القاهرة 16 يوليو 2023 الساعة 06:07 م

عمرو خان يكتب :
زمان لما تكلمت عن ارتفاع درجة حرارة الأرض وازاي ممكن ارتفاع درجات الحرارة يمنع الناس عن القيام بأعمالهم اليومية باختلاف أنواعها وتعددها وتنوع أشكالها، البعض شاف كلامي زي كلام درويش يؤمن في الخيال يزور مدينة الواقعيين، وكأني في وادي والناس كلها في وادي تاني خالص.
المهم، أن اليوم هو السبت، الموافق 15 يوليو 2023، ودرجة الحرارة وصلت 38 درجة مئوية في مصر، وفي الجنوب يمكن تزيد درجة أو درجتين كمان، والأرصاد تتوقع ارتفاع في درجات الحرارة بشكل متصاعد خلال الأيام المقبلة، وكل ما أود معرفته هو.. يا ترى الناس ممكن تعمل إيه لما الحرارة تزيد أكثر مما هي عليه الآن؟
من كام يوم كلمت صديقة كان في بينا موعد للقاء، وقبل الموعد ب 24 ساعة، هاتفتها قائلا:"أخبارك إيه يا دكتورة ياترى احنا على موعدنا بكرة".. ضحكت قائلة: "بكرة ايه انت مجنون، أنا مستحيل أخرج من عتبة البيت، الناس بتسيح في الشوارع يا بابا.. وأنا بصيح أمام التكييف في البيت، معرفش في احمرار في رجلي وكأنه بداية طفح جلدي على شكل حبوب وفسافيس صغيرة، ظهرت يا دوب بعد ما خرجت ليلة امس لشراء مستلزمات المطبخ من السوبر ماركت في آخر الشارع، وندمت إني ما أخدتش العربية، وقولت أوفر الوقت والبنزين ومشيت أقل من 7 دقائق في حر ورطوبة عالية، وجو كدا آخر تلزيق".
كلام صديقتي لم يكن غريبًا على مسامعي، وليس حديث العهد على دفتر أفكاري، فمنذ العام 2014 وأنا اقرأ في تقارير حول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC، إذ كانت تقول:" تحذر الهيئة العلمية الرائدة في العالم لتقييم تغير المناخ – الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) – من أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية يجب أن “تبلغ ذروتها قبل 2025 على أبعد تقدير، وأن يتم تخفيضها بنسبة 43 في المائة بحلول عام 2030 إذا أردنا أن نحد من ارتفاع درجات الحرارة عالميًا إلى ما أقصاه 1,5 درجة مئوية".
وقتها كنت أبحث وأدور عن أسباب هذا التحذير، وعن ما قد يكون عند عدم التزامنا بتحذيرها بخفض درجة حرارة الأرض أو الحد من ارتفاع درجة حرارتها عن 1.5 درجة مئوية، وخلال بحثي وجدت تقارير تتكلم عن ?ثار ارتفاع درجات الحرارة على الكائنات الحية أو آثار تغير المناخ على الكائنات، وفورا بدأت أقرأ عن تأثر الإنسان بارتفاع درجات الحرارة ووجدت تقرير عن دراسة صدرت في جامعة ولاية بورتولاند الأمريكية يقول:" ما الذي يحدث عند ارتفاع درجة حرارة الجسم؟مع ارتفاع درجة حرارة الجسم، تتفتح الأوعية الدموية، وهو ما يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم ويجعل القلب يعمل بجهد أكبر لدفع الدم في جميع أنحاء الجسم. ويمكن أن يسبب هذا أعراضًا خفيفة مثل الطفح الجلدي الناتج عن الحرارة، أو تورم القدمين نتيجة حدوث تسرب في الأوعية الدموية".
وفورًا، قلت لصديقتي الدكتورة الأكاديمية:"أكيد أنتِ مصابة بإرهاق حراري، وتعرض جسمك لارتفاع في درجات الحرارة، وما ظهر على قدمك من احمرار أو تورم أو طفح جلدي هو أثر من آثار تغير المناخ على حياة الانسان".
ولكن رد فعلها كان مدهشًا، لأنها ضحكت قائلة:"انت هتطلع أبحاثك عليا ولا ايه يا دكتور، سيبك من الكلام دا دلوقتي، عشان احنا مش ممكن نتقابل إلا بعد انتهاء الموجة الحارة، أللي بيحذروا منها اليومين الجايين، تخيل التوقعات بتقول إن في أربعة أيام درجة الحرارة هتعدي ال 40 درجة، دا هنتسلق صاحيين ياصديقي".
إن الاستسلام أمام ارتفاع درجات الحرارة وتغير المناخ هو في حد ذاته موت إكلينيكي، وتوقيع صريح منك على شهادة وفاتك وأنت حي في فصل الصيف، وقرار ضمني منك بقبولك لتوقف حياتك أمام جبروت ارتفاع درجات الحرارة، خصوصًا إن لم يكن لديك وسائل الحماية من خطورة تأثير هذه الحرارة على جسمك ونمط حياتك اليومي، ولكن ما هو العمل الآن، بعض الناس غير قادرين على التكييف، ربما بسبب غياب ثقافة المناخ لديهم، وربما لعدم توافر المعلومات الكافية، وأيضًا ربما لعدم توافر الأمكانيات التي تساعدهم على مواجهة الاحترار والتكييف معه والحد من تغوله على أجسادهم ونمط حياتهم.
|