القاهرة 27 اكتوبر 2022 الساعة 12:31 م
منذ أيام أعلنت إحدى شركات الهواتف المحمولة الدولية عن إطلاق نسخة جديدة من نظارة تعمل بتقنية الواقع الافتراضي، تعطي بواسطة إشارات العين أوامر للدفع والشراء الإلكتروني، ومن قبل أعلن أحد محركات البحث عن إطلاق نسخة جديدة من نظارة تعمل بتقنية الواقع المعزز، وجميعها يأتي ضمن تقنيات "إنترنت الأشياء والأجساد"، وهي تقنيات لاقت رواجا كبيرا بين المستهلكين الثقافيين حول العالم.
بالنظر إلى الأساليب الجديدة لدى صناع العمل الثقافي المصري نجد ثمة تراجع كبير -أو بالأحرى تخوف- يتملك قطاعا كبيرا منهم بالدفع نحو الاعتماد على نماذج الأعمال الجديدة، خاصة المبتكر منها في مجال العمل الثقافي وصناعة النشر -حتي ولو على مستوى التجريب-، فما زال قطاع كبير من هؤلاء يتبع آليات عمل تقليدية تجاوزها الزمن في تقديم خدماتهم ومنتجاتهم الثقافية والإبداعية في السوق المصري، ومخاطبة الأجيال الجديدة من المستهلكين للخدمات الإبداعية والثقافية رغم انحياز قطاع كبير من هذه الأجيال نحو الجديد في عالم التكنولوجيا واستهلاك نماذج أعمال رقمية جديدة في هذا المجال، وهو ما يطرح عددا من التساؤلات حول أسباب تراجع رواد العمل الإبداعي والثقافي عن توظيف نماذج الأعمال الجديدة في هذا القطاع الغني بالإمكانيات والأرباح؛ هل يعود ذلك لأسباب تتعلق بالتشريعات المنظمة للعمل الإبداعي والثقافي في مصر؟ أم يتعلق بغياب مراكز الأبحاث التي تقدم الدراسات والبحوث المسحية الخاصة بنماذج الأعمال الجديدة حول العالم في القطاع الثقافي والإبداعي؟ أم متعلق بقدرات العاملين في هذا القطاع ومتابعتهم الجديد في هذا المجال وهو ما يجعلهم يرتكنوا إلى فكرة التقليدي في إدارة أعمالهم الثقافية والإبداعية؟..
الحقيقة أن كل هذه الأسباب والتساؤلات جميعها وراء تلك الظاهرة التي باتت ملحوظة لمن هم داخل هذا المجال وخارجه.
ما الحل؟!
الحل في اعتقادى يتمثل في ضرورة الاتجاه نحو إطلاق عدد من مراكز البحوث التسويقية التي تقدم إلى العاملين في الشأن الثقافي والإبداعي التقارير والمسوح والبحوث الشهرية والسنوية التى ترصد اتجاه الجمهور نحو استهلاك الصناعات الثقافية والإبداعية في مصر، ومعرفة اتجاهاتهم القرائية ونوعية الأعمال الأكثر استهلاكا بين جيل الشباب المستهلك للخدمات والصناعات الثقافية فى مصر، وكذلك إجراء مسوح حول أبرز التحديات التي تواجه العاملين في الصناعات الثقافية والإبداعية في مصر، أملا فى إيجاد الحلول لتلك التحديات في عصر باتت فيه التكنولوجيا وما تقدمه من مميزات وخدمات ليست بالتكلفة الكبيرة، وهو ما سيكون له تأثير بالغ في رواج حركة الصناعات الثقافية والإبداعية المصرية، ورفع الطلب عليها ليس على مستوى الشأن الداخلي وحسب، بل وفي الأسواق الإقليمية والدولية، وهو ما يتطلب إعداد قاعدة بيانات بهذا السوق الكبير الذي تتجاوز ميزانياته ملايين الجنيهات بل الدولارات.
من الحلول التي تساهم أيضا في تغيير ثقافة القائمين على الأعمال الثقافية والإبداعية في مصر اتجاه وزارة الثقافة المصرية نحو إطلاق خطة استراتيجية للاستفادة من الجهود التى تقوم بها المجالس العليا في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي التابعة لمجلس الوزراء المصري، من خلال إقامة شراكات تعاون لرقمنة المنتجات والخدمات الثقافية الرسمية وتقديمها إلى الجمهور، وهو ما يساهم في نشر هذه الخدمات والمنتجات وتحقيق العدالة الثقافية في ربوع مصر وأقاليمها كافة، وكذلك تطوير أداء قطاعات الوزارة المعنية بتقديم تلك الخدمات والمنتجات في المستقبل القريب من خلال إعداد كوادر من الطبقات الإبداعية الشابة في قطاعات الوزارة ممن سيقودون الحراك الثقافي والإبداعي الرقمي بمصر في المستقبل.
|