القاهرة 05 يوليو 2022 الساعة 08:48 ص
مقال: مارك توين
ترجمة: سماح ممدوح حسن
أنا لا أدعي أن باستطاعتي رواية قصة كما يجب أن تُروى، أنا فقط أقول إنني أعرف كيف تُروى القصص، وذلك بسبب أنني كنت أعيش، يوميا ولسنوات عديدة، وسط مجموعة من أكثر رواة القصص خبرة.
للقصص أنواع عدة، لكن الأصعب من بينها هي القصة الساخرة. وسأتحدث بشكل أساسي عن القصص الساخرة الأمريكية. فالقصص المصورة والكوميدية إنجليزية، أما القصص الطريفة السريعة فرنسية.
يعتمد تأثير القصة المصورة الكوميدية والطرفة السريعة على طريقة سردها أو إلقائها، لكن ربما تكون القصة الساخرة أطول ومحتمل أن تتلوى وتتغير بقدر ما تشاء وحتى لا تصل إلى وجهة معينة. بينما القصص المصورة والطرفة السريعة تكون موجزة وتنتهي بنقطة محددة.
القصص الساخرة هي فقاعات تطفو بلطف لوقت طويل، بينما ينفجر النوعان الآخران انفجارا. القصص الساخرة هي بالضبط عمل فني رفيع ودقيق، والفنان فقط مَن يستطيع حكيها.
أما في حكي القصص المصورة الكوميدية، والطرفة السريعة، لا يشترط بالضرورة عنصر الفن فهذين النوعين يمكن لأي أحد إنجازهما.
يُفهم فن رواية القصة الساخرة بمعنى الكلمات الشفاهية وليست المطبوعة التي نشأت في أمريكا وظلت فيها. تُروى القصة الساخرة بجدية، وعلى الراوي بذل قصارى جهده لإخفاء حقيقة أو مجرد الشك في وجود عنصر مضحك في الموضوع.
بينما راوى القصة المصورة هو مَن يُخبرك مسبقا بأنها من أطرف ما ستسمع على الإطلاق، ثم يرويها بفرح شديد ويكون أول مَن يضحك بعدما ينتهي. وأحيانا إن حالفه الحظ وحقق نجاحا ما، يكون ممتنا وسعيدا بأنه سيكرر النقطة الرئيسية "اللب" فيما حكاه وهو يمسح بنظرة سريعة وجوه من حوله طلبا للتصفيق، ثم يكرر ويكرر ما قال، وبالتأكيد هذا شيء بائس لنراه.
بالتأكيد تنتهي القصص، أغلب القصص الساخرة أيضا ب"لب، أو نقطة" أو بحسب ما تحب أن تطلق عليه، لكن عندما يكون المستمع متأهبا لسماع هذا اللب، فعلى الراوي صرف انتباهه، بقصد أو دون قصد إلى طريق مختلف ويتظاهر أنه لا يعرف ذلك اللب. وهذه الحيلة استخدمها "فرار براون" كثيرا وبطريقة جيدة، وعندها كان الجمهور يتأخر في فهم ما يقول، يبحثون عن الفُكاهة ببراءة كأنهم يتسائلون ما المضحك فيما سمعوا!
وقبل براون استخدم "دان سيتسل" أيضا هذه الحيلة، وناني وأريلي وآخرون. لكن راوي القصص المصورة لا يفسد هذا اللب أو يواريه، هو ببساطة يصرخ به في وجهك كل مرة.
عندما طُبعت القصص المصورة للمرة الأولى في إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، وضعها الراوي في الكتابة بطريقة الخط المائلة، أو كان يضع بعدها علامة التعجب. وأحيانا يشرحها بين قوسين. وكان هذا محبطا جدا، يجعل المرء يتخلى عن المزاح ليعيش حياة أفضل.
|