القاهرة 22 سبتمبر 2022 الساعة 11:31 ص
أطلق الدكتور مصطفى مدبولى، أمس، الاستراتيجية الوطنية لحقوق الملكية الفكرية تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، بهدف إعلان قاعدة معرفية وعلمية منتجة بما يحقق التنمية المستدامة والتحول نحو اقتصاد المعرفة؛ الأمر الذي يمهد لإنشاء بيئة معرفية تسهم فى التحول نحو الاقتصاد القائمة على المعرفة من خلال الاستفادة من نتائج البحوث العلمية لدعم الابتكار وريادة الأعمال.
قبل أن نتطرق إلى عوائد تطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الملكية الفكرية فى مصر؛ تعالوا نتعرف معاً على ماهية حقوق الملكية الفكرية، والتى هي نتاج تطبيق وتنفيذ فكر الإنسان من إبداعات وابتكارات وتشمل براءات الاختراع، والعلامات التجارية، والرسوم، والنماذج الصناعية، والمعلومات غير المفصح عنها أو الأسرار التجارية، والتصميمات التخطيطية للدوائر المتكاملة، والمؤشرات الجغرافية، والأصناف النباتية، كما تشمل أيضاً حق المؤلف والحقوق المجاورة مثل الكتب والأفلام والموسيقى وبرامج الكمبيوتر وتطبيقات المحمول وقواعد البيانات والمحتوى الرقمي، والموسيقى، والرسم وغيرها من المصنفات الأدبية والفنية، على أن يتم الإيداع بالنسبة للكتب بدار الكتب والوثائق القومية، وبالنسبة إلى برامج الكمبيوتر وقواعد البيانات بمكتب الملكية الفكرية بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، وهو استراتيجية تتطلب نشرها مجتمعياً من قبل وسائل الإعلام ووزارة الثقافة المصرية ومؤسسات الثقافة غير الرسمية" الأهلية، منظمات المجتمع المدنى" من أجل خلق حالة معرفة مجتمعياً بعوائدها والتعريف بحقوق المؤلف أو صاحب الإبتكار ومسؤولياته وواجباته تجاه مجتمعه.
عانت الدولة المصرية فى العقود الماضية من عدم وجود استراتيجية وطنية لحماية الملكية الفكرية وهو ما انعكس بالسلب على حقوق الابتكارات والأبحاث العلمية وحقوق المؤلفين والكٌتاب؛ وهو ما تجلت مظاهره فى انتشار تزوير الكتب وقرصنتها وبيعها رقمياً عبر شبكة الإنترنت وانتحال البحوث والابتكارات العلمية مما ساهم فى خلق صورة سلبية عن ما يعرف بتحول المؤسسات المصرية إلى اقتصاد المعرفة فى تلك الفترة؛ وهو ما تصححه الآن الدولة المصرية بمؤسساتها فى إطار الدور التنموي الذى تقوده مؤسسات الدولة المصرية فى أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو المجيدة؛ والتحول نحو الاقتصاد المستدام القائم على تنظيم واحترام الحقوق والواجبات فى كافة مجالات الإبداع والمعرفة مما يعزز من التحول الشمولى لكافة المجالات الإبداعية فى مصر ضمن رؤية مصر 2030.
ويعد مكتب حماية حقوق الملكية الفكرية بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "إيتيدا"، هو الجهة المركزية والوحيدة المُختصة قانوناً بخدمة الجمهور من أفراد وشركات ومستثمرين فى مصر بشأن تنظيم إصدار"ترخيص مزاولة نشاط"، وشهادات التسجيل والإيداع لبرامج الكمبيوتر وقواعد البيانات والمواقع الإلكترونية"، وغيرها من التراخيص والشهادات المتعلقة بتطبيق قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 ولوائحه التنفيذية، وكذا القانون رقم 15 لسنة 2004 بشأن تنظيم التوقيع الإلكتروني.
للأسف لا يوجد إحصائية عن اتحاد الناشرين المصريين ترصد ما تتكبده الدولة المصرية من خسائر جراء نشر الكتب المزورة، وفى الوقت نفسه لا توجد حملات توعوية ينفذها الاتحاد من أجل التعريف بضرورة التزام الناشرين المسجلين لديه بتفعيل خاصية "الباركود" لإصداراتهم من أجل تحجيم نسبة الكتب المزورة، وكذلك ورغم ضبط عدد من الكتب المزورة فى معارض الكتب داخل مصر كل عام إلا أننا فى حاجة إلى تفعيل قانون لحبس مزوري الكتب وعدم الاكتفاء بالغرامات فقط؛ ويكفى أنه فى معرض القاهرة الدولى للكتاب الـ52 تم إيقاف أحد المزورين داخل المعرض ومنعه من المشاركه فقط رغم أنه متهم بتزوير 50 ألف كتاب! و هو أمر يجب النظر إليه بجدية وإهتمام لمحاصرة ظاهرة تزوير الكتب فى مصر وضياع حقوق مؤلفيها.
أما بالنسبة إلى تزوير اللوحات الفنية وهى ظاهرة من الظواهر المزعجة التى تفاقمت منذ تسعينيات القرن الماضى فى مصر والى اليوم وتكبد قطاع الفنون التشكيلية خسائر كبيرة؛ ماذا لو استمعت وزارة الثقافة المصرية إلى خبرة الباحثة "ميان صبري" التى أعدت مشروع تخرجها الجامعى عن استخدام بعض المواد الكيميائية التى تميز اللوحات الأصلية من المزورة وهو ما طبقته على لوحات التشكيلي طه القرنى وإنتاج قاعدة بيانات هى الأولى من نوعها لتوثيق اللوحات والأدوات المستخدمة من قبل الفنانين المصريين المشهورين للتمييز بين اللوحات الحقيقية والمزورة؛ وهو مشروع يحتاج إلى تمويل ودعم ورعاية حتى يحقق أهدافه وهو ما سينعكس على حصر الأعمال الفنية الأصلية وتقليل نسبة المزور منها بعد اكتشافها؛ وأتمنى أن تتواصل وزارة الثقافة مع الباحثة وتبدأ فى تذليل كافة العقبات من أجل إتمام هذا المشروع فى إطار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الملكية الفكرية، خاصة وأن اقتصاديات اللوحات الفنية المصرية المزورة تتجاوز ملايين الدولارات وهو ما يهدد هذه الصناعة وهذا المجال الذى عرف به مصر منذ عشرينيات القرن الماضى من روادها.
وللحديث بقية..
|