القاهرة 15 سبتمبر 2022 الساعة 11:09 ص

بقلم: فاطمة نصار
هو عميد الطب العالمى، أتقن إيمحوتب عملية التحنيط، وقام هو شخصياً بتحنيط (الملك زوسر)، ويظهر إتقانه لتشريح الجسم البشرى ومعرفته الطبية بشكل بارز فيما وجد من بقايا جسم الملك زوسر، فحين دخل علماء الآثار مقبرة الملك زوسر عام 1934 وجدوا ذراعه اليمنى وقدمه اليسرى، ويبدو بشكل واضح أن الذى أشرف على تحنيط الجسم هو شخص متقن تماماً وملم بعلوم الجسم البشرى، فقد لف الضمادات الكتانية حول الجسد بأفضل ما يكون، بل إن علماء الآثار اكتشفوا دليلاً أثرياً يدل على أن إيمحوتب كان لديه معملاً ومختبراً مثالياً ورائعاً لمزاولة الطب، حيث اكتشف الدكتور زاهى حواس فى عام 1990 بالقرب من الأهرامات، مجمعاً ومدفناً جماعياً للعمال المصريين الذين بنو الأهرامات، وبعد أن أرسلها إلى معامل حديثة للكشف على هذه الهياكل بالأشعة السينية، تبين أنها كانت لمرضى لديهم إصابات، والجميل فى الأمر أن بعض منها قد تم علاجها.
لقد وجدوا أيضاً بعض كسور اليد قد عولجت عن طريق تجبير الكسور، بل الأكثر إمتاعاً وجمالاً أن بعض المرضى قد بترت ساقهم، وتمكنوا من العيش لسنوات بعد بتر الساق، وهذا يعنى أنهم تلقوا علاجاً ومتابعة طبية رائعة.
وقد ترأس إيمحوتب أول مركز علاجى فى العالم، وإن بردية "إدويل سميث" والتى سميت على اسم أول مالك لها، اليى تعد أقدم مخطوطة طبية فى العالم حيث يرجع تاريخها إلى عام 1600 قبل الميلاد، قد رجح بعض العلماء أنها معتمدة فى الأساس على كتابات إيمحوتب، ترجع أهمية هذه البردية لأنها تصنف ثمانى وأربعين حالة من حالات الجراحة التطبيقية، بداية من كسور الرأس والدماغ إلى إصابات النخاع الشوكى، وكل حالة من الحالات الواردة فيها مبحوثة بحثاً دقيقاً فى نظام منطقى؛ فى عناوين مرتبة من تشخيص مؤقت، وفحص وبحث فى الأعراض المشتركة بين أمراض مختلفة، وتشخيص العلة، والاستدلال بأعراضها على عواقبها، وطريقة علاجها.. وهذا يعنى أن أمحوتب قد مارس الطب الحديث قبل أبقراط الملقب بـ "أبى الطب".
أن جميع التماثيل المصنوعة له، كلها تصوره وهو جالس وفى يديه ورقة يقرأ فيها، وهذا دليل على حبه للعلم، يدل على ذلك أن تكون جميع تماثيله تصوره وهو جالس يطلب العلم ويحمل بين يديه أوراقاً يقرأ فيها، ونظراً لهذه البراعة فقد قدسه الناس ومع مرور الزمن صار إيمحوتب "إلهاً للطب والعلم".
وبعد 2000 سنة من وفاته فى عصر البطالمة، عبده شعوب اليونان أيضاً، وكانوا يسافرون إلى قبره طلباً للشفاء، وقد انتشرت عنه الحكايات والأساطير، واعتبره المؤرخون أسطورة لا وجود لها فى الحقيقة، وظل الناس يعاملون إمحوتب على إنه أسطورة خيالية لا وجود لها فى التاريخ.
وإمحوتب هو وزير زوسر الذى أسس الأسرة الثالثة، ونفذ بناء هرم سقارة المدرج من الحجر (2900 قبل الميلاد) وقد اشتهر بعلمه فى الفلك والطب، واعتبره المصريين فى العصور المتأخره (إلها)، وساووه بالإله (تحوت)، كما عبده البطالمة واعتبروه إله الطب والسحر والفلك.
وقد أسس إمحوتب مدرسة لتعليم الطب فى مدينة ممفيس المصرية، والتى أصبحت بعد موته مقراً لعبادته، أما عن حكمته التى قام بتدوينها أو التى نسبت إليه، فقد تضمنتها نصوص الأدب القديم، بالإضافة أنه كان يعد نفسه حامل لواء الكتبة المصريين، فضلاً عن أنه أدرج فى مجمع الأرباب بمدينة (منف) بصفته إبناً (للإله بتاح).
ومن ألقابه: رئيس المهندسين، سيد النحاتين، رئيس الوزراء، ابن بتاح، الطبيب، كبير مستشارى الملك زوسر، راعى الطب والحكمة.
وهو أول من استخدم الحجر المنحوت، ويعد أعظم شخصية علمية فى التاريخ القديم، وأعظم العقول البشرية في التاريخ، ونابغة فن العمارة والنحت، كانت له أبحاث تدور حول المخ، والأعصاب والكبد والرئتين والأعضاء التناسلية، الأمر الذى جعله مرجعاً للكثير من الباحثين فيما بعد، ويعرف كثيراً بـ "ابى علم التشريح"، كما ساهم فى اكتشاف الكثير من العلاجات القديمة للكثير من الأمراض.
المراجع:
(1) باسكال فيرنوس، موسوعة الفراعنة، دار الفكر، 1999.
(2) مرفت عبد الناصر، ايمحوتب، نهضة مصر للطباعة والنشر، القاهرة، 2019.
|