القاهرة 13 ديسمبر 2022 الساعة 11:16 ص

تأليف: د. فايزة حلمي
مقدمة للراوى:
بسم الله الرحمن الرحيـــم وصلاة على الهادى وتَسْليمْ
مِنْ قـُـلوبْ كلِ الحاضرينْ في ذكرى مِيـــلاَدِهْ الكَريـــمْ
مَوْلِــدْ إمَـــامْ المُرْسَليــنْ مَنَــــارْ صِــرَاطٍ مُسْتـَقيِـــــمْ
مِنْ وَحْيِـهِ الهَادىِ المُبيِنْ نُـعيِـــدُ إحْيَــــاءَ القَـــديِــــــمْ
بِـكَلِــــمِ رَبّ العاَلـمِيـــــــنْ بآاىِ... مِنْ ذِكْــرِ الحَكِيـــمْ
بِهَـا مَضَيْنَـــا ميَمّـمِيـــــنْ لِأصْــل .. نَبِيّـنَـا العَـظِيـــــمْ
ورجَعْـنـاَ آلافَ السّنِيـــــنْ فَوَصَلْنَـا لِلـْفِـقْــهِ السّليِـــــمْ
بِأنَّ المُصْطـفىَ الأمِيـــــنْ إبْـنُ الذّبِـيحَـيْــنِ اليَتيِــــــمْ
أوّلُ ذَبِيحٍ فىِ الأوّليِــــــنْ هُوَ إسْماعيلُ ابن ابْراهيـمْ
أتَىَ الخَليـــلُ بالسّكّيِـــــنْ وَأوْسَـــدَ إبْـنَـــه الأدِيِـــــــمْ
وكان الابْنُ مِنَ الصَابرينْ طَـاعَــة.. لِربّـــهِ العَـلِيــــــمْ
فَكان الله.. أكْـرَمَ الأكْرَمِينْ وفَـــدَاهُ بِـذَبْــحٍ عَـظِيــــــــمْ
وكان الثّانِىِ فِىِ الأقْـدَمِينْ عَبْـــدَ اللهِ.. أبُــو الَيتيِـــــــمْ
وسَنَعـْرِضُ الآنَ الكَمِيـــنْ وكَيْـف نَـجّـــاه الرّحِـيـــــــمْ
فَـبِسْــم اللهِ نَستَـعيِــــــــنْ وصَلَاة عَلىَ الهاَدِىِ وَتسْليِمْ
يفتح الستار عن المسرح أرضيته رمل، وبجانب منه توجد خيمة، يخرج من الخيمة رجل... ملهوفا متلفتا مسرعا (هو عبد المطّلب)
عبد المطّلب: مازالت الدنيــا ظـــلامْ ... ظننتهــا شمس الصبــــاحْ
قد أشْــرقَــتْ.. وظَنّنــتُ ... أنَّ الفــَجـْــــــرَ .... لاحْ
يدخل عبد المطّلب مرة أخرى للخيمة، ثم يخرج يبحث حوله فى كل مكان صائحا.
يا وَيْـــلَتى.. لا أستطيــع النـّــــوْمَ مِـنْ هذا الصيَــــــاحْ
حلْـــــــمٌ أراهُ؟!!.. أمْ هُوَ صَـــــــدىَ الرّيَــــــــــاحْ؟
ثم يجلس على الأرض بجانب الخيمة محادثاً نفسه...
الصَوْتُ يَأمُرَنِى بِحَفْــرِ زَمْزَمْ ... دُوُن أوْصَاف لِمَعْنَىَ مُبْهَــمْ
ثم كأنه تذكّر: آاه..تَذكّرْتُ ...قَصّـاً مُحْـكَـــمْ ... عَنْ بِئْرٍ بِمَكانٍ كان..مُهْــدَمْ
ثم نظر للسماء, وقام ماضيا فى طريقه لمنتصف المسرح
الصّباحُ الآنَ ... قد أشْرَقَ بَاسِمـَا
فَـلْأكُنْ لِـرَأْيِىِ ... الآنَ حَـاسِمَــــــا
يقابله اثنان قادمين من الجهة المقابلة..........
