القاهرة 18 سبتمبر 2022 الساعة 12:05 م
خاض الإعلام المصري معركة وعي خلال جائحة كوفيد 19 على مدار عامها الأول، إذ استطاع أن ينقل إلى المواطن المصري على مستوي تباين ثقافته خطورة الفيروس وآثاره وأعراض ظهوره وكيفية الوقاية الصحية من العدوى به، وخلال هذه المعركة كان الإعلام المصري له اليد العليا في تعزيز الوعي الصحي الوقائي والثقافة الصحية لدي المواطنين.
منذ فترات ليست ببعيدة بدأت الدراسات الأكاديمية تلتفت إلي دور الإعلام في إدارة الأزمات، ولما لهذا الدور من أهمية تستند إليها الدول على تباين قدرتها الاستخراجية والتوزيعية -اقتصاديًا- في مشاركة الشعوب في مواجهة الأزمات والكوارث الطبيعية ومنها انتشار الأوبئة والمهددات البيئية، وتعتمد على القدرة الفاعلة للإعلام في رفع الوعي الصحي الوقائي والثقافة لدي الشعوب؛ من أجل مشاركة الحكومات في مواجهة وتخفيف الآثار والتكيف مع كافة الظواهر.
وتعد ظاهرة الاحتباس الحراري وقضايا التغييرات المناخية هي المثل الأجدر بالدراسة الآن، بعد أن باتت الأجواء المتطرفة - صيفا وشتاءً- عنوان جديد للمناخ العالمي، الذي ألقى بالإحترار على الكرة الأرضية التي أظهرت ضعف أمام سخونة الغلاف الجوي، فأحترقت الغابات في أوروبا وشمال إفريقيا، وجفت الأنهار في فرنسا بغرب أوروبا، وفي تشاد بغرب إفريقيا، وأحدث الجليد في شمال أوروبا نزوحًا غير منتظم لمواطنيها، وحيواناتها البرية وطيورها، وتأثرت الزراعة والمحاصيل، وتقلصت الأراضي الزراعية، وقلت الموارد في بعض البلدان، مما يعزز قيام النزاعات بين الجماعات الواحدة من أجل الحصول على الموارد للبقاء والحفاظ على النوع، الأمر الذي ينظر بالتوسع في هذه النزاعات لتخرج من دائرتها المحدودة إلى دوائر أكثر اتساعًا وأسرع انتشارًا.
ولكن من المؤسف، أن يفقد الإعلام قدرته الفاعلة أمام هذه القضية شديدة الخطورة، فحين تنظر إلي الفضاء الإلكتروني، سواء على مستوي الإعلام المرئي أو المسموع أم المقروء، وحتي داخل قاعات بعض المؤتمرات البراقة التي عقدت باسم تغير المناخ Climate Change تجد أن هناك أمية بقضايا التغيرات البيئية ومهدداتها وخطورتها على حياة الكائنات الحية، فهناك غياب للمعرفة والثقاقة لدى السواد الأعظم من الإعلاميين والصحفيين، وهذا ليس عيبًا؛ ولا الإشارة إليه ذمًا، بل هي شئ من المواجهة والمكاشفة والتصالح مع الأمر من أجل حساسية المرحلة وأهمية القضية، وغياب دور الإعلام الذي يعول عليه العالم الآن في الحشد الجماهيري للمشاركة في مواجهة القضايا المناخية، والتخفيف من أثارها والتكيف معها.
الغريب في الأمر، أن هناك من يتقاعس عن المعرفة، ويرفض التعلم من أجل القيام بدوره الإعلامي والصحفي وهو نقل المعلومات الصحيحة الموثقة، ونظرًا لكون المرحلة تتطلب كسب المزيد من الوقت وليس إهداره، فعلي الجميع أن يخضع للتأهيل من أجل المشاركة في مواجهة تغير المناخ، إذ أنه لا يجوز أن يخلط إعلامي أو رئيس تحرير أو صحفي بين "الطقس" و"تغير المناخ" من حيث المفهوم ظنًا بأنهما يحملان نفس المعني، وهناك من يربط القضية بفيلم أجنبي توقع نهاية العالم، وهناك من يسخر من جهل الإعلام والصحافة بالقضية لمجرد أنه سمع فقط عنها دون أدنى معرفة بالقضية، ومن ينظر إلى الإعلام والصحافة في التعامل مع قضايا التغيرات المناخية يقبض على مشهد شديد التشرذم والتشظي، لا هوية له ولا عنوان، عابرًا بلا ذكر إلى دون قصد.
|