القاهرة 26 يوليو 2022 الساعة 11:03 ص

بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد..
ها هي الأيام تمر مجددا، وكتب الله لنا اللقاء من جديد.
لا أخفي عليك أني بت أشتاق إليك، فأنت لم تعد ساحر القلوب وخاطف الأنظار فقط، بل صرت أيقونة حياتي السرية، أنت ملهمي الخاص، صديقي الأبدي، الذي بفضله تحققت أحلام، ظننت أنها مستحيلة الحدوث!
فبفضلك بعد توفيق من الله عز وجل استطعت الحصول على الميدالية التي لم ولن تغادر جيبي تمامًا، كرصاصتك الأبدية التي خطفتني وخطفت من يحبك مثلي وجعلتنا أسرى لك وللحنك النادر الوجود مثلك تماما.
عزيزي عمر خورشيد..
عندما يبدأ يوم جديد أشكر الله أن اليوم بدأ وأنا في ظل حبك وحب من يحبك، فأحمد الله على نعمه التي لا تحصى، لا سيما إذا كان الأمر يتعلق بالمقربين مني.
لا أخفي عليك امتناني للظروف التي سمحت لي أن أمر بهذه التجربة.
يقضي ابني هذه الأيام فترة التربية العسكرية.
أراها تجربة ثرية وفي وغاية الأهمية، أتمنى حقًا أن تعمم على كل الطلبة والطالبات في الجامعات المصرية، لا الذكور فقط.! فعن طريقها يمكننا التأثير والتغير في المجتمع بشكل جذري.
القائمين على هذا الأمر يقومون بإلقاء محاضرات هدفها الأول والأخير التوعية وزرع حب الوطن، والعلم، وقيمة الأرض، بجانب إبراز دور الدفاع الشعبي عبر العصور في تاريخ الدول بشكل عام، والتذكير بدور المقاومة الشعبية في مدن القناة، وحرب الاستنزاف، وأبطال الظل الذين يعيشون بيننا ولا ندرك حجم البطولات التي قاموا بها على مدارالتاريخ.
أتناقش مع ابني كل يوم بخصوص ما مر به لأجده مبتهجا يقص على ما حدث بمرح، أتأمل ملامحه، ومشيته، وجلسته، وهيئته وأتساءل هل هو ذات الشخص أم تُراه تغير داخليًا كما لمست تغيره الخارجي!
حقا أندهش.. أخمسة أيام بانضباط تام قادرة على صنع هذه المعجزة!
إذا كان لها هذا التأثير الكبير في حياته لماذا لا نتوسع في تطبيقها إذن.
قد يتعجب البعض من كلامي هذا، لكني أتحدث هنا ليس بصفتي أم فقط، وإنما بصفتي مواطنة تعيش على هذه الأرض وتعشق تراب هذا الوطن، ولأننا لا نملك سوى وطننا هذا أتحدث وأطالب بتطبيقها على الجميع، فنحن في حاجة ماسة لتغير الكثير من المفاهيم المغلوطة، والمتوارثة التي اعتاد الآخرون ترديدها، وبترديد هذه الأشياء يهدمون الأمل، ينشرون القبح واليأس.
نحن بحاجة لحملات توعية مكثفة، وعن طريق وجوه جديدة غير اعتيادية، وعبر المنصات كافة وليست الوسائل الإعلامية فقط.
عزيزي عمر خورشيد..
معك نعبر الصعاب ومعك سنواصل العبور، وسننشر الحب وسنزرع الأمل، وسنحصد الخير والنور لأن بلدنا تستحق.
أمر بتجربة تعليمية ثرية جديدة هذه الفترة، طالبنا المحاضر أن نكتب عن الأب؟!
استمع لما كتبناه وأبدى ملاحظاته العميقة الفلسفية الطابع، وعندما وجهت إليه ذات السؤال قال سأكتفي بأن أكتب عن أبي أنه عاش رجلاً ومات بطلاً!
واسترسل في شرح كيف أن أباه كان أحد أبطال المقاومة في القنطرة شرق، وأن له اسم شهرة اعتادوا مناداته به، وأنه كان يتم تكريمه كل عام، حيث كان يكتظ المنزل بالقيادات وخلافه دون أن يعلموا سر هذه الزيارات المنتظمة، وأنه علم بالأمر بالصدفة بعد وفاته، وأن والده لم يخبرهم بشيء قط مما قصه الآخرين عليه بعد وفاته، ليكتشف أنه عاش عمره بأكمله تحت سقف واحد مع أحد رموز المقاومة الشعبية.. كيف ولماذا فعل؟!
شرح لنا كل شيء لماذا لم يتباهى بما فعل؟!
قناعة منه أن للوطن حقا أصيلا ودينا في رقابنا، تمامًا مثل حق الأم والأب مهما قدمنا ومهما فعلنا لهم لم ولن نوفيهم حقهم..
هكذا يرى أن ما فعله كان أمرا طبيعيًا، وأنه لم يقم بشيء أسطوري لم يقم إلا بواجبه تجاه الوطن.
وأكد أن مصر محفوظة بقرار إلهي ربما لأن أهلها طيبون ولم يحملوا في قلوبهم ضغينة تجاه الآخرين، وربما لأنها رويت بأطهر دماء على مر التاريخ والأزمان، لذا يصعب اقتلاع جذورنا وتغير هويتنا.
وهذا سر من أسرار انبهار الغرب.. فنحن نختلف ونتعارك ونتخاصم، لكن نتراجع ونتوقف تماما ونعيد ترتيب أوراقنا إذا شعرنا أن هناك تهديدا لنا ولأرضنا، نتناسى ما حدث ونقف صفا واحدا درعًا واقيًا لصد هجمات أي معتدى غاشم على مصرنا الحبيبة..
عزيزي عمر خورشيد..
كم كنت أتمنى أن تكون معاصرًا لعدة أحداث، حتمًا كنت ستزين الصورة بألحانك الأسطورية التي نعشق.. كما يزينها لحن رصاصتك الذي أحُب هذه الأيام.
لك أن تتخيل أنني اسمع لحنك خلفية عندما أُبلغ بأني حققت نجاحًا ما، أجدك تشاركني سعادتي فيرقص قلبي والسر لحنك الذي أحُب..
عندما أترقب شيء أجدني أسمعه فيرتاح قلبي، يطمئن الروح، ويؤكد لي أني سأنال ما أتمنى وأنه لا داعي للخوف أو القلق!
عزيزي عمر خورشيد...
كم أود أن أخبرك بالكثير فقلبي ممتلئ بالعديد من الأشياء التي أود مشاركتها معك ومع من يحُب رسائلنا.. لا سيما إذا كان الحديث عن الحُب والنجاح والحياة..
لا أخفي عليك، كم شعرت بالسعادة عندما هاتفني أحد الأصدقاء من رقم محلي فور عودته لأرض الوطن.. حرصه على محادثتي كان له أثر كبير بداخلي، لأن رسائلنا كانت هي النافذة الوحيدة التي تربطه بمصر.
لك أن تتخيل قدر سعادتي بفرحته لأنه رأى مصر من خلال رسائلنا، وأني لم أبالغ عندما أخبرته أن مصر أصبحت أجمل وستظل أجمل بنا وبك وبكل أصحاب القلوب البيضاء التي لا مكان فيها للضغائن والأحقاد.
عزيزي عمر خورشيد...
كن بخير، وحتى نلتقي.
|