القاهرة 15 نوفمبر 2022 الساعة 05:41 م
كتبت: زينب عيسي
نشر الدكتور حاتم الجوهري أستاذ النقد والدراسات الثقافية المنتدب بالجامعات المصرية والمشرف على المركز العلمي للترجمة بهيئة الكتاب، دراسة جديدة بعنوان: "صفقة القرن بين الديمقراطيين والجمهوريين.. تفجير التناقضات العربية وسبل مواجهتها"، وتأتي الدراسة في سياق متصل من دراسات عدة نشرها الجوهري متصديا لصفقة القرن في السنوات الأخيرة، قام فيها بالرد على دعاة الاستلاب للصهيونية من العرب والمصريين المروجين لصفقة القرن، ومفندا في الوقت ذاته أطروحات الهيمنة الأمريكية والصهيونية التي صاحبت الصفقة ووصلت ذروتها مع "الاتفاقيات الإبراهيمية"، التي استمر حضورها حتى بعض رحيل دونالد ترامب.
وقد طرحت الدراسة تصورا يقول بإن الديمقراطيين يقدمون الآن نسخة خاصة بهم من صفقة القرن التي ظهرت في عهد الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، ورأت في التصورات التي طرحتها أمريكا فيما عرف بـ"اجتماع النقب"، ومن بعده "قمة جدة"، وقبلهما تصريحات جو بايدن الرئيس الديمقراطي الجديد تجاه الاتفاقيات الإبراهيمية؛ دليلا واضحا على تبني الديمقراطيين نسخة خاصة بهم من صفقة القرن، باستثناء أن الديمقراطيين كانوا أكثر نفاقا فادعوا تمسكهم بحل الدولتين دون أن يقدموا دليلا واحد على صدق نيتهم في تبني هذه التوجه.
ورصدت الدراسة استخدام الديمقراطيين لتكتيكات تفجير التناقضات في "مستودع الهوية" العربي نفسها التي استخدمها دونالد ترامب؛ لمحاولة تمرير مخططاتهم في صفقة القرن المعدلة الخاصة بهم وربطها بالمتغيرات الجديد في المواجهة مع الصين والحرب الأوكرانية، خاصة محاولة استخدام إيران كفزاعة لحشد العرب خدمة لإسرائيل والصهيونية وما كان يسمى بـ"حلف الناتو الشرق أوسطى"، بالإضافة إلى توظيف التناقضات المحلية والإقليمة والدولية كافة التي تتقاطع مع دوائر "مستودع الهوية" العربي، وهي المقاربة التي لم تنجح أمريكا في تمريرها كما كانت تحلم فيما عرف بـ"قمة جدة".
ووضعت الدراسة فرضية علمية للتدخل بنمط بديل في مواجهة تكتيك تفجير التناقضات الذي يستخدمه الأمريكيون والصهاينة لتمرير الهيمنة ومخطط السيطرة على البلدان العربية وتفكيكها، وذلك عبر الافتراض أنه عبر التاريخ كان هناك تدافع باستمرار بين الأمم والجماعات البشرية على السيطرة والتوسع في دورة مستمرة، وأن الأمم التي تتوسع جغرافيا على حساب الأمم المتراجعة كان لابد ان يصاحب توسعها الجغرافي سياسيا، نوع من الجغرافيا الثقافية لتحتل العقول طواعية كما كانت قوتها العسكرية تحتل الأرض والجغرافيا الطبيعة.
واعتبرت الدراسة أن صفقة القرن والاتفاقيات الإبراهيمية هي وسيلة الجغرافيا الثقافية التي تسعى بها الصهيونية وأمريكا للتمدد واحتلال العقل العربي، وتفجير التناقضات واللحمة في "مستودع هويته" المتعايش عبر التاريخ، ومن ثم كنمط مستقبلي للتصدى للتكتيك ذلك طرحت الدراسة فرضية مضادة سمتها "فرضية تسكين تناقضات الهوية العربية"، على المستويات المحلية والإقليمة والدولية، لوقف النزيف والتدخل بسياسة بديلة تواجه المخطط الصهيوني والأمريكي المعروف بصفقة القرن الأصلية مع الجمهوريين أو المعدلة مع الديمقراطيين، والاتفاقيات الإبراهيمية التي صاحبت الصفقة في نسختيها، آملة الدراسة أن يتم الالتفات للسياسة العلمية البديلة التي طرحتها من قبل صانع القرار العربي.
وكان "الجوهري" قد أصدر عدة كتب في تفكيكه لجذور الحركة الصهيونية وروافدها التاريخية، منها: "خرافة الأدب الصهيوني التقدمي" التي كشف فيها عما يسمى تيار "الصهيونية الماركسية" ودوره المركزي في التأسيس النظري والواقعي لاحتلال الأرض العربية في فلسطين، وكذلك أصدر الجوهري كتابا بعنوان :"نبوءة خراب الصهيونية"، كشف فيه عما سماه "تيار الصهيونية العدمية" وتحول الكثير من المستوطنين إلى التصور العبثي للمشروع بعد حرب 1948م، وكذلك قام الجوهري بترجمة كتاب جان بول سارتر المعنون: "تأملات في المسألة اليهودية"، وكشف فيه عما سماه "الصهيونية الوجودية" والتفسير الفلسفي الداعم الذي قدمه سارتر للصهيونية بوصفها التمثل الوجودي الفعال الأعلى ليهود أوروبا والعالم.
|