القاهرة 24 نوفمبر 2022 الساعة 11:13 ص
بقلم: فاطمة نصار
أبدع الفنان المصرى القديم في كل الفنون، وصنع العديد من الروائع التي تميز الحضارة المصرية القديمة سواء في فنون الرسم أو النحت أو العمارة، وبالأخص فن النحت الممثل في المنحوتات سواء على الجدران أو التماثيل.
• تمثال الكتلة:
هو عبارة عن كتلة واحدة، بمعنى أنه كان يتم نحت التمثال في وضع "القرفصاء" أي ضم الساقين إلى الجسد ويحيط بها رداء حول الجسد، وقد ظهرت هذه التماثيل في الدولة القديمة على هيئة نقوش مصورة على الجدران، ولكن نحت التماثيل بشكل فعلي ظهر في الدولة الوسطى واستمر فى الدولة الحديثة.
وهذه التماثيل لها أهمية كبيرة عند المصرى القديم، حيث إنها تخص الأفراد، وبالتالي يوجد مساحة كبيرة من كتلة التمثال كان يستغلها الفنان في كتابة الأدعية والنصوص التي تحميه في العالم الآخر، واسمه وألقابه وسيرته الذاتية، وكانت الرأس هي البارزة في التمثال حيث ترمز إلى الميلاد من جديد في العالم الآخر، وتوجد أغلب هذه التماثيل في المعابد والمتاحف.
• ونجد منها في المتحف المصري:
(1) تمثال حتب: مصنوع من الجرانيت الأسود (يرمز إلى عالم الأموات).
عثر عليه فى سقارة، ارتفاعه 72سم، في قاعة الدولة الوسطى بالدور الأرضى بالمتحف، يظهر الموظف حتب فى وضع القرفصاء مرتديا باروكة شعر طويلة، ويظهر منه الرأس والذراعين المتقاطعين والساقين، واستغل المحفة التي هو بداخلها في كتابة اسمه وألقابه وسيرته الذاتية.
(2) تمثال سنموت ونفرو: مصنوع من الجرانيت الوردي، عثر عليه في فناء الخبيئة بالكرنك، ارتفاعه 10 سم، يظهر سنموت وهو شاب ذو وجه ناعم مستدير، ممتلئ الوجنتين، ويرتدى باروكة شعر وفم معتدل صغير، أما الطفلة فظهرت رأسها وهي ترتدي خصلة الشعر (الذى يتميز بها الأطفال) أمام رأس سنموت وكتب اسمها بجانب رأسها بلقب (امرأة الرب)، واستغل الفنان باقي كتلة التمثال في كتابة ألقاب وأسماء سنموت وسيرته الذاتية.
• متى ظهرت تماثيل الكتلة؟
ظهرت للمرة الأولى في مصر القديمة في عصر الدولة الوسطى، ثم انتشرت فى الدولة الحديثة، ثم العصر الانتقالي الثالث والعصر المتأخر، وهي تماثيل تصور الإنسان في وضع "قرفصاء" وكأنه محبوس داخل مكعب، ولا يظهر منه سوى الرأس، وفي الدولة الحديثة اقترحت النصوص أن يكون الغرض من هذا الشكل من التماثيل هو حراسة المعابد، ولذلك وضع معظمها عند بوابات المعابد.
ومن أشهر خصائص تماثيل الكتلة في العصور المتأخرة توفيرها لسطح واسع يسمح بنقش كتابات عديدة، خاصة الديانة والطقوس الجنائزية، وكذلك أسماء الأفراد الذين صنعت لهم التمثال، وألقابهم.
• أشهر شخصيات تماثيل الكتلة:
من أشهر الشخصيات التى نحت لها تماثيل كتلة شخصية "سننموت" المهندس الذي بنى معبد الدير البحرى، وكان وكيل أعمال الملكة حتشبسوت، والوصي على ابنتها الأميرة "نفرو رع" حيث ظهر "سننموت" فى عدة تماثيل كتلة وهو يحتضن الأميرة "نفرو رع".
وأيضا تمثال "با إن خنسو" وهو موجود حاليا فى متحف "ميونخ" بألمانيا، ويعود إلى عصر الرعامسة في عهد رمسيس الثاني.
وتعد تماثيل الكتلة من الابتكارات الفنية لفترة عصر الدولة الوسطى، وهي تماثيل تجريدية نقدية وليست جنائزية، ويفسر الأثريون المغزى من الشكل المكعب لتماثيل الكتلة أن أسطح المكعب لتماثيل الكتلة تتيح للنحات كتابة النصوص التى تحوي ألقاب صاحب التمثال أو قائمة القرابين، والطقوس الجنائزية، وأسماء الأفراد التي صنعت لهم هذه التماثيل وألقابهم.
ومن أهم الأسماء الشائعة لهذا النوع من التماثيل: تمثال القرفصاء - تمثال ذو المئزر - التمثال المكعب - التمثال المحتبى - تمثال الكتلة.
وفي بداية الدولة الوسطى كانت تظهر بعض أجزاء الجسد مثل الأقدام والسيقان، وهذه التماثيل تعبر عن التل الأزلى (الكتلة)، أما رأس المتوفى فتبدو كأنها تخرج من التل الأزلى وهو ما يعبر عن العودة للحياة من جديد (البعث)، ومن سمات هذه التماثيل: ظهور أخاديد الوجه وتجاعيده، انتفاخ الجفون، صرامة نحت الفم والأنف، والأذنان كبيرتان، وقد صنعت معظم هذه التماثيل من حجر الشيست الصلب والكوارتز والحجر الجيري.
المراجع:
(1) سليم حسن، موسوعة مصر القديمة، الجزء الثالث، القاهرة، 1948.
(2) كمال محرم، الفن المصرى القديم، دار الهلال، القاهرة، 1937.
|