القاهرة 21 سبتمبر 2022 الساعة 11:39 ص
بقلم: أحمد محمد صلاح
إن الوحدة التي تنسب إلى العصور الوسطى من حيث إنها فترة زمنية تاريخية واحدة، بالتأكيد خطا كبيرا، فالعصور الوسطى في واقع الأمر مقسمة إلى فترات تاريخية عدة، وتلك الفترات مقسمة بدورها إلى فترات أخرى، ولكن مؤرخي الفن قاموا بتقسيمها إلى ثلاث فترات كما يذكرها أرنولد هاوزر في كتابه الفن والمجتمع عبر التاريخ، وهذه الفترات هي: العصور الوسطى المتقدمة، فروسية البلاط في العصور الوسطى المتوسطة، الحضارة البرجوازية الحضرية في العصور الوسطى والمتأخرة.
والبعض الآخر يقوم بتحديد أسماء تلك الفترات بطريقة محددة وموضوعية، فالمرحلة الأولى هي مرحلة الفن الكارولنجي وهذه المرحلة بدأت 780 وحتى 900 ميلادية، أما المرحلة الثانية وهي مرحلة الفن الرومانيسكي وبدأت هذا المرحلة من 1000 حتى 1300 ميلادية، أما المرحلة الأخيرة فكانت الفن القوطي والذي ظهر في القرن الثاني عشر الميلادي ويعد تطور للفن الرومانيسكي.
تغطي مرحلة الفنون في القرون الوسطى مرحلة زمنية كبيرة وممتدة قد تصل إلى 1000 عام، شملت حركات إحياء وتجديد لكل الفنون من الرسم والنحت والعمارة وحتى الشعر، وضمت مناطق شاسعة شملت أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
حاول مؤرخو الفنون تصنيف القرون الوسطى علي فترات وأنماط رئيسية ولكن واجهتهم الكثير من الصعوبات، فتشمل التصنيفات كذلك مراحل الفن المسيحي، والفن البيزنطي، والفن الجزيري، وفن ما قبل الرومانسية، والفن الرومانسي، الفن القوطي، كذلك العديد من الفترات التي غلب عليها التأثر بطابع المنطقة مثل الفن الأنجلوسكسوني، والفن الإسكندنافي.
معظم السمات التي تنسب عادة الفن في العصور الوسطى، كالرغبة في التبسيط والتعميم، والتخلي عن العمق والمنظور، ومعالجة الأبعاد والوظائف الجسمية، لا تميز في واقع الأمر إلا العصور الوسطى المتقدمة، ولم تعد سارية بمجرد أن بدأ الاقتصاد يتحكم في أمزجة البشر، وتسود النقود، والحياة البرجوازية، أما العنصر الوحيد الهام الذي يسود العصور الوسطي قبل هذا التحول هو النظرة المبنية على أساس ميتافيزيقي إلى العالم، فعند الانتقال من العصور الوسطى المتقدمة إلى المتوسطة، تحرر الفن من معظم القيود المفروضة عليه.
نمت فنون القرون الوسطى في أوروبا بتأثيرات الفنون للإمبراطورية الرومانية، ومع بدء ظهور المسيحية والتقاليد التصويرية للكنيسة المسيحية الأولى، وخلطت هذه المصادر مع الثقافات التي تسمي "بربرية" في شمال أوروبا، لتنتج في النهاية ما يعرف بالفن في العصور الوسطى
شهدت العصور الوسطى أحداثا جساما في أوروبا، فقد بدأت بانخفاض الرخاء والاستقرار وما ترتب عليه من انخفاض أعداد السكان حتى عام 800 تقريبا، ثم ارتفع عدد السكان حتى عام 1350 وهو ما يعرف بعام الموت الأسود وقتل فيه مالا يقل عن ثلث سكان أوروبا، حيث كان عدد سكان أوروبا قبل العام السود حوالي 70 مليون نسمة وصل إلى 50 مليونا في هذا العام وحده، كما مرت أوروبا ف تلك الفترة بتغيرات مناخية شديدة وانخفاض درجات لدرجات الحرارة صاحبه تلف المحاصيل ودخول أوروبا في حالة مجاعة شاملة.
وبالطبع في تلك الفترة ظهر الإسلام في شبه الجزيرة العربية، وما استتبع ذلك من دخول الإسلام إلى شمال أفريقيا، ووصله حتى أوروبا، وهو ما يعده الأوروبيون غزوا لبلادهم، ومرحلة من مراحل الحروب التي خاضوها في تلك العصور.
ولتكن بداية أبحاثنا من الفن المسيحي في عصوره الأولى حيث ان هذا العنصر "أي الدين" كان له أبلغ الأثر في تحديد سمات وطابع الفنون في العصور الوسطى وأولها الرسم والعمارة.
|