القاهرة 21 يونيو 2022 الساعة 09:46 ص

حوار: صلاح صيام
الشاعر جمال غانم تعاون مع الفنان الكبير شفيق جلال من خلال أغنية "مانيش ساكت"، تغنى له الفنان إيمان البحر درويش بأغنية "مين السبب" من ألحان وتوزيع الموسيقار محمد عرام، وأغنية "تحبي نفترق ف الحال" غناء أسامة الشريف وألحان وتوزيع الموسيقار يحيى غانم، بالإضافة إلى أغنية "ماليش تاني" غناء صلاح الدين ولحن وتوزيع الموسيقار محمد مصطفى، وكتب لفرقة أنغام الشباب للمطرب الأوبرالي عبد الله سعد من ألحان الموسيقار يحيي غانم، كما اشترك بأغنية في مسرحية" قطط الشوارع"..
سألناه عن أحوال الشعر وأصحاب القوافي والأغنية، وكيفة عودة هذا الفن الجميل إلى سابق عهده فكان الحوار التالى:
• هل انتهى زمن الشعر وهل ما زال ديوان العرب؟
الشعر العربي بخير.. باق ولم ينحسر ولن يندثر ولكنه يمر بأزمة نتيجةً تعدد الفنون وتنوع الأذواق واختلاف الأمزجة، وإن كانت هناك ندرة في الانتاج الشعري بشكل عام، والعربي بشكل خاص، فلا يعني ذلك انتهاء زمانه فلدينا في مصر والعالم العربي العديد من الأسماء اللامعة والمواهب البارعة التي تجيد فن التنظيم والهجاء بالفصحى، ومنهم من لا يقرأ ولا يكتب أمثال عبده يحيى أحد المجيدين لفن الشعر وصناعته بالسليقة أي بدون معلم، أما ديوان العرب فهو موجود ولكن مؤجل لحين، ومتى سيأتي هذ الحين، حينما تتوفر الأجواء المشجعة على الابداع، ومتى تتوفر هذه الأجواء حينما تتحسن الأحوال الاقتصادية للدول وتصبح قادرة على استيعاب المواهب وتبني مشروعهم الثقافي.
• هل ودع القارئ العربي الشعراء؟
وهل لدى القارئ العربي وقت للقراءة أو وفرا ماليا لاقتناء ديوان، الأحوال المعيشية أصبحت مستعصية على الجميع، فالكتاب أصبح من السلع المستفزة ومن الرفاهيات، فلا المتلقي قادرا على تحمل تكلفتها، ولا الشاعر مقتدرا حتى يطبع إنتاجه، ولا الناشر مستعدا للخسارة.. انها حلقة مفرغة سببها الأول ضعف الموارد وزيادة الأعباء، والكل متضرر، والمثقفون هم أكثر المتضررين.
وأتذكر حوار لي مع إحدى المتصفحات وسألتني لماذا لا تطبع مؤلفاتك فقلت لها "حالي كحال البسطاء" وأجبتها بسؤال: من وجهة نظرك أيهما أولى "ديوان شعر لمكتبتك أم علبة لبن لطفلك"؟
• لم انخفضت مبيعات الشعر وصارت دور النشر تتجاهل نشره؟
الشق الثاني من هذا السؤال يجيب على الشق الأول منه، فقد تجاهلت دور النشر إصدار دواوين الشعر خشية الخسارة لانخفاض مبيعاتها، أضف إلى ذلك خروج المنتجين الجادين من سوق الإنتاج بسبب ضعف الرقابة على المصنفات وعدم حماية حقوق الملكية وتفشي ظاهرة القرصنة الفكرية، وهذه العوامل نالت من عزيمة الناشرين وخفت من حماسهم وأرهقت ميزانينهم مما أفسح المجال أمام المهمشين وأنصاف أو أرباع الشعراء لكي يعتلوا المنصات الإلكترونية وتحقيق المكاسب، ومرد هذا كله يعود إلى حالة الكساد الاقتصادي واعتلال المزاج العام.
• نشر قصيدة الآن فى صحيفة ورقية يحتاج لمعجزة.. من المسؤول وما الحل؟
ربما يعود ذلك الى تراجع نسب توزيع الجرائد الورقية، بعد الانتشار الواسع للصحافة الإلكترونية، فالعائد على الجريدة من نشر القصيدة أصبح غير مجد فالأفضل والأربح لها هو تخصيص تلك المساحة للإعلانات أو لإجراء مقابلة مع نجم مثير للجدل أو نجمة مثيرة للغرائز.
