القاهرة 19 يونيو 2022 الساعة 09:40 ص
بقلم: محمد أبوزيد
أتعجب من العاقلين جدًّا السائرين في الطرقات وهم يضحكون على أفعال من يطلقون عليهم "مجانين" ذهبت عقولهم، ولا يشعرون بقلوبهم، لكنها الحياة قلوب بلا عقول وعقول بلا قلوب.
لا شك أن الحياة أرغمت الجميع على بعض التنازلات بإرادته لأجل أحلام ما، لكن هناك من سلبت منه عقله ولم يستطع وقتها الرفض أو القبول.. قُضي أمره في لحظة، ومشى سائحًا بين دروبها يصرخ بكل الطرق، أمس وجدته.. كان أحدهم يصرخ في زجاجة مياه، يدفعها في الأرض بكل عنف ويسبها ويقول فعلتِ بي كذا وكذا وكذا، ويلتقطها ويدفعها تارة أخرى، غير مبالٍ بمن ينظر، يركض في الطريق وراء زجاجته هكذا طوال اليوم، وأخرى أتتني في ملابس أرستقراطية ممزقة، تمسك بها عند خصرها، وصدرٍ مفتوح لا تعي به عارٍ أو لا، كان ما يشغلها أن تقول لي:
- شفت كلهم بيقولوا إني وحشة
- مين قال أنتِ جميلة جدًّا.
- ربنا يخليك، بس أنا وحشة صح.
- لا أنتِ حلوة
ابتسمت بحب رغم أنها لم تع كلماتي، لكن شعرت بصدقي في كل حرف بدرجة كبيرة من الحساسية فمالت على كتفي وقبّلتني ثم صرخت في شاب دون العشرين ينظر إليها فصفعته قائلة: بتبصّ على إيه يا قليل الأدب.
وعادت إلي: شفت مش قلتلك مش بيحبوني، أنت حلو.
ثم تركتني وذهبت.
هؤلاء رفاق طريقي، فارفقوا بهم، الحياة ربما سلبت عقولهم لكن قلوبهم ما زالت تشعر، الألم وحده كفيل أن يثقل درجة الشعور، والآمهم كبيرة ومشاعرهم فياضة، ارفقوا بهم حتى في نظرتكم إليهم.. فبعض الرفق يهوّن الكثير وأقل الرفق أن تنظروا إليهم كقلوب متعبة سلبت منهم الحياة عقولهم رغمًا عنهم.
|