القاهرة 11 فبراير 2023 الساعة 06:40 م

بقلم: د. حسين عبد البصير
كان بناء الأهرامات مرتبطًا بالعبادة الشمسية؛ لأن خلق الكون بمصر القديمة كانت له نظريات أشهرها نظرية عين شمس أو هليوبوليس، والتي تفترض أن الكون كان عبارة عن ماء بزغت منه الأرض كقمة تمثل "الأرض الناهضة"، وارتبطت فكرة بناء الهرم بسقوط أشعة الشمس على الأرض، والتي يعطي شعاعها شكلاً مثلثًا هرميًا، ومنه أخذ المصريون القدماء فكرة الشكل الهرمي.
وتعد أهرامات الجيزة من المعجزات المعمارية المحيرة للجميع في كل مكان في العالم، وعلى الرغم من بنائها منذ أكثر من 4500 سنة، فإن المهتمين بالحضارة المصرية القديمة تعددت آراؤهم بشأن كيفية بناء هذه المباني العملاقة الفريدة..
لقد استخدم المصريون القدماء المجاري المائية من النيل إلى منطقة الأهرامات لنقل الأحجار، وكانت تلك المجاري موجودة في الأسرة الرابعة في الدولة القديمة، وكان يتم جلب الأحجار الخاصة بالكساء الخارجي للأهرامات من المحاجر الملكية في منطقة طرة الشمالية والجنوبية شرق النيل بالقاهرة، واستخدم ذلك الحجر الجيري الناصع البياض في الكساء الخارجي لهرمي خوفو وخفرع، وتم كساء هرم منكاورع بالجرانيت الذي جُلب من أسوان.
وكان يتم قطع الأحجار الخاصة ببناء الأهرامات من المحجر الذي كان موجودًا جنوب هرم منكاورع، وكان الطريق الصاعد الذي نسميه مدخل مينا هاوس هو أحد الطرق الصاعدة التي اُستخدمت لنقل الأحجار لبناء الهرم الأكبر، وكان يتم جلب النحاس من مناجم سيناء والذي استعمل في تصنيع أدوات في الأعمال الإنشائية بالهرم، ووُجد أيضًا في أحد مركبي خوفو اللتين كانتا موجودتين جنوب هرم خوفو.
ولدينا الأدلة المادية على أن المصريين القدماء هم بناة الأهرامات، ففي عام 1990 ميلادية اكتشف الدكتور زاهي حواس وفريقه مقابر بناة الأهرامات بالجيزة، واكتشف عالم الآثار الأميركي مارك لينر منطقة الإعاشة الخاصة بالعمال والطعام والإقامة والتي كان العمال يقتاتون منها خلال العمل في بناء الأهرامات، وهذه الاكتشافات هي الدليل المادي على أن المصريين القدماء هم بناة الأهرامات.
أما الأدلة النصية على بناء المصريين للأهرامات فهي برديات وادي الجرف.
وفي العصور الإسلامية انتزع الكساء الخارجي للأهرام ما عدا جزء بسيط في قمة هرم خفرع، وتم استخدامها في بناء المنشآت الإسلامية مثل قلعة صلاح الدين وغيرها، وكان والي مصر محمد علي باشا ينوي هدم الأهرامات الثلاثة وبناء القناطر الخيرية بأحجارها، غير أن مهندسًا فرنسيًا نصحه بعدم الهدم، ولم يقتنع بالعدول عن هذه الفكرة إلا بعد أن علم أن الفارق بين هدم الأهرام واستخدام أحجارها وبين قطع أحجار جديدة من المحاجر كان عشرين مليمًا فقط، وهو ما أنقذ الأهرامات و"أبو الهول" من الهدم والتخريب.
ولم يعد هناك أي داعٍ لأية نظريات أخرى تفترض أن بناء الأهرامات تم بواسطة فضائيين أو غيرهم، وثبت بكل الأدلة الأثرية والنصية، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن المصريين القدماء هم بناة الأهرامات، ولا أحد غيرهم.
|