القاهرة 02 يوليو 2022 الساعة 04:47 م
قصة: خوان كارلوس أونيتي
ترجمة: أسامة الزغبي
كانت السيدة دائما متشحة بالسواد وتخرج بصعوبة بالغة من غرفة النوم إلى الصالة بسبب مرض الروماتيزم وهي مبتسمة. لم تكن هناك غرف أخرى؛ فقط نافذة تطل على حديقة ذابلة. نظرت في الساعة التي تتدلى من صدرها وحسبت أنه متبقي ساعة على ميعاد وصول الأطفال. لم يكونوا أطفالها. أحيانا اثنان، وأحيانا أخرى ثلاثة يأتون من المنازل المحطمة، البعيدة عن الساحة الصغيرة، بعد عبور الجسر الخشبي فوق بركة المياه الجافة حاليا، والتي تفيض بالماء في مواسم الشتاء.
رغم بداية ذهاب الأطفال للمدرسة، كانوا دائما ما يتمكنون من الهرب من منازلهم أو فصولهم في ساعة الراحة أو في وقت القيلولة. جميعهم، اثنان أو ثلاثة، كانوا رثي الثياب، جوعى، وتتباين أحجام أجسادهم بشكل واضح، لكن كانت العجوز دائما ما تستطيع التعرف فيهم على ملمح من حفيدها المفقود؛ أحيانا ترى في خوان تشابه العيون أو اتساعها ونفس الابتسامة؛ ومرات أخرى كانت تكتشفهم في إيميلو أو جيدو. لكن لا تمر أية ظهيرة دون أن تظهر لمحة، أو إيماءة تتشابه مع الحفيد.
توجهت دون عجلة للمطبخ لتعد فناجين القهوة الثلاثة باللبن والفطائر المحلاة بالسفرجل.
في تلك الظهيرة لم يطرق الأطفال جرس الباب بل طرقوا بأيديهم على زجاج باب الدخول. تأخرت العجوز في سماعهم ولكن تواصلت الطرقات بشكل مستمر دون أن تزيد حدتها. في النهاية، بسبب قدومها للصالة لتحضير المائدة، انتبهت العجوز للطرق ولمحت الأطياف الثلاثة التي تسلقت درجات السلم. أثناء جلوسهم حول المائدة، بخدود منتفخة بسبب طعامة الحلوى، كرر الأطفال المزحات المعتادة، وتبادلوا الاتهامات بالفشل والخيانات. لم تكن العجوز تفهمهم لكنها كانت تنظر إليهم بابتسامة ثابتة؛ بعد ملاحظة طويلة لتجنب الخطأ، قررت أن إيمليو يذكرها بالحفيد أكثر من الاثنين الأخريين. خاصة حركة الأيادي.
أثناء غسل الأطباق في المطبخ سمعت قرقعة الضحكات، والأصوات الهامسة للتكتم على شيء ثم الصمت. سار أحدهم متسللا ولم تتمكن من سماع الصوت المكتوم للحديد فوق رأسها. لم تسمع شيئا آخر، انتفض الجسد ثم رقدت هامدة في أرض المطبخ.
فتشوا في جميع أثاث غرفة النوم، بحثوا تحت المرتبة. اقتسموا الأوراق والعملات المعدنية واقترح خوان على إيمليو:
- اضربها مرة أخرى. للتأكد.
ساروا ببطء في الشمس وعندما وصلوا إلى البركة عاد كل منهم بمفرده، إلى الحي البائس. ذهب كل منهم إلى كوخه، وعندما وصل جيدو إلى كوخه المهجور كالعادة أثناء الظهيرة، قام برفع الملابس، والخردة، والمهملات الملقاة في الصندوق الذي يحتفظ به بجانب الفراش، وأخرج الحصالة البيضاء المتسخة لحفظ نقوده، حصالة من الجص على شكل خنزير صغير ذي أخدود في ظهره.
|