القاهرة 12 سبتمبر 2023 الساعة 01:57 م

كتب: أكرم مصطفى
في عالم صوفي ولغة تحمل بلاغة نثرية خاصة تأتي نثريات " ضمة من زعتر بري في جملة مفيدة" للكاتبة الفلسطينية إيناس خورشيد فاهوم، حيث صدر الكتاب عن "الآن، ناشرون وموزعون" بالأردن، وضم مقطوعات نثرية تراوح فيها الكاتبة بين النثر والشعر، لتقدم خطابا أخلاقيا وسيسيولوجيا يكشف عن معاناة الإنسان وأحلامه وطموحاته وقلقه الوجودي.
كل نص في هذه المجموعة يمثل لوحة ملونة معبّرة، وقصة سردية نابضة، حاملًا أفكارًا متجددة تحاكي حيوات عدة بتفاصيلها الدقيقة التي تحمل حياة شرعية بكل قوتها.. حياة قوية بكل عنفوانها.. حياة أبدية بكل عشقها السرّي الذي لا يفهمه إلا إياها.
نقرأ للفاهوم في أحد النصوص:
"على عتبة النَّصِّ
هناكَ دائمًا
أنت
كلّ الضمائر تعود عليك.
أحيانًا كثيرة
تكون
أنتَ الصوت..
وأحيانًا أخرى
العطر..
هذا الصباح
أنتَ شمس حزيران
تشرق في قلبي
تجالسني على شرفة يومي
وأشرب قهوتي معك".
هذا الذكاء في السيطرة السلسة على المتلقّي في نقل ثيماتها صورًا متحركة إلى ذهنه هو ما يميز نثر الكاتبة وكتاباتها، تشدّك إليه الموسيقى الداخلية والفكرة الخاطفة بلغتها الفضفاضة وحداثية الملمس حد البكارة.
هذه النصوص اعتنقت روح الابتكار على مستويات عدة، ومنها الحالة النثرية، المفردة الجديدة غير المستهلكة، حالة الإدهاش، المفارقة فى النهاية بعيدًا عن الرتابة..
نقرأ في نص آخر:
"يحدث
أن يُصاب البحر بالغثيان..
تنقلب الأمواجُ باتجاه الأفق
فتنجو الرمال.
ترتبك الحيتان
بين الأزرقين.
ويشرب ملحَهُ الماء
وبدلاً عن الأعماقِ
تختارُ اللآلئ
النزوح إلى الشطآن.
هكذا
عثرتُ عليك
ذات جَزْر".
وتحرص الكاتبة على شفافية اللغة وانسيابيتها، مع ترك المجال مفتوحا للتأويل، لا سيما أن النصوص جميعها لا تحدد مخاطَباً بعينه، وتنزع في جانب منها إلى الغموض الذي يستفز القارئ للبحث في دواخل الكاتبة وفهم الإسقاطات التي تحتملها الجُمَل. كما أن الوحدة الموضوعية للنصوص التي تَجاوز عددها مئة نص يضيف إلى التأويل إمكانيات جديدة، فيغدو الكتاب أشبه بحديقة عملاقة، ذات ثراء وحيوية وغاية تسير إليها الكلمات:
"الكُلُّ يَعلَمُ أنَّك غامِضٌ
الكُلُّ يَعلَمُ عن حدائِقِكَ الغريبة
يقولون إنَّكَ تُربِّي بها أنواعًا من الضّحِكاتِ
لكِنَّكَ لا تَسْتَعمِلُها
الكُلُّ يتساءَلُ لِمَنْ تزرع كلَّ هذا؟
وأحيانًا أنا أيضًا.
أمس كان موسمَ قَطْف الأزهارِ
الكُلُّ رأوكَ تقطف باقةً من الضّحِكاتِ..
وحدي أنا
سَمِعتُ أصواتَها تُدَوِّي
في قَلبِي".
يذكر أن إيناس خورشيد فاهوم كاتبة نشأت في قرية ترشيحا بالجليل الأعلى، وتقيم في مدينة الناصرة بالجليل الغربي. تحمل درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية وتخطيط المدن، والماجستير في إدارة الأعمال (تخصص إدارة وتخمين العقارات). تعمل في مجال الهندسة المعمارية وتخطيط المدن. تُرجمت بعض نصوصها إلى اللغة الألمانية ونُشرت في كتاب بعنوان "Orientalischen Seele" (روح شرقية) صدر عن دار الدراويش، كما تُرجمت بعض نصوصها إلى الفرنسية ونُشرت في كتاب بعنوان "FLORILEGE AU FEMININ" (قطاف نسائية) صدر عن دار مقاربات.
