القاهرة 27 اغسطس 2023 الساعة 12:57 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
مر أسبوع صاخب آخر من أيامنا على ظهر هذه البسيطة! كلما مر أسبوع، كلما توقفت أمامه وألقيت نظرة على أيامه، لأجده زاخرًا بالأحداث المختلفة، تارة أحداث خاصة، وأحداث عامة في تارة أخرى.
لعل أبرز ما ختم به هذا الأسبوع كانت حفلة غنائية ضخمة، بفكرة مبتكرة تمامًا سميت ب "ليلة الدموع"!، عندما أعلنوا عنها تناولنا الموضوع بمزاح شديد كعادتنا نحن المصريين.. وحانت اللحظة الموعودة لأفاجأ بأنهم لم يكونوا يمزحون، بل إنهم صدقوا في المسمى فقد كانت بحق "ليلة الدموع"!!
المسرح يتشح بالسواد، كذلك المطربين يرتدون الأسود، والكورال أيضا يرتدي الأسود، والأدهى أنهم استضافوا رموزًا مصرية في شتى المجالات لتقديم فواصل الحفلة، ممن اشتهروا بالحزن والكآبة خلال أدوارهم الدرامية المختلفة!
لم تكن "ليلة دموع" بقدر كونها ليلة جريئة لفكرة مجنونة مبتكرة، كلها شجن وذكريات.. تابعها الجميع لأنها لامست وتر ذكرياتنا.. فقد أجادوا العزف على أجمل أيام حياتنا.. جمعوا مطربين جميعهم مصريين، وهذا ما أسعدنا حقًا، فمهما كانت الإمكانيات والعراقيل أمام أصحاب الموهبة الحقيقية في بلادهم، إلا أنه يظل هناك أشياء لا تشترى، ولا يمكن أن تشترى.. قد تشتري أي شيء إلا الصوت الرخيم والتاريخ الفني..
عزيزي عمر خورشيد،،
لا أزايد على أحد، على العكس أنا من الأشخاص السعيدة حقًا بالتطور الذي طال المملكة العربية السعودية الشقيقة مؤخرًا، يكفي أنها تصنع البهجة بأياد وأصوات مصرية صافية، تعيد لنا لمحات من أجمل أيام عمرنا، بتنفيذها لفكرة مجنونة حتى ولو كانت ملبدة بالدموع!
الأدهى إني كنت أتعجب من انسجام الحضور وبكائهم بتأثر، حتى وجدتني أنفعل وأحبس دموعي عندما غنت صوت مصر الحساس المطربة "شيرين" أغنية" كده يا قلبي"!
تذكرت كل من فارقونا عندما قالت "كنت روحي لما كان جوايا روح".. تأملت الجملة حقًا، فكم من قلوب عشنا معها أجمل أيام حياتنا وواراها الثرى فتركتنا أجسادًا فارغة بلا روح!
يقولون إن الأيام تُداوِي وتُنسي، يبدو أنها أحد أكاذيب حياتنا التي ورثناها بحكم العادة.. أكذوبة كبيرة.. فلا هي تمضي ولا تنسينا أوجاعنا التي تزداد بمرور الوقت!
عزيزي عمر خورشيد،،
اعتدت أن أبثك كل شيء، لذا ما حدث خلال تلك الحفلة العبقرية ذكرني بحفلات ليالي التليفزيون التي كنا نتجمد أمامها بالساعات في بدايات التسعينيات.. أتمنى حقًا أن تعاد، ربما يعود معها جزء من حياتنا، جزء تاه وسط الزحام، حتى ولو كانت أوهام أو ذكريات مكانها داخلنا.. قطعًا سيكون ذلك أحد أسباب سعادتنا.. لم تعد الذكرى تاريخًا، وإنما الذكريات أغنية تغلغل لحنها في النفوس ورددت كلماتها العقول، وانطبعت بروح العصر، بلون قلوبنا المطمئنة التي لم تكن تعلم أن ما بعد عام "2000" سيكون ثورة طاحنة تطال كل شيء.
ثورة قلبت حياتنا، سرقت أجمل ما فينا، وبددت طمأنينتنا، ثورة لا هي موقعة سياسة، ولا ثورة صناعية بل ثورة تكنولوجية أخلاقية!
ثورة معلوماتية طحنت الأصالة، وطغت السرعة على كل شيء وأي شيء..
رغم ذلك مازلنا نقف مكاننا بثبات، نتمسك بالأجمل لتستمر الحياة!
عزيزي عمر خورشيد،،
أود حقًا أن تكون بيننا بألحانك.. لماذا لا يتبني أحدهم عزف ألحانك التي لا تعزف إلا على أوتار القلوب، قطعًا سيكتسح الساحة.. يكفي أنها ملك لك..
أدعو كل موهوب وعاشق للجيتار أن يعزف ألحانك، ليعيد إحياء ذكرياتنا معًا، لتعيش أكثر وأكثر، ليتعرف عليك المزيد من الأجيال للأبد.
عزيزي عمر خورشيد،،
لو شاركتنا ليلة الدموع قطعًا كانت ستكون "ليلة حب"، "ليلة فرح"، "ليلة شجن"، يكفي أن نرى ابتسامتك الجذابة لنتوه في تفاصيلها للأبد..
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير، لأكتب لك.
|