القاهرة 06 يونيو 2023 الساعة 11:01 ص

كتب: صلاح صيام
• الملحن عمرو مصطفى يركب صوت "أم كلثوم" على أحد ألحانه ويتعهد بالمزيد
منذ أيام قليلة نقلت صحيفة «الجارديان» البريطانية تحذير مجموعة من خبراء الصحة العامة والأطباء من خطورة تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، واصفين إياها بالتهديد "الوجودي" للبشرية في حال عدم تنظيمها، فتقنيات الذكاء الاصطناعي لديها القدرة أيضا على إحداث آثار صحية سلبية، وفقا لخبراء في مجال الصحة من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا وكوستاريكا وماليزيا.
ولم تتوقف سلبيات الذكاء الاصطناعى عند الصحة، بل امتدت للتراث الفنى الغنائي المصري، فبعد خمسة عقود على وفاة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، قرر المطرب والملحن عمرو مصطفى إحياء صوتها مستخدما تقنية الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال طرح أغنية جديدة لها من ألحانه.
وروّج "مصطفى" للأغنية المقرر طرحها خلال الفترة القليلة المقبلة عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر مقطعا قصيرا من الأغنية وعلَّق قائلاً: "على مدار 24 سنة قدّمت العديد من الألحان لنجوم الوطن العربي، ومؤخرا مع تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حبيت أسمع لو كوكب الشرق السيدة أم كلثوم غنّت من ألحان عمرو مصطفى هيكون إيه الناتج".
وأكد "مصطفى" في تصريحات صحفية: إن الصوت المقدم في الأغنية هو من إنتاج الذكاء الاصطناعي وتم توضيح ذلك على المقطع حفاظا على الحقوق. وأضاف أن الكلمات المستخدمة في هذا المقطع ليست مملوكة للمنتج الذي اعترض على الأغنية، كما أن اللحن ليس ملكه أيضا، أما الصوت فهو صوت من إنتاج الذكاء الاصطناعي "فبأي حق يتحدث؟".
وأضاف أنه سيستكمل مشروعه هذا مع عمالقة الفن الآخرين، موجهاً حديثه لمن يهاجمونه بالقول: "لمن يدعون أنهم يحافظون على التراث، فهم لم يحافظوا على تراث الأحياء لكي يدافعوا عن الأموات".
وتابع: "قاموا بالسكوت عن المصنفات الفنية المملوكة لهم من ألحاني والتي قام مطربي المهرجانات بأدائها مثل أغنية العالم الله وأغنية حبيبي لا".
وحذر "مصطفى" من أنه في حالة إذا لم يتم حذف المصنفات الفنية لأعماله الخاصة من المواقع الإلكترونية فسيقوم باتخاذ الاجراءات اللازمة وإبطال جميع تنازلاته للمؤلفين والملحنين، وسيتوجه إلى النائب العام للحفاظ على حقوقه.
ورغم تفاعل عدد كبير من الجمهور والمتابعين مع الفيديو معبرين عن تحمسهم لسماع الأغنية كاملة، فإن القصة أثارت أزمة كبيرة فى الوسط الفنى.
حيث أكد المحامي أيمن محفوظ، أن ورثة أم كلثوم أو من يحمل توكيلا منهم هم فقط الذين لهم الحق في استغلال اسمها وأغانيها، ولهم الحق في الاعتراض على استغلال عمرو مصطفى لاسمها ومقاضاته.
وبيّن محفوظ أن "الإبداع الفني هو ملك مؤلفه أو ورثته، وهناك قانون ضد انتهاكات حقوق المؤلفين أيضا والتعدي عليهم".
ولفت إلى أن المصنفات الفنية من أغاني أو فيديوهات أو ما يماثلها تخضع للحماية القانونية لمدة 50 سنة حتى بعد وفاة المبدع أو المؤلف للأعمال الإبداعية والتي بالطبع منهم أم كلثوم.
وأوضح أن عمرو مصطفى في ورطة قانونية ويجوز اتخاذ الإجراءات القانونية ضده، لأن التراث الفني ليس مستباحا لأحد وله ضوابط قانونية.
وكان المنتج "محسن جابر" قد أصدر بيانا رسميا هاجم فيه الملحن، وطالبه بعدم طرح الأغنية كاملة، حيث قال إنه يمتلك توكيلا رسميا من جميع الورثة الشرعيين لأم كلثوم، مهددا بأنه سيتخذ كافة الإجراءات القانونية لوقف الأغنية.
وشدد "جابر" على أنه سيتخذ كافة الإجراءات القانونية، لإيقاف أي مهزلة أو عبث بصوت أم كلثوم، مشيرا إلى أن أم كلثوم رمز كبير لا يجوز لأحد أن يقوم بنسخه أو تشويهه، أو العبث به، وفق ما جاء في البيان الصادر عنه.
وأكد الدكتور أشرف عبد الرحمن الناقد والمؤرخ الموسيقي أن استخدام التكنولوجيا الحديثة شيء مهم للغاية في الموسيقى، وظهور نظام التوزيعات الجديدة ساعد على التطور، ولكنني ضد استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي أو التكنولوجيا الحديثة في إحياء صوت مثل أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ".
وأشار "عبد الرحمن" إلى أن السلبيات أصبحت منتشرة بشكل كبير في مجال الفن كتشويه تراث العظماء، موضحا ذلك بالقول: "إذا كان أحد من هؤلاء العظماء على قيد الحياة الآن أعتقد أنهم كانوا سيرفضون هذا الأمر بشدة، لأن الغناء في الأساس هو إحساس بالكلمة واللحن، فكيف يمكن لتقنية أن تحل محل هذه الأشياء، كيف نضع أم كلثوم في هذا الشكل وهي هرم من أهرامات الفن".
وأضاف "عبد الرحمن": "أرى أنه لا بد أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية من قبل نقابة المهن الموسيقية لوقف هذا التشويه، فلنترك العظماء الذين رحلوا عنا بأعمالهم الخالدة لتظل برونقها لأن ذلك يعتبر بمثابة نبش في القبور".
|