• هل نملك اليوم شعراء جادين؟
* بالتأكيد هناك شعراء في مصر والوطن العربي ملء السمع والأبصار شعراء عظام أمثال الشاعرين جمال بخيت و عوض بدوي، ومن أبناء جيلي الشعراء إبراهيم عبدالفتاح، ومحمد رجب أبو العروض فهو شاعر عروضي من الدرجة الأولى ولا يشق له غبار فهو شاعر يملك أدواته الشعرية والفكرية والعروضية، وباسم الكفراوي شاعر من الطراز الفريد صاحب كلمة ومعنى ومغذى ومن أصحاب مدرسة "السهل الممتنع"، وجمال الأقصري الشاعر الجنوبي الجميل، ومحي حوار، وكلهم رفقاء درب والحاضر الغائب الشاعر صاحب اللون الفريد حسن رياض رحمة الله عليه، وهناك بعض الشعراء الذين يتفوقون بشعرهم على شعراء آخرين من ذوي المنصب والمكانة، ومنهم الشاعر العملاق يحيي عبد العزيز وبالمناسبة هذا الشاعر من كان يقف خلفي ويدعمني ومن منصتكم أوجه له التحية، أما شعراء الفطرة فهم كثر لكن ابداعاتهم حبيسة الأدراج وأذكر منهم صديقي المقرب عماد فرغلي الشاعر والكاتب الموهوب، وهناك شاعرات علي متصفحي لهم قدر كبير ومستقبل واعد أمثال الشاعرة الملقبة بالشاعرة المغمورة والشاعرة مشيرة أبوالسعود، و فاطمة الزهراء، وأخريات على الطريق.
• كيف نعيد المجد لديوان العرب؟
إذا عم الأمان راج الديوان، وأعني هنا الأمان الفكري والسلام النفسي والصفاء الذهني، وعندما تعود للحياة سلاستها وبساطتها وتقل الضغوطات على الدول والأفراد حينها ستنتشر دواوين العرب وتعقد الندوات نعلم ونتعلم نثقف ونتثقف وننهل من بحور الشعر أروجها.
والدول العربية و من بينها مصر مطالبة بمنح الثقافة قدرا أكبر من اهتماماتهم، وتبني مشروع مشترك لأحياء ديوان العرب، فبعض الدول لديها وزارات للسعادة وأخرى للترفيه تهتم بالفنون ولا تعير الثقافة قدرا، والشعر هو عماد الثقافة.
• ما تقييمك لحالة الشعر العربى حاليا؟
التقييم صادم والحالة يرثى لها، فالشعر نشأ في شبه الجزيرة العربية وازدهر هناك وكان مزدهرا لوقت قريب الى أن نشبت الصراعات والأزمات الأخيرة التي أرهقت مواردهم حتى أصبحوا أقرب لنا.
في السابق نقلنا العلوم والفنون للغرب وأتقنوها حتى سبقونا، واليوم نحن من نسير خلفهم، وما من أمل لإعادة الأدوار كسابق عهدها لأنهم يقرأون ونحن لا نقرأ واذا قرأنا حفظنا دون فهم وإذا فهمنا لا نفكر، وإذا فكرنا لا نبتكر وإذا ابتكرنا لا نجد من يسمعنا
كلما ابتعدنا عن القراءة والثقافة والأدب كلما تأثرنا بالثقافات الغربية، وأخشى أن نفقد هويتنا.
• الأغنية الآن إلى أين ؟
الأغنية إلى الهاوية، وستزداد في انحدارها وانهيارها لطالما بقي كل مسئول في وادي وانتشرت مقولة أنا مش هصلح الكون لوحدي، ومقولة أبدا بنفسك مستفزة، ويجب أن نتحد كي نعيدها إلى الواجهة، لأنها كانت في الماضي جزءا حيويا من قوانا الناعمة والداعمة للاقتصاد المصري.
• وما سبب الانهيار؟
سبب الانهيار واضح للعيان غاب دور الرقيب والرقابة، فانحدرت الأخلاق وانهارت القيم وذهبت المبادئ وبظهور اليوتيوب، وترك الحبل علي الغارب وجدنا ما يزكم الأنوف وأصبحوا "تريند".. وعزوف المنتجين عن الإنتاج لعلمهم بأنهم سينتجون أغنية اليوم وغدا سيجدونها على المشاع على الإنترنت.
• وكيف ننقذ الأغنية من الانقراض ونحفاظ على الذوق العام؟
بتضافر الجهود من خلال الرقابة على الأغنية، وتشديد وتغليظ العقوبات على المخالفين وتفعيل دور المصنفات الفنية، وغلق أو فلترة اليوتيوب والتوك توك، وعمل لجان من السادة الشعراء أهل الثقة لإجازة الأغاني على أن يكون بها عضو من المحلنين، وفوق كل هذا عودة المنتجين للعمل، والدولة تضمن هذا ويجب إنهاء ظاهرة ما يسمي بأغاني المهرجانات، وبذلك يمكننا أن نرتقي في كل شيء، ويصبح لدينا فن هادف قائم على احترام المتلقي.
|