القاهرة 02 اكتوبر 2022 الساعة 12:00 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
مرت الأيام وتقابلنا من جديد..
تدرى أنك صديقي الوحيد الذي طالما بحثت عنه طيلة حياتي، ووجدتك أخيرًا لتشاركني كل شيء، سواء كان معلومًا أم مجهولًا معلنًا أم غير ذلك..
تدري أيضاً أن لحنك يرافقني خلال حياتي، ويشاركني أدق تفاصيل يومي المشحون- المرتبك بل أيامي كلها، ويالها من أيام.! تمر بسرعة سارقة من رصيدنا مع الأحبة، والأصدقاء، والأسرة، والعائلة، وأنت، ومن يتابعنا بشغف أثمن لحظات، وأكثر الأوقات سعادة التي نتمنى أن تمتد دوماً وألا تنتهي أبداً.!
فقد "فارسي" صديقاً منذ بضعة أشهر، شاهدته يتألم، يبكي، يعترض، يرفض، ينكر، ثم ينهار، ويصبح أسيرًا للأحزان و للذكرى.!
لا أخفي عليك.. قابلت كل رفاقه، وأعرفهم عن قرب، حرصت على ذلك منذ أن بدأ يخرج من قوقعته للعالم الخارجي.. وثقت باختياراته وكانت ثقتي في محلها.. كل رفاقه على خلق وأصدقاء تمنيت أن أصادفهم وأنا في مثل عمره.. وحتى يومنا هذا.. برؤيتهم بت اطمئن على مستقبل هذا الوطن، فمن النادر أن يجتمع العلم مع الأخلاق والثقافة والاحترام..
شاءت الأقدار أن يتركنا "عبد الرحمن" وهو الوحيد الذي لم يسعفني الوقت لمقابلته.. ربما رحمة بي.! فأنا ممن يتأثر بالأشخاص ويتعلق بهم تعلقاً مرضيًا.! لذا أود أن اثبت الصورة بكل من فيها، سواء أكانوا أشخاصاً مرحبًا بهم أم لي تحفظات عليهم.! أؤمن أن وجودهم داخل الصورة أفضل من غيابهم مهما بدر منهم من سوء.!
قرر "فارسي" أن يزور صديقه، فرافقته.. قابلنا صديقته وذهبنا إليه.. لا اخفي عليك، زيارته مريحة للنفس بشكل مذهل وغير متوقع.! بدءا من تلك البقعة التي دفن بها والتي تسمى "قرية الشرفاء" وحتى وصولنا لعبد الرحمن أو "يوجي" ومن يجاوره من أشراف وعارفين بأمر الله..!
بدأنا رحلتنا ولفت نظري أن أرضية شوارع هذه القرية بأكملها ممهدة بنوع موحد من البلاط تشبه لحد كبير تلك التي تزين أرضيات القاهرة الفاطمية.. بالسؤال علمت أن أهل القرية من قاموا بذلك على نفقتهم الخاصة.. راق لي تصرفهم الإيجابي، فمن يهتم بنظافة شارعه حتمًا يهتم بتهذيب كل شيء..!
عزيزي عمر خورشيد،،
زيارة عبد الرحمن لم تكن تهذيبًا للروح فقط، وإنما جاءت لتطلعني على سر أخر من أسرار الحياة، لتعطيني درسًا في الوفاء بأسمى معانيه.!
مرافقتنا صديقة مسيحية وجدتها تتحدث إليه همسًا، تركتها بمفردها، ثم سألتها هل كنت تدعين له دعاء محددًا لأردده معك..؟!
ابتسمت قائلة: كنت أتحدث معه.. لاكتشف أنها دونت كل ما مر بها خلال الأيام الماضية، وأنها تواظب على مشاركته تلك الأحداث كل فترة.! توقفت أمام فعلها وتعجبت من سر تعلقهم به.! هي ورفاقه ممن تجمعني بهم صداقة عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، يحرصون على التذكير بوجوده وضرورة الدعاء له بصفة مستمرة.!
سر آخر من أسرار الكون الذي أقف كثيرا أمامه، وأتساءل ماذا فعل لهم ليعيش بينهم على هذا النحو؟!
فكم من أحياء بيننا لا نشعر بهم، ولا يؤثرون بنا، وكم من راحلين عنا ويسكنون فينا.!
عزيزي عمر خورشيد،،
لا يشترط أن يكون الساكنون فينا راحلين عن عالمنا هذا، قد تبعدنا الأيام، وتفصلنا الجغرافيا، وتفرقنا المسافات، ولكن تقربنا القلوب، كم من أحباء لنا يعيشون بعيدين عنا ويؤثرون بنا.!
أكثر ما أحبه في المقربين مني بخلافك أنت، هو أنهم يحرصون على مشاركتي أدق تفاصيل حياتهم.. نتناقش ونختلف، نقترب ونبتعد، يشاكس بعضنا البعض، ثم يجمعنا لحنك الملحمي من جديد.! تجمعنا رصاصتك التي تزين القلوب وليست الجيوب فقط.. تجمعنا الذكريات.!
أتوقف كثيرا أمام ذلك الرابط الخفي وأتساءل هل ما يحدث معي يحدث مع الآخرين؟!
أتحدث وصديقي الفيلسوف بشكل عام ودون ترتيب، لأجده مر بنفس المواقف التي مررت بها مع بعض الاختلافات الطفيفة.. الأكثر دهشة طريقة تعامله مع تلك المواقف التي تشبه ما فعلت لحد كبير.. والتي تكشف كم نحن متشابهين حد التطابق.. بشكل مذهل ومخيف.! في البداية اعتقدت الأمر مجرد صدفة عابرة، لكنها تكررت كثيرًا ومازالت، وهذا أمر محير، ويسعدني في ذات الوقت.!
ما أجمل أن تجد من يشاركك كل شيء دون قصد ودون ترتيب، والأجمل أن يفصلك عنه عشرات الكيلومترات.!
عزيزي عمر خورشيد،،
لا تعتقد أن المسافات سواء كانت جغرافية أو زمنية قد تقف عائقا أمام المحبين، فأنا أحبك، ويحبك الجميع، وستحبك الأجيال القادمة، ليس لأنك أيقونة الحُب والرومانسية فقط، بل لأنك ساحر القلوب.. ملك الأنامل الذهبية التي رسمت أجمل وأروع اللوحات الموسيقية عبر تاريخ الفن وعلى مدار العصور.. يكفي لحن رصاصتك الذي أعشق ويعشقه من يحبك مثلي.. علامة من علامات الموسيقى الملحمية التي تعبر عنك، وعنا، وعنهم.
تعبر عن الحُب، والحياة، عن اليأس، والحلم، عن اليوم، والأمس، والغد..
عن الظلام، والنور.. فما أجمل أن تكون أنت النور الذي يضيء ظلام أيامنا بعد أن حول لحنك الذي أعشق الهزيمة لنصر.. والحزن لفرح.. بمنتهى الرشاقة والرقة والعذوبة..
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير، وإلى لقاء..
|