القاهرة 10 يناير 2023 الساعة 03:56 م
كتب: حسين علي غالب بابان
أصبحت أعرفه من بعيد، فلقد حفظت بدلته السوداء المهترئة التي لا يغيرها طوال الصيف والشتاء، أما زوجته الطيبة المسكينة فتخرج فقط تشتري حاجياتها من المواد الغذائية وتعود مسرعة بلمح البصر لكي تعد الطعام ويكون جاهزًا قبل قدومهم من المدرسة .
إنهم جيراني أعرفهم تقريبًا منذ عامين ـ والرجل وزوجته أحياء لكنهما بالنسبة لي ولكل من يعرفهما حق المعرفة كالأموات ، فهما لا يفعلان شيئا يذكر لنفسيهما وكل شيء مخصص إلى أبنائهما الثلاثة الصغار.
نظام تقليدي متوارث غريب لكنه موجود في مجتمعاتنا ، حيث يصبح الزوج والزوجة في حال مختلف عند قدوم الأطفال إلى حياتهم، نعم إنني أقدر تعب الآباء وجهد الأمهات لكن لا أن يحرموا أنفسهم من أبسط مستلزمات الحياة مهما كانت بسيطة ومتواضعة.
إن هذا النظام الأسري يخلق البرود العاطفي بين الزوج وزوجته، فالزوج يعمل ليل نهار والزوجة مسجونة في البيت بين أربعة جدران، والزوج لا يعرف شيئًا عن زوجته وكذلك الزوجة لا تعرف شيئًا عن زوجها ويلتقيان في المساء لكي يستسلموا للنوم العميق من شدة التعب والإرهاق.
كما أن الأبناء صحيح يحتاجون إلى مصاريف كثيرة، لكنهم محتاجين للرعاية والاهتمام المكثف لساعات طويلة كل يوم ، فما أكثر الأبناء الذين كانوا يحصلون على كل شيء يريدونه لكن قلة الاهتمام وعدم الرقابة عليهم تركهم عرضة إلى رفاق السوء أو الإدمان أو دخول عالم الجريمة.
|