القاهرة 24 يوليو 2022 الساعة 12:53 م
فكرة إعادة رسم خريطة النفط في العالم تؤكد أن صناعة النفط باتت لا يمكنها الاستمرار دون التخلص من ضغط الأهداف المناخية على شركات النفط، ومحاسبتها أيضًا على كم الانبعاثات الناتجة عند حرق النفط والغاز، لذا تم الكشف عن التشابك والارتباط الوثيق بين هذه الصناعة ومصادر الطاقة المتجددة، التي تساهم في تنامي التقاط الكربون ما بين 2 إلى 6 مليار طن سنويًا بحلول عام 2050.
وفي الوقت الذي تسعى فيه شركات النفط العالمية إلى خفض بصمتها الكربونية من الصناعة التي تنتج الانبعاثات الكربونية عند حرق النفط والغاز، عليها أن تحول أنشطتها إلى استخدام الطاقة المتجددة، الأمر الذي أصبح حتميا، إذ يجب أن تعمل منصات الحفر النفطية بواسطة مصادر الطاقة المتجددة، نظرًا لما لها من خواص واسعة لعزل الكربون من صناعة النفط.
وفي ظل تعالي الأصوات الدولية سواء الأممية أو الحكومية أو المؤسسية ومنظمات المجتمع المدني والحركات الشعبية ضرورة التصدي للقضايا المناخية والحد من الأضرار الناجمة عن التغييرات البيئية، والتعاون من أجل التكيف مع الأجواء المتطرفة التي تفرضها ظاهرة الاحتباس الحراري وتداعياتها على دول العالم الغنية والنامية؛ كل بحسب مدى تأثره، فإن التحول المُلح والحتمي لحقول النفط العالمية يعني أنها سوف تكون مهددة بالإغلاق وسوف تصارع من أجل البقاء، ولكن سيكون بقاؤها مرهونا بعدم هروب رأس المال، أو بتقديمها للضمانات كافة للمستثمرين في ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على أسواق النفط العالمي الآن.
وتكمن مشكلة منصات الحفر النفطية العالمية الآن في كونها فقيرة تكنولوجيًا؛ من حيث قدرات البنية التحتية لديها على التكيف مع التحول السريع المفروض عليها من أجل الاتساق والتماشي مع الأهداف المناخية، والتي أبرزها التقاط الكربون بنسبة محددة كميًا وزمنيًا، إذ لا مغالاة عند القول إن هذه المنصات تواجه تحديا شديد الصعوبة، ولكنه ليس مستحيلا، فعليها تطوير بنيتها التحتية من أجل التحول إلى ممارسة نشاطها باستخدام تكنولوجيا الطاقة المتجددة، بدلًا من استخدام مصادر الوقود الأحفوري، لخفض مستوي الانبعاثات الكربونية الناتجة عن حرق النفط والعاز.
ربما قد استطردت كثيرًا في شرح وتحليل الجانب المظلم من أثار التحول في صناعة النفط إلى الطاقة النظيفة، ويبدو أنه حان الوقت للحديث عن الجانب المشرق والمضئ في هذا التحول المُلح والحتمي.
وتعد الجغرافيا السياسية عاملا مؤثرا في صناعة النفط العالمي؛ فهي تساهم بشكل ملحوظ في ديناميكية تحول أنشطة منصات الحفر النفطية إلي الطاقة النظيفة، ويقوم تعريف الجغرافيا السياسية على دراسة التفاعل بين المنطقة الجغرافية والعملية السياسية وعلاقاتها المكانية، فتعتمد على عناصر البيئة الجغرافية في تفسير خصائص الوحدات السياسية من حيث قوتها، أو ضغطها، واستقرارها أو تفككها.
تقول التوقعات لكبريات شركات الاستشارات الاقتصادية الدولية، إنه رغم توقع تراجع منصات الحفر النفطية بسبب ضعف وتقادم بنيتها التحتية وعدم جاهزيتها للتحول إلى الطاقة النظيفة وخفض الإنبعاثات الكربونية، إلا هناك توقع بالازدهار في المناطق التي يسهل الحصول على الطاقة النظيفة فيها، وهو ما أكده تقرير حديث صادر عن وكالة Bloomberg Middele East، إذ توقعت تعظيم دور بعض الأحواض النفطية في المستقبل في كل من ساحل الخليج الأمريكي، وحوض بيرميان، ونورث كارنارفون الأسترالي، والشرق الأوسط، وعدد من الأقاليم الأفريقية، ويبدو أن ما يعظم الدور المستقبلي لهذه الأحواض هو موقعها الجغرافي الذي جعل لها امتيازات الحصول السهل على مصادر الطاقة المتجددة، وفي المقابل سهولة جذب استثمارات منصات الحفر النفطية، وبالتبعية احتجاز الكربون أو التقاطه وخفض نسبته حتى 2050
|