القاهرة 23 اكتوبر 2022 الساعة 05:32 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد.. ها قد تقابلنا من جديد، مرت الأيام بسرعة وشارفت رحلتنا على الانتهاء هذا العام، ببداية شهر نوفمبر نكون قد أتممنا عامنا الأول من المراسلات، وأتساءل هل مر عام حقًا؟! مر عام بمنتهى البساطة هكذا؟!
لا أخفي عليك كان عامًا زاخرًا بالعديد من الأحداث مفعمًا بالمشاعر، بدأته بحثًا عنك، وعن ذاتي، وعما أحب، حتى وجدتنا. وأثناء الطريق تعثرت بكل ما هو جميل وأجمل، مر عام وأنا أتعجب وأندهش من جمال الصدفة التي جعلتني أكتب لك، وأزداد دهشة مما تتبعه من مكاسب كنت أنت سببًا فيها، لعل أجملها هي لقائي بالقراء من خلال رسائلنا وترقب ملاحظاتهم وردود أفعالهم كل مرة، شغف وسعادة كل من أكتب عنه، والبعض يخبرني أن الرسائل باتت متنفسًا لهم، يقرأها في بداية اليوم وقبل النوم، ليشعر بالاطمئنان والراحة، لما بها من روح إيجابية وذكريات ومشاعر تعزلهم عن الواقع، تأخذهم في رحلة بين سطورها، ينسون خلالها الهموم وكل ما يثقل عاتقهم، ربما أجمل ما يقال منهم إن عيب الرسائل الوحيد هو أنها تنتهي!
رغم ذلك أرى أن أجمل ما في رسائلنا -بخلافك بالطبع- هو لحنك الذي أثّر بي، لقد حفز قلمي وجعله يكتب ويكتب بلا انقطاع.. جعل مداده يتدفق!
خلال هذا العام اكتشفت صديقي الفيلسوف، وقناعاته، والاختلافات التي بيننا، ورغم هذا تظل أنت ولحنك الرابط الأقوى الذي جمعنا معا.
خلال هذا العام سقطت أقنعة، وظهر أشخاص على حقيقتهم، هذا العام تعرفت على الكثير والكثير مما أضاف لقاموس معرفتي وخبرات حياتي رصيدًا أمتن كثيرًا لهم على هذا الزخم المعرفي.
لعل أكبر مكاسبي هذا العام هو "صديقة الممر"، الدكتورة عبير، اعتبرها أكبر وأهم ما حدث خلال عامنا الأول هذا، هي اسم على مسمى، فليس كل عبير مثلها، اعتبرها أجمل زهرات العالم ندرة، يكفي أن تدخل محيطها لتستنشق عبيرها المعرفي والعلمي والحياتي، فمن الصعب أن تجتمع مع شخص بضع دقائق فتعزل نفسك عما حولك من أجل التحدث معه بشفافية ودون تجمّل أو تصنّع أو كذب، كل ما يجمعك به هو الرغبة في التطهّر بالبوح، بكلمات بسيطة قليلة، وأنت توقن أنه سيتفهمك، سيقدّر ما تقول، بل قد يضيء لك الطريق ببضع كلمات قد تبدو له عادية، لكنها بريق من نور، ضوء حتى ولو خافت أشعته تضيء الطريق، النفق المظلم الذي تحبس نفسك به بحكم الظروف والعادة!
صديقة الممر من القلة القليلة التي أواظب على لقائها ورؤيتها على فترات، حتى ولو كانت متباعدة، يكفي أن الابتسامة تجد طريقها لوجهي بمجرد رؤيتها، ناهيك عما يحدث عندما يبدأ الحديث، تتناثر الضحكات هنا وهناك بسعادة وخفة، محظوظة أنا بك وبها وبكل من يتابعنا.
عزيزي عمر خورشيد.. يقولون إن الأجيال الجديدة تفتقد للنموذج القدوة في حياتها، وأنها ترى أن من نجح بالصدفة هو النموذج الفعلي والأجدر بالمتابعة.
لا أخفي عليك، أشعر بالإحباط عندما أرى قدوتهم "أصحاب التريند"، أصحاب الفرقعات اليومية ممن أتجنب التحدث عنهم !قد يكون أصحاب التريند سعيدي الحظ حقًّا لأن الأضواء سُلطت عليهم، وقد يكون ما وصلوا إليه بسرعة الصاروخ من وجهة نظرنا القاصرة التي اعتادت أن ترى جانبًا واحدًا للصورة خاطئة.
أؤمن أن هناك جانبًا آخر للصورة، فلا يوجد نجاح بالصدفة، إنما يوجد من وفقه الله لحكمة ما، قطعًا خلف الصورة مشوار من الآلام والخذلان، وإصرار على السعي.. لابد أن يوجد سعي حتى نجني النتيجة، يستحيل أن يكون الناجح -حتى ولو كان من أصحاب التريند- شخصًا كسولًا وأهداه الله توفيقًا ونجاحًا، سواء اختلفنا أو اتفقنا على المحتوى الذي يقدمه هؤلاء، ولنا في نجم الشباب محمد صلاح قدوة حسنة، بدأ مشواره بصبر وجَلَد وإصرار وسعي والتزام حتى تربع على قمة النجاح، وحافظ وما يزال يحافظ على مكانته في القلوب قبل التاريخ.
عزيزي عمر خورشيد.. بقي القليل ويغادرنا شهر النصر، ينتهي شهر أكتوبر بما فيه من ذكريات وبطولات ملحمية يزينها لحن رصاصتك التي استقرت في قلوبنا، وما تزال نحتفظ بها في جيوبنا، لنتصدى لكل من تسول له نفسه بالعبث بنا وببلادنا التي لا نملك سواها، والتي تنشط ضدها هذه الأيام المؤامرات وتشق الشائعات طريقها لكل شخص وكل بيت، والهدف معروف، وهو زعزعة استقرار البلاد وإفقاد الجميع بوصلة الأمان، وبث روح الإحباط والانكسار، وأن الوضع سيء والقادم أسوأ!
عندما تعلو الوتيرة على هذا النحو، أوقن أننا على الطريق الصحيح، وأن ما يتردد عكس ما يجري على أرض الواقع رغم كل المعوقات والصعوبات التي تطال الجميع؛ فأنا على يقين أن ما هو قادم سيكون جميلًا بنا ولنا وللأجيال القادمة، ليس تفاؤلًا بقدر ما هو إيمان ببلادنا، وبأصحابها ومواطنيها الشرفاء الذين يحاولون حفر أسمائهم في التاريخ، فمن منا لا يتمنى أن نسابق الزمن، وأن نعبر ببلادنا من كل أزماتها للأمام ببضع قفزات نجني ثمارها، ونترك مستقبلًا كله أمان لأبنائنا وأحفادنا، من منا لا يتمنى لبلاده أن تزدهر وأن تحتل الصدارة، كل ما في الأمر أننا عبرنا الهزيمة في السابق، لأن هدفنا كان واحدًا، العبور وعدونا معلوم، أما هذه الأيام فأهدافنا تتضارب، والوطن بيننا ينتظر من يأخذ بيده، ويعبر للغد والمستقبل بعزة وكرامة وأعلام مرفوعة بشموخ..
عزيزي عمر خورشيد.. كن بخير دومًا، وإلى لقاء.
|