الاثنان معا: عمْتَ صَباحَا ياعَبــدَ المُطـّلِب ْ... مَالَكَ تَبْدوُ اليَوْمَ مُضْطَـــربْ؟
عبد المطلب : عَـلِمْــتُ بِأمْــرٍ أرَاهُ خَطِيـــــرْ ... وَلاَبُد فِى الحَـــال أنْ يَصِيـــرْ
أحْفـُر زمزم مَكان..ابن الخليلْ ... بِئْــر مُبـارك لِعَـابِـــر سَبيـــلْ
أحد الرجلين: لــيسَ مِنْ وراءِ ذلكَ طَائلـــهْ ... فَمَكانُ البِئْرِ بَيْن إسَاَفٍ ونَائِلَهْ
وَدُوُنك قريش بين ذلك حَائِلَهْ ... لِمَـا لَهَـا مِنْ سطــوةِ هَـائلـــَهْ
الرجل الآخر: ألا تَــرىَ ذلك أمْــــر عَسيِــرْ ... خَاصَـــةً .. وأنتَ بِغَـيْرِ نَصِيــرْ
ولَك فِى الوَلَـدِ حَــظــٌ يَسِيــــرْ ... لا يَشِــد أزْركَ فى أمْـرٍ خَطيـــرْ
قالا ذلك.. ثم ذهبا ينظر كل منهما للآخر.. أما عبد المطلب.. فوقف حزينا يفكر.. ويقول......
عبد المطلب: مَــا عَــليْـهمَــا فى القَـــــوْلِ مِــن مَــــــــلامْ
لقَــــدْ أنْسَتْــنِــى صَـحْـــــــوَةُ الأحْــــــــــلامْ
مَــــــا أنَـــــا عَــليْـــــه مِنْ قِــلـّةِ الأرْحَــــامْ
آه ... لَـوْ أكْـرَمَتْــنى مِن هَـمِّـــى الأيـــَّــامْ
ومَـنحَتْـنىِ عَـشَــرة مِن رجَــــال هُــمَـــــــامْ
وأشار نحو الأرض: لأحْـفُــرَنَّ البئْــــرَ فى نَــفْــــس المَــــــــــكانْ
ولِأَذْبَـحَــــنَّ أحَــدهـــــم للكعْــــبةِ قُــرْبَــــانْ
وهَـــا أنَـــــا أقسِـــــــم بِــذلـــــــــك .. الآنْ
وبَيْـنى وبَيْـــن وَعْــــدِى مــــرور الزّمــــانْ
ويمضى خارجا من المسرح.. مرددا البيتين الأخيرين
يدخل الراوى من جانب المسرح بجلبابه الأبيض يكمل بقيَّة الأحداث.............
سبحـانــهُ فِى عُــــلاهْ ... إيّــــاه قَــدْ وَهَـــــبْ
مِن الأبْنـــاء عَشرة ً ... أغْــلَىَ مِن الذَّهَـــبْ
ولَــمْ يَـعُــــد لَدَيْــــه ... الآن مِـــن سَبـــــبْ
فَـحَــفَـــرَ البـِـئْــــــر َ ... وفَـــاضَ كَالكَــريِـــمْ
وتَـــبَــقــَّى وَفَــــــاءْ ... نَــــــذْره القَـــديِــــمْ
يختفى الراوى...مع انغلاقة جزء صغير من المسرح
يدخل عبد المطلب، ومعه جماعة من الناس يبدو عليهم جميعا الحزن والهم، لأن القرعة رست أن يذبح أصغر أبنائه وهو.. عبد الله.......
عبد المطلب: مـــا كنــــتُ أدْرِي ... بِـالقُـرعَــــةِ راسِيَــهْ
عَـلىَ عَـبــــــد الله ... أصْغَــــــر أبْـنَـــائِيَـــهْ
هُــــــوَ عِـــنِــدى ... دُرَّةٌ غَـــالِـيَــــــــــــهْ
أاريِـقَـهـــا دمــاء ... لأوْفِــىِ نَــذْرِيَــــــهْ؟
أحد الرجال: أتَـذْبَح عبد الله؟!!! ... زين شباب الباديهْ؟!
بَـاسِــمُ المُحــَّيـــا ... رقِـيــق الحَاشِيهْ؟!!!
ذو القلبِ النبيـــلِ ... والروحِ الصافيهْ؟!!!
