القاهرة 04 سبتمبر 2022 الساعة 03:27 م
يقبض تغير المناخ على رئيتي البيئة بقبضة لها بصمة كربونية شديدة التلوث، ودافعه في هذا الضغط أنه ما كان لحضوره هذه القسوة إلا بعد ما أحدثه الإنسان من ضرر في البيئة، وهكذا تنقل لنا الصورة جميع التقارير الدولية الصادرة عن الأمم المتحددة والوكالات الدولية الطاقوية، والجميعات والمنظمات الدولية المعنية بحماية البيئة والتغييرات المناخية.
تزاحم هذه القضية المناخية، الأزمة الروسية الأوكرانية وما ألقت به من تبعات على السوق العالمية لتداول الغاز الطبيعي المسال، فهذه وتلك قضايا متشابكة بينهما علاقة سببية شديدة الوضوح، وتسعي مصر في ظل تفاقم أزمة المناخ وعجز إمدادات الغاز الروسي إلي أوروبا، إلى لعب دور شديد الأهمية على المستوي الدولي والإقليمي والمحلي، وظهر هذا في كافة التقارير الدولية عن أداء مصر خلال وجودها على خط التفاعل مع هذه القضايا.
ولكن جل ما في الأمر، أن هناك ما ينظر إلي القضية بعين التشاؤم، وهناك ما يري الجوانب المضيئة وسط كل ظلام.
أكدت تقارير متخصصة في قياس معدلات ومؤشرات نمو أو تراجع الدول المصدرة للغاز الطبيعي في مناطق عدة وفقًا لجغرافيا خريطة اكتشافات وتصنيع الغاز الطبيعي والمسال الدولية -أبرزها تقرير صادر معهد الشرق الأوسط- أكد أن مصر باتت المصدر العربي الأسرع نمواً للغاز المسال في المنطقة، وأفسحت لنفسها في صناعة الغاز المسال مجالًا جعلها لاعباً رئيسياً ومنافساً بارزاً في السوق العالمي للغاز المسال.
لا سيما؛ لم تأتي هذه المكانة الدولية لقطاع البترول والغاز الطبيعي في مصر، بين ليلة وضحاها، فالدولة المصرية واجهت تحديات كبيرة خلال السنوات الماضية في قطاع البترول، وتحديدًا في الفترة السابقة للعام 2011 وما لحقتها لمدة أربع سنوات، تفاقمت خلالها أزمات قطاع البترول والغاز الطبيعي، والتي أثرت بالسلب على قطاع الكهرباء في مصر، مما أدي بدروه إلى تراجع في أداء الاقتصاد المصري، وكان طوق النجاة الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو ما نعمت به مصر وما زالت من استقرار سياسي دفع بعجلات النمو على مستوي كافة القطاعات، لاسيما كان أبرزها قطاع الطاقة الذي بات أيقونة ضمن أيقونات النجاح في بناء الجمهورية الجديدة.
• تحديات الطاقة في مصر:
شهد قطاع البترول والغاز الطبيعي في مصر أزمة غير مسبوقة في مطلع العام 2011، تمثلت في عجز تلبية احتياجات السوق المحلي بسبب تذبذب في صناعة النفط والغاز، أدى إلى اتخفاض في حجم الانتاج، وكان مرودود هذا الانخفاض ظاهرًا في قطاع الكهرباء الذي عجز عن تلبية احتياجات محطات الكهرباء من الغاز الطبيعي، فتراجع إنتاج القدرات الكهربائية وبات العجز في قدرات الشبكة القومية لنقل الكهرباء كبيرًا بدرجة أدت إلى تفاقم ظاهرة الانقطاعات على مستوي الجمهورية، والتي بلغت مدتها في ساعات الذروة إلى ست ساعات يومية.
وبدأت الدولة المصرية في مواجهة هذه الأزمة عقب نجاح ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013، وعملت على تخفيف أثارها بوضع عدد من الحلول السريعة بالتزامن مع مراجعة كافة الخطط الاستراتيجية في قطاع الطاقة المصري، وتحديثها مع ما يتوافق من متغيرات في زيادة الطلب على الطاقة بأنواعها المختلفة، مما كان له بالغ الأثر على الحد من آثار أزمة الطاقة في مصر في مجال النفظ والغاز والطاقة الكهربائية، خاصة بعد أن وصل العجز في العام 2014-2015 إلى 0.2 مليار م3، بعدما سجل حجم الإنتاج 46.8 مليار م3، والاستهلاك 47 مليار م3.
• استراتيجية إعادة بناء قطاع النفط والغاز؛
اتخذت وزارة البترول قرارات جريئة بإعادة بناء القطاع في ظل حجم الالتزامات المالية المستحقة عليه لصالح الغير -ديون استيراد شحنات الغاز المسال- والتي توقفت بسبب تأخر سداد هذه المستحقات، وجاء القرار عقب ثورة 30 يونيو، وتم وضع استراتيجية إعادة بناء قطاع النفط والغاز، التي تستهدف الوفاء باحتياجات السوق المحلى من المنتجات البترولية والبتروكيماوية والثروات المعدنية وتحقيق معدلات النمو المستهدفة للاقتصاد القومي، وتأمين إمدادات البترول والغاز الطبيعي من خلال التوسع في أنشطة البحث والاستكشاف وتنويع المصادر والعمل على تعديل مزيج الطاقة.
كما استهدفت جذب الاستثمارات الأجنبية في مجال البحث والاستكشاف عن البترول والغاز وطرح المزايدات العالمية، وتوقيع الاتفاقيات مع رواد صناعة النفط والغاز الدوليين، كما كان الهدف تمكين صناعة النفط والغاز في مصر من سد الفجوة بين العرض والطلب سريعًا، لتخفيف آثار أزمة عجز المنتجات النفطية والتحول إلى القضاء عليها مع استمرارية مواجهتها.
|