القاهرة 14 سبتمبر 2022 الساعة 11:27 ص
بقلم: أحمد محمد صلاح
كان الفنان الروماني يدمج العناصر الثقافية الدخيلة عليه وسط ثقافته من خلال الغزوات التي كانت تقوم بها الإمبراطورية الرومانية، وأخذ من الثقافة والتقاليد الهلنستية الكثير، وبالطبع كان لا بد للغازي أن يفرض رأيه، فكان الرومان يفرضون على البلاد التي قاموا بغزوها لغتهم والكتابة بالأحرف اللاتينية.
سمي عصر أغسطس بالعصر الذهبي للحضارة الرومانية التي بدأت تتوسع وتأخذ من هنا وهناك وتضيف إلى ثقافتها الكثير والكثير، وتطورت الحركة الأدبية والفنية خلال عصر هذا الرجل، حتى أن المؤرخين أسموا الفترة التي عاش فيها قرن أغسطس.
كانت روما القديمة تنتج فنًا عاديًا من جماعات سكنت شمال إيطاليا سميت ب "الأتروتريون"، واستطاعت هذه الجماعات تطوير فن خاص يعتمد الموضوعات الأسطورية المأخوذة من الإغريق، كما أخذ الرومان -كما أسلفنا- من اليونانيين العديد من الموضوعات الفنية وطرق الرسم والنحت والموضوعات الكلاسيكية، لتتحول إلى إرث روماني -عدا آلهة الإغريق-.
وأضاف الفنان الروماني إلى فنه الذي استوحاه من حضارات اليونان ومصر وأيضا حضارته استخدام مواد جديدة في النحت، وأنظمة بناء مختلفة، كما عدل الأساليب المعمارية لتكون أكثر ضخامة وفخامة، مع زيادة الزخرفة في المعابد والقصور، واستخدم المعماري الروماني مواد غير تقليدية في البناء، أي أنها لم تكن معروفة في الحضارات الأخرى مثل الخرسانة التي كانت عبارة عن خليط من الجير والحجر البركاني والرمال، كذلك الكوب والحجر، مما جعل مبانيه أكثر مقاومة للزمن وما زال الكثير منها قائم حتى اليوم.
ظهرت حضارة الأترورت في إيطاليا، واختلف العلماء حول طبيعتها وأصلها، البعض قال أنهم جاءوا من آسيا الصغرى، والبعض أرجع أصولهم إلى الفينيقيين، ولكن هؤلاء القوم برعوا في بناء الأقواس والأقبية والقباب، فما كان من الرومان إلا اعتبار أن هذا القوس الأتورتري هو أساس الفنون الرومانية، حتى أن الجسور والقنوات المائية والمدرجات الشهيرة كانت تبني بهذه الطريقة، وحتى السيرك المعروف بسيرك ماكسيموس في روما والذي يتسع إلى ثلاثين ألف متفرج كان على هذا الطراز المعماري.
غزت روما العالم ووضعت في كل مدينة في قاارات آسيا وأفريقيا وأوروبا رمزا وشاهدا فنيا ومعماريا، مثل العمود التوسكاني، معبد الآلهة جوبتر، الكولسيوم الروماني، المسرح الروماني بالإسكندرية، عمود السواري، مقابر كوم الشقافة، معبد الرأس السوداء، هذه بعض من الكثير جدا من الآثار الرومانية التي خلفتها تلك الحضارة في مختلف بقاع العالم القديم وما زالت موجودة وقائمة حتى هذه اللحظة.
لم يحظ فن الرسم الروماني بكثير من الجدة والشهرة مثلما حظي به فن العمارة، فكان فن الرسم مجرد تقليد بسيط رصين للوحات الفن اليوناني، وكان الرسام مجرد حرفي أو عامل بسيط لا يقارن بالمهندس المعماري الروماني، وكان فن الرسم الروماني لمجرد تزيين القصور والمعابد فقط، وعلى الرغم من استفادة الرسام الروماني من الحضارة المصرية القديمة ومن الحضارة اليونانية إلا أنه ظل في ذيل الفنون الرومانية، بالرغم من أنه استطاع أن يجيد فن الرسم أو التصوير الجصي، واستخدام الألوان وتركيباتها.
في البداية بدأ النحات الروماني في نحت الرأس والرقبة فقط، ولكن مع مضي الزمن والوقت يبدو أنه بدأ يتشجع، وقام بنحت تمثال نصفي بما في ذلك الكتفين والصدر، بعد ذلك قام بنحت كامل الجسم، وكان الملاحظ في التماثيل الرجال أن معظمها كان وقوفا أما تماثيل النساء فكانت معظمها جلوسا.
كما اطلع الرومان على الحضارة المصرية القديمة ووجدوا أن الفنان المصري دائما ما يصور الملك بصورة عظيمة وجسد متناسق، يخفي كافة العيوب، ويظهره في صورة جمالية رائعة ومحكمة، كان هذا العنصر مؤثرا قويا على الفنان الروماني الذي قام بتصوير كل منحوتاته بشكل به سلاسة ونعومة، وجسد قوي، دون أي ندوب أو ثنيات، سواء عند تصوير الرجال أو النساء، ولكنه تميز في التفاصيل، وبرع في تجسيد شكل القماش على الجسد، والملابس المتدلية، حتى لو كان التمثال قد من حجر شديد الصلابة.
|