القاهرة 04 يوليو 2022 الساعة 12:35 م
كتب:عصام محمد حسين
إن لكل شعب من الشعوب أو أمة من الأمم أساطيرها، ومصر بوصفها من أولى الحضارات الإنسانية فهي بالضرورة قد عرفت الطقوس الدينية التي وُصفت مجازًا بما يمكن أن نسميه "مسرحية الطقس" أو الطقس الديني الممسرح وقد حظيت هذه الطقوس بالعناية خصوصًا الطقوس الدينية التي اتصلت بإله الخصب والنماء وهو في مصر "أوزوريس"، وعرف في العراق ب "تموز"، و "موت" في فينيقيا، وديونيسيوس عند اليونان.
ومن أقدم العروض الفنية الجماهيرية ذات المضمون الديني ما تحفل به الآثار أو الجداريات المصرية القديمة من شواهد والتي تشير إلى البدايات الأولى لفنون المحاكاة عند المصريين القدماء ولعل أقدم هذه الشواهد كانت تلك العروض الشعائرية التي ارتبطت بأسطورة "إيزيس وأوزوريس" والتي تدور حول مقتل الإله أوزوريس إله الخير في اليوم الموافق السابع عشر من هاتور المعروف في التقويم المصري القديم وهو يوافق أحد الأيام من الثالث عشر إلى السادس عشر من شهر نوفمبر على يد شقيقه "ست" إله الشر، وبعثه من جديد بعد تقطيع أوصاله إربًا إربا ثم تجميعها مرةً أخرى على يد شقيقته وزوجته "إيزيس" وميلاده من جديد في جسد ابنه حورس الذي ينتقم من عمه "ست" ليعم الخير والخصب والنماء من جديد.
لم تكن الأسطورة في مصر القديمة فنونًا قصصية وحكايات شعرية لكنها في الأصل ارتبطت بالمعتقد الديني إذ تعبر عن فكر أصحابها في العقيدة (غير السماوية) ومن هنا اكتسبت أهميتها لعدم وجود شواهد مادية وروحية.
أما فنون المتعة أو فنون المحاكاة فلم تظهر إلى بعد أن استوعب الإنسان الأول في الحضارة القديمة الطقس الديني ثم بعد ظهور القصص الأسطوري الذي يدور حول عالم الآلهة وعلاقة الإنسان بالعوالم الثلاثة:
العالم العلوي والعالم الأرضي والعالم السفلي. وانتقل الإنسان من هذا القصص الأسطوري الذي يمكن اعتباره عبادة أو شعيرة أو تجسيدا لحدث طقسي ديني، إلى العروض الفنية المسرحية سواءً أكانت موسيقية أو تعبيرية راقصة أو درامية. ومع استقرار الإنسان القديم وتطوره في مسيرة الحضارة ارتبطت الفنون بالفكر الشائع في كل حضارة، فلكل مجتمع فنونه الإبداعية الخاصة والنابعة من علاقته بالحياة والبيئة المحيطة به والتي عبرت عن مصيره الإنساني وعلاقته بالكون.
|