بَـل حَيَـــاتـنــــــا ... لَـحَيـاتِــهِ فَـادِيَــــــهْ
عبد المطلب متألما: السُهْدُ فى عيونِى ... مَا عَــادَ غَـافِـيَـــــا
وَعَنْ لَيْلِى وصُبْحِى ... قَدْ بِـتُّ سَـاهِيــَــــا
أحد الرجال: سَمِعْــتُ بِعَـرّافَــــةٍ ... صَيْـتـها سَـارِيَــــا
هِىَ آخِـرُ مَالَدَيْنــا ... كَحَـــلِّ ... حَالِيَـــا
الجميع يهمّون بالحركة مرددين:
هَيّـا نَسْعَى إليـها ... بِالـْخُطـْوِ...جَارِيَـــا
ويتحركون لجانب المسرح الذى كان مغلقا، فيُفتح عن العرَّافة الجالسة، وهى كبيرة فى السن, يتقدم منها أحدهم شارحا
الرجل: ماذا يُقَـــدِّمُ أبٌ عَـن ابنِـهِ ..فــــدَاءْ؟
دُوُنَ قَـطـْــرة تُــرَاق مِـن.. دمَـــاءْ؟
والـْدِيّةُ عِـنْدنا...عَشرةُ إبِـلْ صحراءْ
هل تَفْدِىِ عَنْ دَمِّهِ؟ ..لأجلِ ذلكَ جاءْ
العرافة تجرى يدها على كومة من الرمل أمامها فى سكون، وأخيرا تتكلم بهدووووء...
العرافة: تَـجْــروا الرَّهَــانَ عَـليْـهِ ... مَـرَّة ثَـانيـــهْ
مـــعَ عَـشَــرَة ِإبِـــــــل ... بِرَمْيةٍ رَامِيَـهْ
فَـإن رَسَـــتْ عَـلَـيْــهِ ... ما هذا شَأْنِيَهْ
بَـلْ زِيـِدُوا رِهَـانَــــه ... بِعَشَرَةٍ ثانيهْ
ولـَوْ طــَالَ المَطــــَـال ... لِحِكْمَةٍ خافيهْ
فَـزِيِدُوُا فى إنْـتظـــَـار ... نِهَـايَة دَانِيـهْ
وانتظروا .. دون مِلَالْ ... يَدَ قَدَرٍ حَانِيَهْ
وتكرر وانتظروا ..دون ملال ... يد قدر حانية
ينصرف الجميع من المسرح.. ويعود الراوى بجلبابه الأبيض، وعكازه الذى يستند عليه، ولحيته التى تجعله مهيبا، ويكمل ......
الراوى: وتَـجَمَّع ..الجَـمْــعُ فِى الكَّعْـبَــــةِ .. للرِهَـــــانْ
وعَـبْــــدُ اللهِ كانَ مِحْــــــورُ .. الأذهـــــــانْ
وكلما اقـْـتَـرَعُوا.. بَاعَـد عَنهُ .. الأمـــــــــانْ
فَـيزِيدوا فى الأعَــداد...إرْضَاء .. للأوثــــانْ
وما انتبهَ الجميــعُ.. وما وضعوا .. بالحُسْبانْ
بِأنَّ كُلاً مُقَـــــدَّرُ .. بِمشيئــةِ .. الرحمـــــنْ
إذا أراد يَكُــــون ... وقد أرادَ ... فَكـَــــــانْ
فَـقــَدْ رَجَحَــــتْ أخيرا.. كَـفْــةُ .. الإنســــانْ
موسيقى تقطع كلام الراوى .. يكمل بعدها
الراوى: وتَـوَّجَ عَبْــدُ المُطــِّلِبْ ... هَذِىِ النَّجَـــــاةَ .. بالأفـْـــراحْ
واخْـتَـــــار لِعَـبْــد الله ... زِيِـــن البَنــــَاتِ المِــــــــلَاحْ
آمِنــَــةٌ بنْــتُ وهــب ... صَــدَىَ أصْلِهَـــــا صَـــــدّاحْ
فإزّيَّـنَـــتُ الجِبَـــــال ... لِكُـــــلِ غَــــــادٍ .. وراحْ
موسيقى فاصلة ويكمل الراوى
الراوى: ومَـرَّ الزَّمَــن وَمَـابِــهْ … مِـــنْ شَـهْـــــدٍ .. يُــــراقْ
وعَبْــــدُ اللهِ بِــــــــدَارِهِ ... مَــازالَ يَسْــــعدُ.. بَــــــاقْ
