القاهرة 21 فبراير 2023 الساعة 12:48 م

كتبت: نضال ممدوح
تعد جريمة غسل الأموال من أخطر الجرائم الاقتصادية في العصر الحديث، نظرا لما يترتب على هذه الجرائم من تدمير اقتصاديات الدول، واستشراء وتفشي الجريمة المنظمة في المجتمعات، وتحويل الأموال المهولة الناتجة عنها إلى أموال مشروعة، من خلال إدخالها في أنشطة ومشروعات اقتصادية وتجارية مشروعة.
وفي كتابه "المواجهة الجنائية لجريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مصر والدول العربية"، والصادر عن دار ليدرز للنشر والتوزيع، يتتبع مؤلفه النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب المصري، الجذور التاريخية لظهور جرائم غسل الأموال، وحجم الأموال الناتجة عنها، والآثار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الناتجة عن هذه الجرائم.
وتضم صفحات الكتاب المكونة من 269 صفحة من الحجم الكبير، فصل تمهيدي، ويتضمن مفهوم جريمة غسل الأموال وآثارها، التعريف الاصطلاحي لغسل الأموال، تعريف غسل الأموال في المواثيق الدولية، خلو الاتفاقيات الدولية من تعريف غسل الأموال، التعريف التشريعي لجريمة غسل الأموال، ثم يتبعه بثلاثة فصول عن التكييف القانوني، والمواجهة الجنائية لجرائم غسل الأموال.
• المخاطر الاجتماعية المترتبة على جرائم غسل الأموال
علي أن أفدح المخاطر المترتبة على جرائم غسل الآموال، هي الآثار الاجتماعية الضارة التي يترتب عليها الاختلال في بنية المجتمع، وذلك من خلال تأثيرها في معدلات البطالة، والتوازن الاجتماعي ومعدلات الجريمة.
وفيما يخص تأثير جرائم غسل الأموال في زيادة معدلات البطالة، فيشير عابد إلى أنها: تؤدي عمليات غسل الأموال في زيادة معدلات البطالة، سواء في الدول التي خرجت منها الأموال، أو في الدول التي دخلت إليها، فنقل جزء من الدخل القومي إلى الدول الأخرى يجعل الدولة التي خرجت منها الأموال عاجزة عن الإنفاق على الاستثمارات اللازمة لتوفير فرص العمل للمواطنين وزيادة معدلات البطالة.
فإن الأموال غير المشروعة بعد غسلها ونقلها إلى الدول فإن ذلك لا يساهم في خفض معدلات البطالة في الدول المنقول إليها هذه الأموال، وذلك لكون حائزي الأموال يبغون من وراء تنظيف أموالهم المضاربة بها واستهداف الربح وليس في مخيلتهم المساهمة في خلق فرص العمل أو حل المشكلات الاجتماعية كالبطالة، وبالتالي فالضرر واقع سواء في الدول المنقول منها الأموال أو المنقول إليها الأموال محل الغسل.
• جرائم غسل الأموال وأثرها على اختلال التوازن الاجتماعي
وفي هذا المبحث يذكر "عابد": يؤدي غسل الأموال إلي اختلال التوازن الاجتماعي، من خلال تشويه هيكل توزيع الدخول، وزيادة الفوارق بين الطبقات، واهتزاز ثقة الأفراد في المجتمع وتساقط الكثير من القيم الاجتماعية التي ظلت راسخة في المجتمع مثل الحرص علي العمل والكسب المشروع، سيادة قيم مثل الرغبة في الثراء السريع بأية وسيلة، وانتشار الفساد الإداري والسياسي، نتيجة لسعي العصابات إلي التسلل إلي مواقع اتخاذ القرار، ومحاولتها تقلد المناصب المهمة وتملك وسائل الإعلام، ورشوة المسئولين وبعض الشخصيات العامة، والقيادة السياسية، أو أغرائهم مما يولد الشعور باليأس والإحباط.
ويوضح "عابد": كما تساعد هذه الجريمة على تشويه المناخ الديمقراطي في المجتمع، من حيث صعود أصحاب الأموال غير المشروعة إلى المناصب العليا ومنها وصولهم إلي مقاعد البرلمان والمجالس الشعبية والمحلية، وإلى اتحادات الغرف التجارية والصناعية، وهذا بدوره يؤدي إلي استخدام أجهزة الإعلام بصورة سلبية مما يترتب عليه إفساد وتردي القيم الراسخة في المجتمع، كما يزعزع الثقة في المفاهيم والمبادئ السائدة.
• غسل الأموال ومعدلات الجريمة
كما يوضح المؤلف كيف تؤدي جرائم غسل الأموال والأموال الناتجة عن عمليات الغسل، إلى تمويل بعض الصراعات السياسية أو النزاعات الدينية وأعمال الإرهاب داخل المجتمعات، وهذا ما أشارت إليه الأمم المتحدة في دورتها المنعقدة بتاريخ 8 يونيو 1998، إلي أن الأموال الطائلة الناجمة عن غسل الأموال من شأنها أن تمول العديد من الزاعات الدينية والعرقية والعمليات الإرهابية، وهنا يقوم غاسلو الأموال ببث الخلافات الداخلية وإشعال الفتن الدينية والعرقية، ثم بعد ذلك يعمدون إلي تمويل هذه الحركات بالسلاح والمساعدات وغيرها بواسطة الأموال القذرة.
وبالتالي فإن نجاح أصحاب الدخول غير المشروعة في الإفلات من العقاب، والتمتع بثمار جرائمهم دافعا لدي ضعاف النفوس والباحثين عن الثراء السريع للانزلاق إلى طريق الجريمة، مما يصعب مكافحتها.
|