القاهرة 05 سبتمبر 2023 الساعة 01:02 م
كتب: صلاح صيام
بعيدًا عن فنه وموسيقاه وإبداعه وتفرده في الغناء والألحان، هناك الكثير من الحكايات المثيرة في حياة الموسيقار فريد الأطرش، منها حكاية الصداقة بينه وبين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
ففي واقعة غريبة من زعيم تجاه فنان، لم تحدث بعد ذلك في علاقة الرؤساء بالفنانين، عبرت عن عمق العلاقة بين الاثنين، فقد تعرض فريد لوعكة صحية شديدة بعد الانتهاء من فيلمه "عهد الهوى" بطولته مع مريم فخر الدين وإيمان ويوسف وهبي عام 1955 منعته -بأمر الأطباء- من مغادرة الفراش، وتقرر عرض الفيلم في إحدى دور العرض بوسط القاهرة يوم 7 فبراير من العام نفسه، وكان من المألوف أن يحضر أبطال العمل الفني حفل الافتتاح، ولم يستطع فريد أن يحضر العرض، لكن كتب خطابا مذهلا ومدهشا ومفاجئا إلى "صديقه" جمال عبد الناصر..
ويقول فريد الأطرش في الخطاب: "سيادة الرئيس جمال عبد الناصر.. لقد أصبت بذبحة صدرية تمنعني من الحضور لحفلة افتتاح فيلمي عهد الهوى، كما هي عادتي مع الليلة الأولى فى حضور العرض الاول. لذا أرجو منك يا سيادة الرئيس أن تتكرم بحضور هذا العرض، وأن تحيى جمهوري الذي يحبك، وهو جميل سيظل في رقبتي طول العمر.."!
وقالت الكاتبة الصحفية سناء البيسي، راوية لهذا الموقف: "عاش الجميع متخوفًا من رد فعل جرأة فريد على قائد الثورة.. وأتت ليلة العرض الأول في السابع من فبراير 1955 واشتد الزحام المعتاد أمام سينما ديانا التي لم يكن فريد يرضى عنها بديلا لعرض أفلامه، وحضر جميع نجوم الفيلم وعلى رأسهم يوسف وهبي، مريم فخرالدين، عبد السلام النابلسى، وإيمان.. وفجأة.. حدث الهرج والمرج ودبت الحركة غير العادية في شارع عماد الدين، ومن بعده الألفي، وبدأت الموتوسيكـلات البخارية ترسل أزيزها المستمر، ليتبعها رتل من السيارات الرسمية السوداء.
وأمام السينما توقف الموكب، ومن باب السيارة الأولى هبط.. السيد رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر.. وبرفقته المشير عبد الحكيم عامر.. جاء الاثنان بصفة شخصية بالملابس المدنية، ليصافحا الجميع ويصعدا للجلوس في مقصورة فريد حتى نهاية العرض.. تمامًا كما تمنى فريد.. وتمامًا كما توقع فنان يثق في نفسه وفنه ورئيسه، ليسارع من أرسله فريد إلى الهاتف ليزف البشرى للموسيقار: "لقد حضر الريس والناس غير مصدقة، فيسمع صوت فريد يعبر عن فرحة لا توصف وهو يقول: “أنا أسمع الهتافات الآن.. أشكرك يا رب، الله يحفظك يا ريس".
وفى إحدى حفلات عيد ثورة 23 يوليو المجيدة، حرص الزعيم جمال عبد الناصر، والمشير عبد الحكيم عامر، على الذهاب إلى نادى ضباط القوات المسلحة، للاستماع إلى فريد الأطرش، ومعه سعاد محمد، وفايدة كامل، وهم يشدو بأغنية "يا مرحبا يا جمال".
ولاقت الأغنية التى تقول بعض كلماتها: "يا مرحبا بك يا جمال فى عيد ميلاد الثائرين.. ثورة كفاح ثورة جمال تعيش لآلاف السنين، يا للى هديت للشعب أول عيد ميلاد، الشعب عيلة كبيرة وحدها الجهاد، الحب جمع شملها والنصر فارد ظلها، نور حياتها كلها خلاها شعلة من النضال، يا مرحبا بك يا جمال"، إعجاب الحضور وظلوا يصفقون كثيرا لفريد الأطرش.
وعند رحيل عبد الناصر في سبتمبر 1970 كانت الصدمة قوية بشكل خاص لفريد الأطرش، وظهر فريد -رغم مرضه- فى العديد من الصور النادرة التى تعبر عن صداقة فريد والزعيم ومدى حبه له ووفائه له، وهو يقرأ له الفاتحة، ويضع أكليلا من الورود على قبره، كما ظهرت صور نادرة لفريد وهو يقبل قبر الزعيم، تعبيرًا عن حبه الشديد وفقدانه للصداقة القوية التي جمعتهما.
|