القاهرة 12 سبتمبر 2022 الساعة 09:55 ص
بقلم حاتم عبد الهادي
عندما قيل بأن الكتابة لا يمكن أن تكون نابعة إلا من رفاهية، ثارت الطبقات البروليتارية ضد هذه التوجهات لاعتبارات إنسانية بحته قد مستها في توجهاتها الفكرية، وفي وضعها، فكان التباهي بالقيمة على المادة، وبالأخلاق على الشيوع الأخلاقي أو الانحلال فيما سمي باختلال النظم والمذهبية أو حتى بالشذوذ في المجتمعات الرأسمالية مقابل المجتمعات الاشتراكية أو حتى الديمقراطية كمذهب وتوجه.
إن النظر إلى سيكولوجية الجمهور من منظور اجتماعي في ظل القيم الإنسانية والمعتقدات المتعارف عليها قد يجنح بالجمهور إلى رفض أو قبول العمل الأدبي أو المنتج القرائي الاستهلاكي، وذلك للمحافظة على الكينونة العامة للمجتمعات وتماسكها مقابل موجات التفكك، والأفكار التي تحاول النَّيلْ منها لإخضاعها لتوجهات قد تضرب بها في العمق، ومن ثم تنخرط في عالميتها.
لقد سعت أوروبا للحفاظ على مركزيتها المتمثلة في أنظمتها الفكرية ومعتقداتها بالضرب على أية محاولة للخروج أو الانسلاخ من تلك المركزية، فكان رفض التيارية داخل أنظمة الحكم، وخضعت حتى الأعمال الأدبية لمنطق الأيدلوجية للمحافظة على النزوع الفكري من الانزياح أو التخلخل، ومن ثم التخبط والانخراط في ثقافة الآخر.
لذا، حرصت المجتمعات الأوروبية -حتى في إعلاناتها- ورسائلها الاعلامية إلى المحافظة على الهوية الأوروبية، كما سعي اليهود لإلصاق نزعة السامية بهويتهم والدفاع عنها، مع أن العرب من المجتمعات السامية، إلا أن المصطلح اتجه إلى اليهود لتغليبهم الهوية والمركزية للحفاظ على المعتقد والكيان.
ولكن هل سعى الجمهور الأدبي العربي، أو الخطاب العربي لمثل تلك المركزيات؟
نحن الآن إذن أمام قضية تتعلق بالإبداع من جهة، والتلقي من جهي أخرى، ويصبح الكاتب والقارئ طرفين جريحين للنص، ولا نقول نقيضين.
إن الكاتب يسعي ليصل مضمون نصه إلى ذهنية القارئ، كما يسعي القارئ لقراءة ما أراده الكاتب خلف السطور، وهنا تتداخل الإشارة والإيحائية وسيكولوجية القارئ ومزاجيته وحالاته الانفعالية فإما أن تكون لصالح النص، وإما ضده، ولكن مع كلٍ يبقي النص هو النص، وتبقي جدلية العلاقة بين الكاتب والقارئ رهينة لخلود النص أو انتفائه، ولكن مع هذه المعطيات كلها تبقي جدلية العلاقة قائمة، وهنا ينطلق الخيال وتتعدد الرؤى في عالم النص الأدبي.
|