القاهرة 24 نوفمبر 2022 الساعة 11:21 ص

تعرف الأدبيات الثقافية والمعرفية الدولية البيانات بنفط المستقبل الذي تستثمر فيه كبريات الدول والشركات العابرة للقارات؛ ويكفى أن تعرف أن أغلب نماذج الأعمال الأقتصادية التي قامت على الابتكارات والأفكار المغايرة تمتلك قاعدة بيانات كبيرة لما تستهدفه من جمهور، وتتضمن إحصائيات لمسوح الأسواق التي تخاطبها؛ وهو ما دفع أسهم تلك الشركات نحو صدارة الاقتصاديات التي تحقق بلايين الدولارات حول العالم من تعظيم الاستفادة من ما تملكه من بيانات.
إذا اردنا أن ننطلق نحو آفاق مستقبلية تستشرف العمل الثقافي المصري، سواء من خلال مؤسسة الثقافة الرسمية في مصر والممثلة في وزارة الثقافة المصرية وقطاعاتها، أو المؤسسات الثقافية الأهلية التابعة للمجتمع المدني والخاصة، يجب أن تقود المؤسسة الثقافية الرسمية مشروعا وطنيا لإنشاء قاعدة بيانات تشمل الخريطة الثقافية والإبداعية في كل قرى ومحافظات مصر المحروسة للمواهب والمبدعين الجدد في مجالات الإبداع والفنون كافة، وتعظيم موارد تلك المؤسسات والمبدعين أنفسهم في تسويق منتجاتهم وخدماتهم وإبداعاتهم للإقليم والعالم، وكذلك خريطة الصناعات الثقافية والإبداعية الفنية في مجتمعنا المصرى حتى يتم الاستفادة منها.
ولكي يضع قائد العمل الثقافي في مؤسسات الثقافة (الرسمية - الخاصة) في مصر يده على ما تمتلكه مصر من كنوز إبداعية وثقافية حضارية من المبدعين في مجالات الفنون والإبداع كافة، يجب الاعتماد على تقنية تحليل البيانات، وهي من تقنيات الذكاء الاصطناعى التى تساعد قائد العمل الثقافى على تقديم التحليلات للجمهور المستهدف، كما تكشف له عن الأصول الثقافية التي لم يتم استغلالها على نحو أمثل في محافظات وقرى مصر، وأبرز المنتجات التراثية والحرف الإبداعية التى تشهد إقبالا عليها فى الأقليم ودوليا، كما تقدم له على مدار الساعة تحديثات فورية لاتجاهات الجمهور المستهدف، فيما يتعلق بنوعية الأعمال التي تلقى إقبالاً من جمهور القراء، وهو ما يساهم في تحديد عدد النسخة المطبوعة من إصداراته الأمر الذي يساهم بشكل كبير في عدم إهدار الورق والحبر المستخدم، وكذلك تحديد المواعيد الأكثر تفضيلاً لدى متلقي المحتوى الثقافي والإبداعي، وهو أمر يتطلب فريقا تقنيا مدربا على استخدام تلك التقنية في قطاعات وزارة الثقافة من المبرمجين، ومحللي البيانات، وخبراء علم الخوارزميات، وكليات الذكاء الاصطناعي، والبحوث الإحصائية غنية بهؤلاء في ربوع مصر.
تساهم تقنية تحليل البيانات في تحديد موارد ونفقات العمل الثقافي المستهدف، وتحديد الإنجاز المستهدف، وحجم التحديات وإيجاد الحلول لها، وهو ما ينعكس بالإيجاب على تحقيق أكبر استفادة من أصول وزارة الثقافة، أو أصول إحدى الشركات المعنية بالشأن الثقافي، وهو ما يستدعي أيضا تغيير تشريعي وقانوني للوائح قطاعات الوزارة كافة، حتى يتمكن من إيجاد صيغة تعاون مع الفريق التقني الذى يستعين به لإنجاز المهمة حتى يتم تدريب كوادره لاستكمال مهام الأعمال المطلوبة.
|