القاهرة 16 يونيو 2022 الساعة 08:53 ص

رغم أننا نعيش في عام 2022 إلا أن بعض الأصوات مازالت لا تتقبل مسألة التغيرات التقنية على الإعلام، والاكتفاء بل والتشرنق في شرنقة الشكل التقليدي لوسائل إعلامنا؛ سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية، حيث إن هؤلاء مازالوا لم يستوعبوا ما حدث من تغيرات متسارعة تكنولوجيا لها بالغ الأثر على الإعلام؛ وقد تتفاجأ عزيزي القارئ أنه منذ عام 1983 ومفهوم الاندماج في وسائل الإعلام تتردد أصداؤه في مؤسسات الإعلام الدولية؛ وهو ما ستجده مثلا عند "جون سولي" المدير التنفيذي الأسبق لشركة "آبل" والذي يعد أحد أهم المتخصصين حيث عرض وقتها لرؤية شركته لصناعة المعلومات ما بين عامي "1980- 2000" مختصرا رؤيته لما ستكون عليه صناعة المعلومات عام 2000 في "الاندماج".
هنا نتساءل ما الذي يجعل هؤلاء ومنهم عدد ليس بقليل من صناع إعلامنا التقليدي لم يستوعبوا المفاهيم الجديدة التي خلقتها رقمنة المحتوى الإعلامي، وما إذا كان هؤلاء مازلوا على اقتناع كامل بالأدوار التقليدية للإعلامي، وبالأنماط الكتابية والرؤيوية التقليدية في مؤسساتنا رغم أن ما ينفق عليها لم تستطع خدماتها المقدمة تعويضه ولا أقول تحقيق الأرباح بل مجرد تعويض الذي ينفق!
أعلم جيدا أن ما مرت به مؤسسات الإعلام في مصر من أيديولوجيات فكرية مغايرة من إعلام اشتراكي إلى إعلام انفتاحي إلى إعلام رأسمالي -يتجلى الأخير في تصدر القطاع الخاص لهذا المجال- قد يكون ألقى بظلاله وتأثيراته بل وتداعياته على جمود أفكار المطورين لهذه الصناعة، وهو ما أدى بالتبعية إلى تخلفنا عن ركب التأثيرات التقنية على إعلامنا.. ربما يكون سببا وراء ذلك، خاصة وأن من يتخندق في خنادق الأيديولوجيا يتسم بالديماجوجية التي تؤدي في النهاية إلى تصلب شرايين الإبداع والابتكار والتطوير؛ وربما لحالة العزلة التي فرضها بعض من جاءوا على رأس تلك المؤسسات دون خلفية علمية، واكتفاء من اختارهم بمستوى محدود من الممارسة المهنية قد يكون سببا آخر أدى بنا إلى ما نحن فيه من تراجع أداء وخسارة المنافسة مع المؤسسات الإعلامية الدولية التي حققت نقلات نوعية على مستوى الأداء والتأثير والعوائد والأرباح وبتكاليف أقل.
الأيام القليلة الماضية استمعت لبعض القائمين بالاتصال في بعض المؤسسات والقنوات في محاولة لفهم ما يعنيه تطوير العمل الإعلامي من مدخل تكنولوجي، وفي حقيقة الأمر ذهلت من بعض التصورات التي تخلط على سبيل المثال بين صحافة البودكاست والراديو، وترى أن القنوات التليفزيونية التقليدية ستستمر رغم صعود نجم منصات الدراما الإلكترونية مدفوعة الاشتراك والتي سحبت المشاهدين والإعلانات إليها بل ودفعوا ثمن ما يشاهدونه من محتوى يحقق لهم متعة المشاهدة.
بعد كل ذلك في تصورك عزيزى القارئ الذي أشاركه ما يدور في عقلي حول تراجع أداء المؤسسات الإعلامية بسبب بعض المنتمين لعصور مضت وولت، هل ترى أن هناك أملا في الاستفادة بشكل عملي وواقعي من التكنولوجيا في تطوير مؤسساتنا؟ قبل أن ترد سأحيلك إلى دراسات الجمهور والقائم بالاتصال فقط التي أجريت في كلية الإعلام جامعة القاهرة مؤخرا، وستجد الإجابة وافية وكافية، وكل ما أتمناه فقط أن تطبق مؤسساتنا الإعلامية ما جاء في دراساتنا الإعلامية من أجل التطوير فقط في تصوراتها المستقبلية، حتى ننهض بالمحتوى والأداء الإعلامي، وحتى ننتقل إلى نماذج أعمال إعلامية جديدة تعكس رؤية مصر 2030.
|