القاهرة 19 نوفمبر 2022 الساعة 02:34 م
بقلم: محمد حسن الصيفي
كنت أتمنى لو عرفت كيف يعمل العقل وقت الحزن، الحزن بالتحديد دون غيره، لأن وقتها تحدث أشياء غريبة، اضطرابات غير مفهومة، الذاكرة نفسها تبدو وكأنها تتعرض لعملية اختراق، تستحضر مشاهد من الماضي البعيد، تظهر كلمات لأغنية قديمة حزينة، تشعر أنك بعيد عن الدنيا بعاديتها وطبيعتها بمقدار كبير، وكأنك في سيرك أو ملاهي وتعاني من الدوار.
في الطريق كان كل شيء مسبوغًا بحزن رمادي خفيف، حزن نبيل، يجري بهدوء خلف النهر، وكأن أحدًا يقوم بصبه بتأنٍ من براد كبير..
أعود لأتذكر، المشاهد، الطفولة، الحياة التي تجري دون توقف ولو بسيط، مفهوم السعادة ومفهوم الحزن، الحب، الصداقة، الوحدة، النجاة، الخلاص، الموت..
وفي المساء أغوص في نوم عميق وكأني عائد للتو من الطريق الذي كُتب فيه "كل شيء هاديء على الجبهة الغربية"..
قبل أيام كنت أشاهد فيلمًا يناقش مفهوم السعادة، لكنه أصابني بالملل والفتور في منتصف الطريق، يبدو هذا هو الطريق الواعر لكل من يفكر في السعادة أو يفتش عنها..
لكن في المقابل يقتحم الحزن دون استئذان، لا يعرف الرومانسية إلا في إطار محدود، الحزن هادر وكاسر، يقتحم على غرار "محمد شرف" وبطريقته الصاخبة العشوائية "سلام عليكم" كما قالها في الفيلم، لكنه في الواقع لا يقدم كوميديا ولا سلاما، ويقتحم دون استحياء، ووقتها لا مفر أمامك سوى الصبر، والهدوء، والتفكر، والانغماس في صمت طويل، ماذا نفعل هنا، ولماذا جئنا؟! وكيف نذهب؟!
هكذا بكل بساطة، وأحيانًا دون مقدمات!
|