القاهرة 05 يوليو 2022 الساعة 03:45 م
بقلم: علي سرحان
كان الخبز والجعة يمثلان عنصرين غذائيين أساسيين والوجبة الرئيسية لكل طبقات المجتمع المصري القديم، فقد كان يتناولهما في كل أفراد المجتمع المصري القديم، من الملك إلى الفلاح والصغير والكبير، فقد جاء في تعاليم"آني" في فضل الأم على ابنها "بقيت ترعاك في كل يوم بالخبز والجعة في بيتها" .
هذا وقُسمت الأواني الفخارية المستخدمة في الخبز وصناعة الجعة إلى ثلاث مجموعات رئيسة كالتالي:
1- أواني القرابين التقليدية خشنة الصنع (أواني الجعة).
2- قوالب.
3- أحواض إعداد العجين (المواجير).
1- أواني القرابين التقليدية: لعبت أواني القرابين التقليدية (أواني الجعة) دورًا مهمًّا في التوزيع الاقتصادي في مصر القديمة ، فقد استعمل هذا الإناء كوعاء لسلع عديدة مثل الجعة والنبيذ والسوائل والحبوب بصفة عامة، من الواضح أن هذا الإناء قد استعمل بصفة أساسية كوعاء للجعة الأمر الذي جعل كثيرًا من الباحثين يطلقون على هذا النوع من الأواني "اسم أواني الجعة" ولعل ما يؤكد ذلك أن شكل هذا الإناء قد ارتبط كثيرًا كمخصص لكلمة Hnqt بمعني جعة .
يعتقد "دي بواسان" أن هذا النوع من الأواني قد استعمل داخل البيوت لحفظ الماء، مشبهًا ذلك "بالزير" في الوقت الحاضر، ويذكر أيضًا أن وجود هذا الإناء بكثرة في مقابر الدولة القديمة قد مثل مخزون المياه، الذي كان يمثل بدوره جزءًا رئيسيًّا من الأثاث الجنائزي ، ويؤكد "رايسنر" هذا الرأي، إذ يذكر أن أواني القرابين التقليدية قد استخدمت أساسًا كجزء من الأثاث الجنائزي في مقابر الأسرة الثالثة بنجع الدير .
ربما استخدم هذا الإناء لحفظ نبيذ التين المسمي dAb أو db وسمي الإناء في هذه الحالة dbyأو dbyt ، ويعتقد "بالكز" Balcz أن هذا الإناء قد اُستعمل في المجتمعات الفقيرة لأغراض التخزين ، بينما اعتبر "رايسنر" Reisner أن هذا النوع من الأواني أوانٍ رخيصة استخدمت استخدام مؤقت كأواني للقرابين .
يذكر "رايسنر" أنه لم يعثر في المصاطب الأولى بالجيزة -والتي تعود إلى بداية الأسرة الرابعة- إلا على نماذج وأعداد قليلة من هذا الإناء ، ذلك على الرغم من أنه قد سجل الكثير من أواني الجعة من المجموعة الهرمية للملك "منكاورع" .
أعيد استخدام هذه الأواني كوعاء للملاط المستخدم في بناء المقاصير العلوية لمقابر الدولة القديمة .
وكثيرًا ما كانت تنقش بعض مناظر الطعام من خبز ولحم وطير وفاكهة وزهر من فوق رسم الحصيرة الأصلية وذلك مع أدعية تقليدية بوافر الطعام من قبل الملك والآلهة لروح المتوفي ، وربما زودت أحيانًا بمواضع منقورة للزيوت، وقناة يجري فيها ما يصب عليها من القربان السائل، حيث يستقبل في وعاء ملحق بها أو يوضع تحتها، وكانت هذه الموائد تقام أحيانًا هدية من الأحياء إلي أحبابهم المتوفين، وقد أطلق علي مائدة القرابين اسم (خاوت) و(تت).
كان لهذه المائدة مغزي ديني، وكان يوضع علي الموائد شتي أنواع القرابين وأهمها الخبز الذي كان له أهمية كبيرة للمتوفي حيث عُثر عليه في المقابر منذ عصر بداية الأسرات ووجدت تعاويذ في نصوص الأفراد ومتون الأهرام والتوابيت وكتب الموتي تهدف إلي ضمان استمرارية إمداد المتوفي بالخبز في العالم الآخر ، واعتبر الخبز طعامًا للآلهة أنفسهم واللحوم بأنواعها وخاصة الساق الأمامية للثور التي تحوي قوة الإنعاش وجاء في بعض البرديات الطبية أنه يمكن تنشيط المريض بعلاجه بجسم آخر يحتوي على قوة الحياة وهو الساق المقطوعة من ثور حـي.
وكانت القرابين تُوضع بدءًا من عصور ما قبل التأريخ على حصير من القصب وكانت كلمة " Htp" تُمثل تصوير تلك الحصيرة الموضوع عليها رغيف الخبز والتي أصبحت فيما بعد السطح العلوى للمائدة الذى تُوضع عليه القرابين. .
يعتبر الغذاء عنصرًا أساسيًّا لكل مجتمع، ويمثل إعداده النشاط المركزي لكل ثقافة، وعلى ذلك فالكثير من المجتمعات تقضي الكثير من الوقت في تجهيز الطعام وكما هو الحال في الوقت الحاضر في مصر، فقد اعتبر الخبز عنصرًا أساسيًّا في تكوين الغذاء المصري القديم واعتبر Barta أن الخبز هو عنصر أساسي في غذاء المتوفى، فعلى الرغم من تضمن حملة القرابين وجملة القرابين وكذلك قوائم القرابين للعديد من أنواع الطعام التي تفيد المتوفى في العالم الآخر، إلا أن الخبز قد تميز بظهوره على مائدة القرابين الموضوعة أمام المتوفى صاحب المقبرة الجالس إلى مائدة القرابين، وفي الغالب ما يصور صاحب المقبرة وهو يلامس أرغفة الخبز .
أمدتنا الحفائر التي تمت في مصر والنوبة والسودان، التي تعود إلى العصور المصرية من أوائل الأسرات إلى عصر الدولة الحديثة، بالعديد من أشكال الفخار التي استخدمت كقوالب للخبز هذا الانتشار الواسع لقوالب الخبز في مناطق متعددة وبيئات حضارية مختلفة، يرجح معها أن صناعة الخبز كانت تشكل جزءًا مهمًّا من الحياة اليومية لتغذية المصريين واعتبر الخبز المنتج جزءًا من القرابين المقدمة إلى الآلهة وإلى المتوفى .
تنوعت أنواع وأشكال أرغفة الخُبز في مصر القديمة وأُنتجت على نطاق واسع في كل الأماكن في مصر القديمة في القصور الملكية، وضيعات النبلاء، والمعابد، وأنتجت أيضًا الأرغفة على نطاق محدود في المناطق السكنية العادية .
|