حتى لَـحَــقَ بالقَـَافِـلَهْ ... خَـرَجْهـــــا مـع الرِّفَـــــــاقْ
ومَا خَـبِـــرتْ آمِنَــــهْ ... بأنَّــــــهُ .. الفـــــُـــــراقْ
ينسحب الراوى بهدوء مع موسيقى حزينة، يدخل على إيقاعها عبد المطلب، مع مجموعة من الناس، يضرب كفا بكف مهموما, لِمَا أصاب إبنه رغم مُضى فترة من الزمن على فَـقـــْـده...........يقول وهو حزين:
لَـمْ أحْسَـــب أن النَّجَــــــاةَ مِنَ الفِـــــــداء ...أشَــــدَّ داءْ
يَــزِدْهُ وَقــْــعَــًـا .. أنَّهُ.. يَهِـــبُ المَنَـايَـا .. بِلَا حِسَــابْ
أرَأيْـتُــمُ المَوْتَ يُـــدَارىِ قَسْوَتَـــهْ... بِـثَــوْبِ العَطَــــــــاءْ
فَــدِعُـونى..أسْتَـقىِ بالحُـزنِ يَأسَـــاً.. كَأْسَه مَلَّ الشَّــرابْ
أحد الواقفين: لا تَبـْتــئسْ .. فَـعَـبْدُ اللهِ ... أحـْوَجُ مِنْـــكَ للدُعَـــاء
وَلِـتَــرْعَىَ آمِنَـهْ فَمَـــا ... أحْـوَجْها مِنْــك للرواءْ
يدخل أحد الأشخاص مسرعا مذعورا من خارج المسرح..... قال:
لا تجْـــزَعُوا ... فالأمَــــنُ.. للبيـــــتِ .. ومَنْ فيـــــهْ
أنْ لَـوْ جَـــاء أبْــرهــهْ .. فَـللْبيــتِ رَبٌ .. يَحْمِيـــــهْ
وحين يهمّوا جميعهم بالخروج يدخل شخصين آخرين من الخارج..يلتقطا أنفاسهما بصعوبة..ويبدو عليهما الذهول
أحدهما : رأيْــتُ مَــا إنْ حَـكيِـــتُ ... رَمَيْتـمُ عَقــْلى بالخَـــواءْ
يسألونه: قــُــــلْ مَـــــــا رَأيْــــــت ... وسَوْفَ نَعْـفِيــكَ الهِجَـــاءْ
قال: رأيـتُ ظِــــلَّ سَحَـــابَـــةٍ ... تتهـادىَ.. كَقـُـدومِ المَسـاءْ
حَجَبـتْ بكـفٍّ شَمْسِنـــا ... فَنـَادتَ الشمسُ ..الغَفـَـــاءْ
وذُهِـلْــتُ حيـنَ بـادَرَتْ ... سُحُـبُ الطيورِ فى السَّماءْ
يَقـْذفُ حِجـارةَ السِّجّيـلِ ... كَسَيْـلِ.. يَهْـطـلُ مِن عَـلاءْ
فإنتحلَ الجيْـشُ الرَّحيـلَ ... يَرْجو الظِلَّ فى الصحــراءْ
والبقايـا بالرِّيــحِ بُعْـثِــر ... ثُــــم دُثّــِّـــرَ بالعَـــــــــراءْ
قال الآخر: واختفى طيـر الأبابيــل ... وارْتَحَــلْ معــهُ السحــــابْ
وتَيَقـَّظـتْ شمسُ السماءْ ... وكأنَّ مَــا كانَ .. ســـرابْ
وهنا يرفعون أيديهم شكراً لآلهتهم، وتعلو موسيقى خفيفة فاصلة، حينها تأتى جارية ملهوفة تتجه مباشرة نحو عبد المطّلب
الجارية : سيِّــدِىِ.. هـل تَحْضِـــرُ عِــنـْـدَنـا هـذا المســاءْ؟
سيّــدَتِـى آمِنَهْ.. تَـظــُـنُ .. مَوْعدَ الوضعِ ..جــاءْ
رَأتْ بِـالأمْــسِ... حُـلْـمَـــا .. كَأنَّـهــا فى بَيْـــداءْ
ومِنْهـاَ .. النُّــورُ عظيماً .. يَجُـوبُ فى الأرجَـــاءْ
بَيْـنَ مَشْـرِق ومَغْـــرِب .. يَمتـــدُ حتَّى السَّمــــاءْ
وهنا يبتسم عبد المطّلب لأول مرة، وكأن الهم قد زال عنه قائلا...