باب: أخبار وأحداث
إشراقات صوفية في "ضمّة من زعتر بري في جملة مفيدة"
كتب: أكرم مصطفى
في عالم صوفي ولغة تحمل بلاغة نثرية خاصة تأتي نثريات " ضمة من زعتر بري في جملة مفيدة" للكاتبة الفلسطينية إيناس خورشيد فاهوم، حيث صدر الكتاب عن "الآن، ناشرون وموزعون" بالأردن، وضم مقطوعات نثرية تراوح فيها الكاتبة بين النثر والشعر، لتقدم خطابا أخلاقيا وسيسيولوجيا يكشف عن معاناة الإنسان وأحلامه وطموحاته وقلقه الوجودي.
كل نص في هذه المجموعة يمثل لوحة ملونة معبّرة، وقصة سردية نابضة، حاملًا أفكارًا متجددة تحاكي حيوات عدة بتفاصيلها الدقيقة التي تحمل حياة شرعية بكل قوتها.. حياة قوية بكل عنفوانها.. حياة أبدية بكل عشقها السرّي الذي لا يفهمه إلا إياها.
نقرأ للفاهوم في أحد النصوص:
"على عتبة النَّصِّ
هناكَ دائمًا
أنت
كلّ الضمائر تعود عليك.
أحيانًا كثيرة
تكون
أنتَ الصوت..
وأحيانًا أخرى
العطر..
هذا الصباح
أنتَ شمس حزيران
تشرق في قلبي
تجالسني على شرفة يومي
وأشرب قهوتي معك".
هذا الذكاء في السيطرة السلسة على المتلقّي في نقل ثيماتها صورًا متحركة إلى ذهنه هو ما يميز نثر الكاتبة وكتاباتها، تشدّك إليه الموسيقى الداخلية والفكرة الخاطفة بلغتها الفضفاضة وحداثية الملمس حد البكارة.
هذه النصوص اعتنقت روح الابتكار على مستويات عدة، ومنها الحالة النثرية، المفردة الجديدة غير المستهلكة، حالة الإدهاش، المفارقة فى النهاية بعيدًا عن الرتابة..
نقرأ في نص آخر:
"يحدث
أن يُصاب البحر بالغثيان..
تنقلب الأمواجُ باتجاه الأفق
فتنجو الرمال.
ترتبك الحيتان
بين الأزرقين.
ويشرب ملحَهُ الماء
وبدلاً عن الأعماقِ
تختارُ اللآلئ
النزوح إلى الشطآن.
هكذا
عثرتُ عليك
ذات جَزْر".
وتحرص الكاتبة على شفافية اللغة وانسيابيتها، مع ترك المجال مفتوحا للتأويل، لا سيما أن النصوص جميعها لا تحدد مخاطَباً بعينه، وتنزع في جانب منها إلى الغموض الذي يستفز القارئ للبحث في دواخل الكاتبة وفهم الإسقاطات التي تحتملها الجُمَل. كما أن الوحدة الموضوعية للنصوص التي تَجاوز عددها مئة نص يضيف إلى التأويل إمكانيات جديدة، فيغدو الكتاب أشبه بحديقة عملاقة، ذات ثراء وحيوية وغاية تسير إليها الكلمات:
"الكُلُّ يَعلَمُ أنَّك غامِضٌ
الكُلُّ يَعلَمُ عن حدائِقِكَ الغريبة
يقولون إنَّكَ تُربِّي بها أنواعًا من الضّحِكاتِ
لكِنَّكَ لا تَسْتَعمِلُها
الكُلُّ يتساءَلُ لِمَنْ تزرع كلَّ هذا؟
وأحيانًا أنا أيضًا.
أمس كان موسمَ قَطْف الأزهارِ
الكُلُّ رأوكَ تقطف باقةً من الضّحِكاتِ..
وحدي أنا
سَمِعتُ أصواتَها تُدَوِّي
في قَلبِي".
يذكر أن إيناس خورشيد فاهوم كاتبة نشأت في قرية ترشيحا بالجليل الأعلى، وتقيم في مدينة الناصرة بالجليل الغربي. تحمل درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية وتخطيط المدن، والماجستير في إدارة الأعمال (تخصص إدارة وتخمين العقارات). تعمل في مجال الهندسة المعمارية وتخطيط المدن. تُرجمت بعض نصوصها إلى اللغة الألمانية ونُشرت في كتاب بعنوان "Orientalischen Seele" (روح شرقية) صدر عن دار الدراويش، كما تُرجمت بعض نصوصها إلى الفرنسية ونُشرت في كتاب بعنوان "FLORILEGE AU FEMININ" (قطاف نسائية) صدر عن دار مقاربات.
|