القاهرة 17 مايو 2023 الساعة 10:25 ص
 

بقلم: أحمد محمد صلاح
 
اعتمد القرن العشرين على كل أنواع الفنون التي تحدثنا عنها مسبقا، طورها، اختزلها، حسنها، أبدع أكثر، استغل التطور العلمي والتكنولوجيا، كل المفردات التي وقعت تحت يد الفنان استطاع استغلالها في شتى أنواع الفنون، لتخرج مدارس جديدة في أنواع الفن كافة.

ومن الملاحظ أنه خلال القرون الأولى كانت الفنون تتطور بشكل بطيء، رويدا رويدا وشيئا فشيئا، عصور كاملة كانت تمر دون أن يتغير شيء، ولكن في القرن العشرين مع السرعة والتطور المذهل في كل شيء، كانت المدارس الفنية تتعدد وتتطور بدورها بنفس سرعة وإيقاع العصر، فكانت الحركة السريعة التي خلفتها الحضارة منعكسة بالضرورة على الحركات الفنية.

تعددت المدارس الفنية في القرن العشرين، وارتبطت بشكل مباشر أو غير مباشر بالعلوم التي كانت تكتشف كل لحظة شيئا جديدا، فكانت ريشة الفن تنعكس على هذه الاكتشافات، بتأثر من الفنان مع ما يراه أمامه من ذلك التطور.

ولكن يأتي سؤال مهم، هل فن القرن العشرين يعد فنا جامدا؟! فلنستعرض بضع مدارسه في البداية، ولنبدأ بالمدرسة الوحشية..
• المدرسة الوحشية:
تعد الحركة الفنية المعروفة بالمدرسة الوحشية عبارة عن اتجاه فني يهتم بالضوء المتجانس والبناء المسطح دون استخدام الظل، واستخدام أسلوب التبسيط، وكان رائد هذه المدرسة هو هنري ماتيس، وسميت هذه المدرسة بهذا الاسم في عام 1906، عندما قام مجموعة من الشبان الذين يؤمنون بتبسيط الفن بالاعتماد على البديهيات في رسم الأشكال، وعرضوا أعمالهم الفنية على عدد من النقاد، فلما شاهدها الناقد "لويس فوكسيل" وشاهد من بينها تمثالا للنحات "دوناتيللو" بين هذه الأعمال التي امتازت بألوانها الصارخة قال: "دوناتيللو بين الوحوش"، ومن هنا جائت تسمية هذه المدرسة الفنية.

• المدرسة التكعيبية:
وهي ذلك الاتجاه الفني الذي اتخذ من الأشكال الهندسية أساسا لبناء العمل، واستخدام الخط الهندسي المستقيم والمنحني بأشكال أسطوانية أو كروية، كذلك المربعات والأشكال الهندسية المسطحة في المساحات، وكان "سيزان" هو المهد الأول لهذه المدرسة، أما الدعامة الأساسية لهذه الممدرسة فكان بالطبع هو "بابلو بيكاسو"، كان هدف التكعيبية هو التركيز على الأشياء المستقلة المحددة بخطوط هندسية صارمة.
وبالرغم من تزامن بدء المدرسة التكعيبية مع المدرسة الوحشية -حيث بدأت التكعيبية 1907 تقريبا- إلا أنها كانت تحمل في جعبتها مفردات التميز والتفرد عن المدارس السابقة واللاحقة عليها بسبب خطوطها الصارمة، بل أنها وَحَّدتها في بعض الأحيان، وأيضا كان البعض في فترة لاحقة جدا يخلط بينها وبين المدارس السيريالية، ولكن مع رسوخ تلك المدرسة وتعدد تلاميذها ومعلميها وروادها، أصبحت من أشهر مدارس الفن في القرن العشرين.