات النادرة التي أمر بها للمرة الأولى على المستوى الدولي.
هناك أشياء عندما تأتي مهما كانت أهميتها تفقد رونقها لغياب من نحب.. هناك أشخاص غيابهم عنا لا يعوضه نجاحات أو جوائز العالم.
عزيزي عمر خورشيد،،
كن على الموعد، لأخبرك بالمزيد.
|