عبد المطلب : الحِـلْــمُ بالحِـلْـمِ يُذْكَــــرُ .. ولو تَضَافَــرُ الحِـلْمَـــانْ
فَـمِثـْلــهُ رَأيْــتُ يَخـــرجُ .. مِـن ظـَهْــرىِ طــَرفَــانْ
سِـلسـلــةٌ مِــن فِـضَّــــة .. طــَرَفــاَها يَـتــَّجِهَــــــانْ
لِلأرْضِ والسَّمَــــــــــاء .. كأنّهـمـــا مُشَــوّقَــــــانْ
وأحْـسَبَـــهُ حَـفِـيـــــدىِ .. رُؤاهُ تَـنْــضُـــو .. الآنْ
ثَـوْبَ الأحْــزانِ عـنّــــا .. وتُـضَــوِّىَ الـوجْــــدانْ
طـَمْئــِنىِ سَــيِّـدَتِــــــكْ .. وسَأحْضِـرُ بَعْــــــدَ..آنْ
وانْـصَـــرِفىِ .. فَـهُمَـا .. إليْــــــكِ مِحـْتَـاجَـــــانْ
الجارية: أتَعْـــرِفُ سيــِّدى؟ لَقَدْ .. رَأيْتُ عَجَباً مِنْ حِلْمِها
لا ثِـقَـلُ يَـدنُــو إليهــا .. ولا الألَــمُ كَغَــيْـــــرِها
ولا الجُهْــــد يَـبْـصُــمُ .. كالزِّمَنِ علىَ رُوحِهَـــا
بَــل الثــَّـغْــرُ يَـبْـسَــمُ .. والبَدْرُ يَسْكُـنُ رُوحِهـَـا
وكَأنَّـــهُ مَــا حَــــــــلَّ .. اليــوْمَ أوَانُ وَضْعَهَــا
عبد المطلب يحث الجارية على سرعة المغادرة
قائلا: أدْرِكُ جَمِيعَ مَقَـالَتِــك .. فَـلَقَدْ حَكَـتْ لِىِ آمِنَـــهْ
فَـلَا تَبُوحِـىِ بالْكَـلِــمْ .. بَـلْ أتْـرِكيِــهِ بِمَكْمَنِـــهْ
والآنَ خِفِّـىِ خُطـْوَتِكْ .. وَعُوُدِىِ لِىِ مُطـَمْئِنَــهْ
تخرج الجارية مسرعة، ويكمل عبد المطلب
عبد المطلب : تَـأخُـذُ الكَـفُّ اليَميــنُ .. فتعْطىِ الشمالُ مُحْسِنَـهْ
يجلس عبد المطلب فى منتصف المسرح صامتا، ينظر إلى السماء مرددا هذا القول، ويبدو حزينا.. وآخر القول باكيا
عبد المطلب : بَعْـدَمَــا أُرْجِـحْــتُ فىِ الدُّنْيَـــا ... كَـوَرقةٍ فىِ إعْـصَـــارْ
بَعْـدَمَــا غُـمَّــت ليالىٍ .. ظــُـلـْـمَتها .. وأْدٌ للنَهَـــــــــارْ
بَـعْــدَ شَـــــوق خِلــْـتُــه .. سَـــرمَديَّــــا الإنتـِظــــــــارْ
ظــَـهَـــر هَــدْيــَا لِسَفيِنىِ .. فِىِ خَـيَــالِى .. كَـمَنَــــارْ
هـذا اليَتيِــــمُ كَـمْ إليْـــــهِ ... تَـشْتَــاقُ مِنِّى الأنْـظـَــــارْ
سَـأكُـوُنُ جَبْـــرَ قـَلـْبِــــهِ ... فاليُـتْمُ للقَـلــبِ إنْـكســـارْ
سَـأكُــــوُنُ شَـــــــدَ أزرِه ِ ... فاليُتْـمُ للنَفْـــسِ إنْهِيَــــارْ
سَـأكُــوُنُ غَيْــثَ جَـدْبِــهِ ... فاليُتْـم للخَيْــــرِ إنْحِسَـــارْ
سَـأكُـــونُ كُلَّ أهْــــــــلِهِ ... فاليُتْـم للأهْـــلِ إفْــتقَــــارْ
