القاهرة 21 يونيو 2022 الساعة 11:29 ص
كتبت: زينب عيسى
في قلب صحراء مدينة بني سويف يكمن سر من أسرار الآثار المصرية التي كانت ولم تزل لغزا حير علماء العالم، يقع في تلك المنطقة هرم عمره 5000 سنة، تعددت مسمياته، الهرم الكاذب، الهرم المنسي، الهرم الناقص، يعتقد علماء المصريات أنه همزة الوصل بين هرم زوسر المدرج، وبين الهرم الأكبر خوفو، في عصر الأسرة الرابعة والملك "سنفرو".
تلك المنطقة التاريخية والتي تحكي عظمة الفراعنة في التخطيط والإنشاء والتحنيط قد عانت من الإهمال لسنوات طويلة دون تطوير أو ترميم، حيث تهدد المنطقة المحيطة بالهرم هذا الأثر المهم نتيجة ارتفاع منسوب المياة الجوفية، وتستعد ميدوم مؤخرا لأكبر عملية تطوير وترميم، وفق المتخصصون ستستغرق 5 سنوات وذلك ضمن استراتيجية تنمية سياحية بالمنطقة الأثرية والتاريخية للهرم، والذى يعد أحد الأهرام النادرة المتبقية من تراث أسلافنا القدماء، من أصل 332 هرما شيدها الفراعنة في مصر القديمة، لم يتبق أو يكتشف منها حتى الآن سوى 18 هرما فقط.
وبجانب تطوير المنطقة الأثرية، يشمل المشروع إقامة أنشطة سياحية وإقامة مراس سياحية وسور وبازارات ووسائل انتقال.
تقع ميدوم على بعد حوالي 25 كم من مدينة "الواسطي" شمال محافظة بني سويف. وعُرفت في النصوص المصرية القديمة باسم "مرتم" التي ربما تعني "بحيرة الإله آتوم"، وأصبحت في العربية ميدوم. وشهدت أرض ميدوم مرحلة مهمة من مراحل تطور المقبرة الملكية متمثلة فيما يسمى بالهرم الناقص، والذي كان يتكون غالبًا من ثماني إضافات، ثم كُسيت من الخارج لتبدو في شكل الهرم. ووصل تطور بناء الأهرام الى ذروته في عهد الملك سنفرو، والذي قام بعدة محاولات للوصول إلى الشكل الهرمي الكامل. فنرى هرم ميدوم الذي بناه الملك سنفرو. ونرى بناءه لما يُعرف بالهرم المنكسر ثم وصوله إلى الشكل الهرمي الكامل في عمارة الهرم الأحمر في دهشور.
ويقول الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية:
يضم هرم ميدوم المعبد الجنائزي، والطريق الصاعد، ومعبد الوادي، وهذه هي أقدم مجموعة هرمية، وعُثر على جدران المعبد الجنائزي على نص كتبه زوار المنطقة في عهد الملك تحتمس الثالث ونسبوا الهرم للملك سنفرو.
ولم يبدأ هرم ميدوم عند بداية تشييده بالشكل الهرمي، بل كان عبارة عن مصطبة ذات قاعدة مربعة الشكل مدخلها إلى الشمال، وفي الأصل كان الهرم مكون من سبع مصاطب لم يبق منها حاليًا إلا أربع مصاطب فقط؛ حيث يبلغ ارتفاع الهرم 45 مترًا من بداية قاعدته الأولى إلى قمته. ولم يُقدر لهذا الهرم أن يكون هرمًا مدرجًا حيث إنه تم ملء الدرجات بالأحجار ثم غُطى كل البناء بطبقة ناعمة من الحجر الجيري.
يقع المدخل على ارتفاع 25 مترًا من الناحية الشمالية، وينحدر منه ممر الدخول لمسافة تبلغ 57 مترًا، وقد يكون لهذا الممر باب من الخشب لإغلاقه عند نهايته السفلى، فما يزال مكانه واضحًا إلى الآن، ثم يسير قليلاً إلى الاتجاه الأفقي، في ممر يبلغ طوله 10 أمتار، ثم نجد في نهاية الممر بهوين صغيرين على صورة دهليز، ثم يتحول إلى بئر عمودي يصل إلى غرفة الدفن، وتقع حجرات الدفن في مستويين مختلفين، فنصفها في باطن الأرض، بينما النصف الآخر فوق الأرض داخل جسم المصطبة نفسه.
ويقع المعبد الجنائزي إلى الناحية الشرقية من الهرم، وكانت لهذا المعبد أهمية كبيرة حين اكتشفه بتري حين كان المعبد أقدم معبد جنائزي مكتشف إلى عام 1891م، والمعبد عبارة عن مبنى صغير يصل إليه عن طريق ممر خالٍ من النقوش إلا من بعض مخربشات الجرافيتي، أما معبد الوادي فقد أثبتت الاكتشافات الحديثة أن المعبد يقع بالكامل تحت مستوى المياه الجوفية مما تصعب معه عملية الحفر واكتشاف أجزائه.
ويضيف عبد البصير: تضم جبانة الهرم مجموعة من المصاطب المهمة، منها المصطبة رقم 17 المجاورة للهرم، والتي لا نعرف اسم صاحبها، والتي تضم أقدم تابوت من حجر الجرانيت، ويتم الدخول إلى الأجزاء الداخلية من خلال مدخل فتحة اللصوص. وما يزال المدخل الأصلي يزال مغلقًا، وهناك المصطبة الشهيرة، للأمير "رع حتب" وزوجته "نفرت" صاحبي التمثالين الشهيرين في المتحف المصري، ومصطبة الأمير "نفر ماعت"، وزوجته "أتت"، والتي تضمنت جدرانها بعض الصور الجدارية الملونة، من بينها لوحة "أوز ميدوم".
|