القاهرة 25 يوليو 2022 الساعة 10:28 ص

كتب: مصطفى عبدالله
السائرون نيامًا وحدهم الساعون في دروب الحياة، يبيتون على أمل أن يَحيَوا ذات يوم، إذا رأيتهم حسبتهم موتى وهم أحياء، صباحًا يسيرون على عجالة من أمرهم وهم رقود، تغطى أعينهم غبرة الاحتياج، لا يملكون رفاهية التوقف للراحة، فتجلدهم الحياة بقسوة الظروف، وحتى سوط الظروف لا يسمح بإتمام أحلامهم البسيطة، ولكن يحملون من النكات ماتبصر بها قلوبهم وما يُرضي قصصهم القصيرة التي غالبًا ما تسحقها الأيام بقصر الأجل..
بين وقت وآخر تخرج لنا أسعار الحفلات بالعلمين الجديدة ومارينا، بأرقام ربما تفوق سنة من الأشغال الشاقة بالعمل، أسعار تشيب لها الولدان وتعجز عن وصفها الأسطر، آخرها كانت أسعار حفلة هيفاء المعلن عنها التي تصل إلى 35 ألف جنيه، ومن قبلها روبي والإعلان عن حفلتها بأسعار مقاربة، والهضبة عمرو دياب هو الآخر لم يكن بعيدًا من تلك الأسعار..
الأمر المستفز الذي كلما طالعته استوقفني كثيرًا، وسألت نفسي فيضًا من الأسئلة دون إجابة مرضية لي، إفطار من الفول والفلافل يفوق الـ 12 ألف جنيه بالساحل الشمالي!، أنا لم يوصني أحد كرقيب، ولكن أين الفقير من تلك الظروف؟! وأين الترفيه لمحدودي الدخل؟!
كانت منذ أيام حفلة لمحمد منير، وكانت أسعارها في متناول الجميع، حيث كانت التذكرة تبدأ من مائتي وخمسين جنيهًا، لا تتعجب لكتابتي للرقم هنا باللغة العربية فهو ليس للإقلال لا سمح الله ولكن لأنه يستحق أن يكتب بلغة الـ"ض"، فلربما أبناء الطبقات "الهاي كلاس" لا يستطيعون قراءته وأفضل ذلك، منير السوبر الستار لو طلب في سعر التيكت الخمسة آلاف لدُفِع له، لأنه سوبر ستار، ولكن يأبى الكينج أن لا يفرح أبناء الطبقات محدودة الدخل من الفرحة والبهجة، منير لم يفعلها في هذه الأيام ولكن هو أول من جاء بأسعار تذاكر مخفضة، وعندما عرض عليه أن يرفع سعر التذكرة رفض وقال أتينا من تلك الطبقة وهم جمهوري، أين النجوم وإن صح المصطلح من ما يفعله منير؟!!
كنت وأنا صغير واحدٌ ممن يتردد مع أهلي على حفلات ليالي التلفزيون التي كان بها نجوم كبار من بينهم منير، وكانت أسعار مرضية للجميع، وكان مهرجان القلعة بجانب حفلات التلفزيون، توفيت وماتت ليالي التلفزيون وبقى مهرجان القلعة، المهرجان الذي تشرف عليه وزارة الثقافة، أكثر الوزارات المحافظة على إسعاد ذوي الطبقات المحدودة بالترفيه، سواء الحفلات أو حتى دور السينما الخاصة بها تحت شعار السينما للجميع..
كان قديمًا قطاع الإنتاج الإعلامي المسئول عن حفلات ليالي التلفزيون، فأين هو الآن؟ وأين الحفلات المشابهة لحفلات ليالي التلفزيون؟!
أعلم أنه جفت الدماء من نجوم السوبر ستار ولم يعد بيننا سوى "منير" واحد الملتزم الوحيد بإسعاد الطبقات المتواضعة، علمت من مصادري أن الكينج رفض رفع أسعار التيكت من قبل الجهة المنظمة للحفلة في آخر حفلاته، رغبة منه في إسعاد ذوي الطبقات المحدودة.
سيدي المسئول الأمر أصبح سوقًا مقصورًا على الطبقات العليا، ولا عزاء للمساكين والفقراء، ذلك البائس أين يذهب، للموت أم للقتل أي مأرب يهرب إليه والأخبار تلاحقه على شبكات صفحات التواصل الإجتماعي بأسعار ربما تكون سببًا في تعاسته فقط عند علمه بها.
تمر في تلك الأيام ذكرى ثورة يوليو، وأتطلع من القيادة الرشيدة فتح ملف الترفيه عند المصريين، فلربما تقل الجريمة وينشغل الجميع بالفرحة التي تصلب الظهر في تلك الأيام، فلن أطلب أن يكون الجميع مثل مغني النيل محمد منير، ولكن جل ما أطلبه نظرة جديدة في تلك الأيام المواكبة لاحتفالات ثورة يوليو التي كانت عنوانًا للمساوة بين طبقات المجتمع المصري.
|