القاهرة 26 يناير 2023 الساعة 10:55 م
* شهرة طه حسين الأديب طغت على أهميته كمؤرخ
كتبت: إنجي عبد المنعم
قال الدكتور أشرف منصور أستاذ الفلسفة بجامعة الإسكندرية، خلال ندوة "منهجية طه حسين" التي أقيمت ظهر اليوم الخميس، بالقاعة الرئيسية (صلاح جاهين)، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب: طه حسين يُعرف بأنه عميد الأدب العربي، ولكن شهرته كأديب طغت على أهميته كمؤرخ، وهذا ما نجده في كتابه "الفتنة الكبرى"، فنحن بصدد منهجية طه حسين في كتاب "الفتنة الكبرى"، ويظهر هنا كونه المؤرخ بوضوح في هذا الكتاب، أكثر من كتابه السابق "الشيخان".
وأوضح منصور مفهوم "المنهجية العلمية"، وهي: طريقة التفكير في موضوع ما، وطريقة البحث فيه، وهي ليست منهجا بمعنى كونها خطوات إجرائية ينفذها الباحث على مادته، بل هي طريقة التفكير وتناول وعرض والتنظير حول المادة العلمية.
وأشار أن المنهج عكس ما هو شائع يمكن أن يكون تاليا على العمل، بمعنى أن المفكر أو العالم يبدأ بالعمل ثم ينعكس على ما فعله أو ما قام به من بحث؛ ويستخرج منه طريقة التفكير، وهذا ما حدث مع ديكارت، فقد كتب المقال عن المنهج بعد أن أتم معظم مؤلفاته في الرياضيات وعلم الضوء والميتافيزيقا، وكذلك رايت ميلز كتب الخيال السوسيولوجي وهو آخر مؤلفاته بعد أن كتب في الطبقات الوسطى الأمريكية، وصفوة القوة، وزعماء النقابات العمالية، فالمنهج يمكن أن يكون تاليا على العمل وليس سابقا عليه، من هذه الجهة لا نجد طه حسين قد كتب شيئا عن منهجيته في البحث التاريخي أو الأدبي، انشغل في العمل نفسه؛ وعلى الباحث أن يكتشف منهجية طه حسين، من أعماله، محاولة استكشافية كيف يفكر وكيف وظف مصادره؟ وما هي عناصر رؤيته العامة في التاريخ الإسلامي؟، ومن وجهة نظري أن رؤية التاريخ الإسلامي لدى طه حسين خلدونية ومادية تاريخية في نفس الوقت.
واستكمل: طه حسين يؤمن بالحتمية التاريخية، هي اتجاه التاريخ في مسار معين ونحو غاية معينة ونحو تشكلات اجتماعية وسياسية معينة وفق معطيات ثابتة، أغلبها اقتصادي، موضحا أن الحتمية التاريخية خارج الإرادة البشرية والوعي البشري، والسيطرة البشرية، فهو لا ينوب كثيرا الشخصيات الاسلامية التي دخلت في الفتنة، ويعاني من الفتنة الكبرى على أنها كانت نتيجة لحتميات اقتصادية معينة واجهت المسلمين آنذاك.
وأشار: طه حسين يرى أن تاريخ المسلمين وكل التاريخ البشري خضع للحتمية التاريخية، نتيجة لعدم تطور النظم السياسية والاجتماعية، ينظر للنظم السياسية والاجتماعية على أنها من إبداع البشر ووضع الإرادة البشرية الواعية، وكلما انفلت المجتمع والتاريخ من الإنسان؛ خضع الإنسان للحتمية التاريخية؛ فالإنسان كيف يخضع للحتمية التاريخية عندما يطلب نفسه للأحداث ولا يستطيع السيطرة عليها، النظم السياسية إذا كانت تطورت بعقلانية وبسيطرة بشرية، فلن يكون هناك خضوع للحتمية التاريخية، بل سوف يكون هناك سيطرة للبشر بشكل واع وارادي على مسار التاريخ وحركته، لكن هذا لن يحدث من وجهة نظر طه حسين نتيجة لعدم بلوغ العقل البشري للرقي بعد.
واستكمل: طه حسين يعد تنويريًا جدا، حتى أنه يكشف في فكره عن أساسيات ونظرة عصر التنوير إلى التاريخ البشري، قد تبدو شخصياته التاريخية خاضعة للأهواء الفردية، والمطامع والدوافع الشخصية، ولكن هذا الخضوع في حد ذاته يسهل خضوع المجتمع أجمع للحتمية التاريخية.
وقال: في "الفتنة الكبرى" كان يمكن لطه حسين أن يضع الكتاب في دراسة واحدة، لكنه قسمه على جزئين وبينهما ستة أعوام، فخصص جزءا أولا كاملاً لعثمان، على الرغم من أن للدراسات التاريخية المعتادة في هذه الفترة كانت تبدأ من لحظة مقتل عثمان فقط، ثم عهد علي بن أبي طالب، وذلك حسب رأيي أن الفتنة بدأت واختمرت في عهد عثمان، والشخصيات التي كانت موجودة في هذا العهد أسهمت في هذه الفتنة.
|