القاهرة 25 سبتمبر 2022 الساعة 06:58 م
من يدفع فاتورة تغير المناخ؟! منذ العام 2015 اجتمع قادة العالم، ورؤساء الحكومات، وعدد من الوزراء المفوضين وقيادات بيئية حكومية وغير حكومية، في باريس من أجل الاتفاق على التعاون واتخاذ إجراءات متسقة على المستوي الدولي والوطني؛ لمواجهة التغيرات المناخية مع الإلتزام بتنفيذها، وكان من ضمن هذه المناقشات: كيف سيتم تدبير التمويل اللازم لتخفيف أثار التغيرات المناخية والتكييف معها خاصة في البدان النامية.
والحقيقة، نحن هنا اليوم في العام 2022، ما زالنا نبحث عن من يدفع فاتورة تغير المناخ، تقلبت الأجواء وتطرفت، وتدهورت التربة وتأكلت الأراضي الزراعية والزحف المناخي حول مواطنين أصليين، إلي نازحين داخل أوطانهم، والبعض الأخر تحول إلي لاجئ مناخي في وطن أخر، ربما ليس لأن الوطن الأخر بعيدًا عن أثار المناخ المتطرف، ولكن بسبب أن يد التغير المناخي لم تطله بعد، فأجبر التصحر والجفاف الناس في البلدان التي أسرفت في الاستخدام غير المستدام للأراضي الزراعية إلي التنقل من مكان إلي خارج داخل حدودهم وخارجها، بحثًا عن الموارد وهروبًا من شبح المجاعة الذي يطاردهم في صحوتهم مثلما يطاردهم في النوم.
تقول منظمة الأمم المتحدة أن هناك حاجة إلى موارد مالية واستثمارات رشيدة لمواجهة التغيرات المناخية، وذلك لتقليل الانبعاثات، وتعزيز التكيف مع الآثار التي تحدث بالفعل، وبناء القدرة على التحمل، ومع ذلك فإن الفوائد التي تتدفق من هذه الاستثمارات تفوق بشكل كبير أي تكاليف أولية.
لقد أظهرت الدراسات التي أجريت والتقارير التي أعدت قبل انتشار جائحة كوفيد-19 أن الاستثمارات في العمل المناخي ستقطع شوطا طويلا لبناء اقتصاد مستدام، ووفقًا لبيانات البنك الدولي لشهر أكتوبر 2019، سيحتاج العالم إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية خلال الخمسة عشر عامًا القادمة - أي حوالي 90 تريليون دولار بحلول عام 2030- ولكن يمكن تعويض تلك الاستثمارات، وقد وجد البنك أن التحول إلى الاقتصاد الأخضر قد يوفر فرصًا ووظائف اقتصادية جديدة، إذ أن استثمار دولار واحد يدرّ في المتوسط 4 دولارات من الفوائد.
التقارير التي أعدتها المنظمة الحكومية الدولية الأمم المتحدة -التي تأسست عام 1945 عقب الحرب العالمية الثانية- حول التغير المناخي عديدة وتصب في كيفية المواجهة وتخفيف الأثار والتكييف، وخلق مناخ واقتصاد أخضر مستدام.
فهناك تقرير جديد يتحدث عن أن النجاح في الحد من التغيرات المناخية إلى مستويات مستدامة وصالحة للعيش مرهون بعدم الاستمرار في حرق جميع احتياطات الوقود الأحفوري الموجودة في العالم، والحقيقة الاقتصادية طويلة المدى هي أنه لا يمكن حرق سوى جزء صغير من احتياطيات الوقود الأحفوري المؤكدة إذا أردنا الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية، وسيتطلب هذا التحول سياسات توجه الدول نحو الحياد الكربوني قبل عام 2050.
• مجالات العمل المناخي:
ستة مجالات ذات أولوية للعمل المناخي حددتها الأمم المتحدة خلال مرحلة التعافي من جائحة كوفيد-19، بما في ذلك الاستثمار في الوظائف اللائقة، وعدم إنقاذ الشركات الملوِّثة، والتخلي عن دعم الوقود الأحفوري، وإنهاء الاستثمار في محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والتخلي عن إنشائها، ومراعاة المخاطر والفرص المتعلقة بالمناخ في جميع القرارات المالية والسياساتية، وتنمية التعاون الدولي، وضمان انتقال عادل لا يترك أيّ أحد خلف الرَّكب، وهذا يثير مسألة الممتلكات التي سيتم التخلي عنها قبل وقت طويل من تاريخ توقفها العادي عن العمل، وقبل أن تنتج العوائد المتوقعة منها.
|