القاهرة 24 اكتوبر 2023 الساعة 11:58 ص
كتب: صلاح صيام
كلمات الأغاني التي صدح بها الموسيقار فريد الأطرش، في أوبريت «آدي الربيع عاد من تاني»، وتمايلت على نغماتها برقصاتها المميزة سامية جمال، لتصبح فيما بعد ملخصًا للعلاقة التي جمعت بين أشهر ثنائي في عالم الفن قبل منتصف القرن الماضي، حيث جمعتهما الصداقة والحب وتألما بنار الفراق واللوع.
سامية جمال من أروع الراقصات في تاريخ الفن المصري، ارتبطت حياتها بالعديد من القصص والحكايات، لعل أبرزها قصة حبها للمطرب والموسيقار فريد الأطرش الذي كان فتى أحلامها وهؤ صغيرة.
وبمجرد الالتحاق بفرقة بديعة مصابني عام 1940 غيرت زينب خليل إبراهيم محفوظ اسمها ليصبح سامية جمال، وفي كازينو مصابني اجتمعت سامية جمال مع فتى أحلامها فريد الأطرش الذي كانت مغرمة به حين كانت في الصعيد (بني سويف) حيث نشأت.
وصفت سامية جمال إحساسها بفريد الأطرش في لقاء مع الإعلامي طارق حبيب وهي تقول: "لما سمعت صوته في الإذاعة حبيته أوي أوي، ورغم أن مكنش عندنا راديو كان لازم أسمعه، وكنت بهرب من البيت أروح عند الجيران عشان أسمعه وأقول لصاحبتي علّي شوية عشان أسمع صوته".
وتابعت سامية جمال: "في شهر مارس عام 1940، كان في مجلة منزلة صورته، حرمت نفسي من الأكل واشتريت 10 نسخ منها، وكانت دي أول مرة أشوف شكل فريد الأطرش، والمجلة دي لقيتها في الأول في إيد طفل صغير في الشارع، وسألته: صورة مين دي يا حبيبي؟ لقيت في صوت من ورايا بيقولي: ده أنا، ببص لقيت فريد ورايا، روحت أُغمى عليّا، ودي كانت أول مقابلة".
بدأت سامية جمال مشوارها السينمائي بالظهور أمام فريد الأطرش صامتة من خلال فيلم "انتصار الشباب" (1941) وهو يغني: "جاد الزمان بقربنا.. ونلنا في الدنيا الهنا.. الحب جمع شملنا.. يا فرحنا يا سعدنا".
وكانت طيلة فترة التصوير داخل أحد الاستديوهات، تسعى بشقاوتها وخفة ظلها أن تتودد إليه لتخطف نظر فريد الأطرش إليها، وفي إحدى الليالي، حسب ما حكى الناقد الفني أحمد السماحي، كان «فريد» موجودًا داخل الكازينو بصحبة حبيبته الثرية، وما إن رأته سامية جمال خلال رقصتها، ظنت أنه جاء لرؤيتها، وذهبت إليه لترقص بجواره وتفاعل معها بدوره فرحًا بالرقصة المميزة، حتى غضبت الحبيبة التي قامت بإهانتها أمام الجميع، لتخرج «سامية» قبل أن تكمل رقصتها، ويضطر «فريد» لصفع الفتاة الثرية التي كانت بصحبته على وجهها لنظرتها الدونية لأهل الفن.
وفي اليوم التالي أجرت «سامية» اتصالًا هاتفيًا بالفنان فريد الأطرش، لتهنئه على ما نشر في الصحف عن موهبته المميزة، ليخبرها بدوره أنه ذهب إلى غرفتها بالكازينو لمصالحتها، لكنها كانت قد غادرت، ليبدأ بعدها صداقة تقوى أواصرها، بعد وفاة شقيقته أسمهان غرقًا، ليجد «فريد» في «سامية» ملاذًا آمنًا للهروب من أحزانه.
بعودها الياسمين وابتسامتها الساحرة فتنت سامية جمال جمهورها وهي تظهر مع فريد الأطرش كثنائي ناجح من خلال 6 أفلام هي "حبيب العمر، أحبك أنت، عفريتة هانم، آخر كدبة، تعالى سلم، وماتقولش لحد".، وحين انتشرت شائعة الزواج أنهاها فريد الأطرش وهو يرفض الزواج من سامية جمال.
وفسر الإعلامي محمود سعد رفض فريد الأطرش الزواج من سامية جمال ذاكرًا عدة أسباب "الأول أن فريد كان يرى أن الفنان مينفعش يتجوز فنانة لأن الفنان حياته صعبة جدا ومينفعش الاتنين يبقوا بهذا الشكل".
والسبب الثاني حسب محمود سعد "أن الصحافة قالت إن أفلامه اللي بتنجح دي بسبب الراقصة سامية جمال، وإنه لو طلع من غيرها منفردا مش هيساوي حاجة، وهو دماغه ناشفة شوية، فكبرت في دماغه، وعمل قصص كتير مختلفة بدونها وكسرت الدنيا، حياة فريد الأطرش منذ بدأت حتى رحيله كان في محاولة لإثبات أنه يستحق النجاح منفردا".
فريد الأطرش أيضًا حكى ذلك في حوار نادر له قال فيه: "قالوا عليّا إن سامية جمال هي اللي نجحتني بسبب رقصها في أفلامنا، حبيت بعدها أوري الجميع إن الجمهور بيقدر أي عمل فني جميل، ودخلت في تحدي كبير وعملت فيلم اسمه (لحن الخلود)، وأثبت للناس إن الفن الأصيل ينجح بدون إثارة، وقصدت به أرد على كل الألسنة، والحمد لله كان الرد قاطع، وبعدين كملت وقدّمت كل الأفلام اللي بعده من غير رقص".
رفض فريد الأطرش شكل صدمة كبيرة للفنانة سامية جمال فانسحبت من العمل معه وفق السيناريست محمد الغيطي الذي سرد نهاية العلاقة في برنامجه الحكواتي قائلا "سامية جمال كانت أول أنثى أحبها فريد الأطرش حبًا حقيقيًا، وهي عشقته عشقًا رهيبا قبل زواجها من رشدي أباظة، قدّموا معًا عدة أفلام وكونا ثنائيًا غير عادي، سامية سألت فريد الأطرش: أنت عندك استعداد تتجوزني؟ فلم يرد، وبعدها سألت شقيقه الذي رد عليها برد استفزّها للغاية وعمل وقيعة بينهما، قالها: هو من بيت أمراء.. إنتي تتصوري أن أمير من عائلة الأطرش يتجوز رقاصة؟". حينها سامية جمال كانت تصور فيلما مع فريد انسحبت منه ولم تُكمله، وسافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتتزوج رجلًا أمريكيًا كان قد عرض عليها الزواج في مصر، وظلت معه نحو عام قبل أن تعود مجددًا إلى مصرلتتزوج رشدي أباظة".
|