وهنا تنزل الدموع من عينيه غزارا فى سكون.. وحينها نسمع تغريد خفيف للعصافير، وألحان خفيفة طائرة، وتنتشر رائحة بخور وحبّذا لو رأينا بعض دخانها، ثم تزداد إضاءة المسرح، مع ترنيمة ملائكية, بحيث يمهد الجو العام للخبر القادم ... وحينذاك يقف عبد المطلب متلفتا متحسسا ملامح الأجواء بعينيه، وكأنه يستنبط الأحداث، فى هذه اللحظة تدخل الجارية ومعها شخص آخر
الشخص: بُشّـرْتُ عَبْــد المُطــَّلبْ .. أحلــى وليـــــد
الجارية: يُجْعَـــــل له مَعـــــــكَ .. العُمـْرُ المَديــدْ
الشخص: وحَظـــَّه فىِ الدنيـــــا .. حَـــظــٌ سعيــدْ
الجارية: فالنُــورُ مـِنْ وجْهِـــهِ .. دَوْمـــا يـَـزيــدْ
عَـن البُـدورِ أمَــــــدَا .. أراه بَـعيِــــدْ
الشخص: تُــــرىَ مـاذا أسْمَيتـــهُ
عبد المطلب: محمد هو ما ..إخْترتهُ
الجارية والشخص معا فى استنكار: ولَقـــبُ الآبــاءِ؟ تَـرَكْتهُ؟!!!
عبد المطلب بوجه هائم فيما حوله:
هَـدْيَـــــاً أتَــانِـــي بِـإسْـمِــــهْ
حـتـى يُـسَبِّــــح حَـمْــــــــدَهْ
مَـنْ فِىِ السَّـمَـــاء وحْـــــدَهْ
وَمـَنْ فىِ الكَـــوْن كُـلّـــــــهْ
وهنا يتوافد الناس تباعا، يحيطون بعبد المطلب مهنئين، وعلي تصاعد الموسيقى التى تبدا معها هذه الأغنية مع الكورال
وُلـِــدَ اليَـتِيـــــمُ .. قَـدْ كانَ وَقـْـعـُــهُ .. ساَجِـــــدا
أسْـمَــاه جَـــدَّهُ .. مِــنَ المَـنــــــام .. مُـحَمَّــــدا
قـَدْ كانَ عَـنْ .. ديـِــنِ الآبَــــــــاء .. مُـجَــــدِدا
قَـدْ كانَ إعْـــلانُ .. عَـــــن الحَــــــقِ .. إبْــتَـــــدا
وبِـهِ أرَادَ اللهُ .. لكلِ الْكَــــــــون .. الهُــــدىَ
إيـــوانُ كِسْرى .. قَـدْ سَقَـــــــــط .. مُهَـــدَّدا
ونَـارُ فُــــرْسٍ .. قَـدْ غَــــادرتْ .. المَعْبَــدا
وَأحَسّهـَـــا .. الشيطانُ تُـوَأد ُ .. بالفَضَــا
وكأنَّ جُـهْده .. مِنْ سِنينْ.. ذَهَــبَ .. سُـــدَىَ
بميـِــلاد أعْظَـم .. مَن نَـزَل عَليْنا .. مُوَحّـــدا
باللهِ ..باعِـثَهُ .. أمِينـــا صَـادِقَـــــا
بِـرسَالةٍ .. باللهِ .. تَـشْهَـدُ خَـالِـقَـــــا
بِـصَلاةٍ.. وصِيامٍ .. وحـِجٍ .. بِهِ مُحلّقـــا
وزكاةِ عــَنْ مـَـــال .. يَفيِــضُ مُبـاَركــا
ثم يرفع صوتهم تدريجيا، مرددا ... مع انخفاض الستار ..
تِــــلْكَ رِسَــالةُ اليَتيِــــم .. رحِيمَــــا
ميـلاده بُعِـــثَ فىِ القلوبِ .. كريمـــا
صلّــــوا عليـه وسلّموا .. تسليمـــا
صـلّـــوا عليـه وسلّموا .. تسليمـــا
|