القاهرة 14 يونيو 2022 الساعة 10:46 ص

كتب: إبراهيم حمزة
ناقش الباحث جمال فتحى السيد نوفل، رسالته للماجستير بعنوان "فعالية العلاج بالليجو في تحسين التفاعل الاجتماعي" بكلية التربية جامعة المنصورة، بإشراف د.فوقية محمد محمد راضى، ود.نادية السعيد محمود عبد الجواد، وقد أوصت اللجنة بالإجماع بمنح الباحث درجة الماجستير بتقدير ممتاز مع التوصية بنشر الرسالة على نفقة الجامعة وتبادلها مع الجامعات الأجنبية، بهذه الكلمات انتهت رحلة من المتعة المتعبة الملهمة المبهجة للباحث جمال نوفل، منذ بدأت جلساتها المطولة مع ثمانية أطفال مصابين بمرض التوحد، وعبر الجلسات بدأت رحلة العلاج عن طريق استخدام لعبة الليجو ، وكلمة ليجو Lego هي كلمة دنماركية وتعنى اللعب الجيد، وترجع فكرة العلاج بالليجو إلى الطبيب النفسى الأمريكي دانيال ليجوف، وذلك بعد ملاحظته لطفلين كانا في حجرة الانتظار بعيادته الخاصة، وهما يلعبا معاً باستخدام مكعبات الليجو، والجدير بالذكر أن هذين الطفلين كانا يعانيان من مشكلات في التفاعل الاجتماعى.
أربعة ذكور واربع إناث تتراوح أعمارهم بين الثامنة والثانية عشرة ، عاش معهم الباحث جمال نوفل فترة زمنية طويلة ، بهدف تحسين تواصلهم الاجتماعى مع الناس ، ولمدة ثلاثة شهور ، قام الباحث بالتعاون مع أحد المراكز المتخصصة بإجراء بحوثه الهادفة إلى معالجة مرض التوحد لدى هؤلاء الأطفال ، والتوحّد من الاضطرابات النمائية الي يعانى منها العديد من الأطفال في كل المجتمعات، كما أن الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب في زيادة مستمرة تثير قلق الأفراد والشعوب، وتدفعهم للبحث عن برامج تدخل فعالة للحد من هذا الاضطراب، والمساهمة في تحسن جودة الحياة النفسية لهم، وخفض المشكلات الاجتماعية والسلوكية التي يعانون منها، والتخفيف عن أُسَر هؤلاء الأطفال. وهو عبارة عن المظاهر المرضية الأساسية التي تظهر قبل أن يصل عمر الطفل إلى (30) شهراً ويتضمن الاضطرابات التالية:
-
اضطراب في سرعة وتتابع النمو بكل أنواعه.
-
اضطرابات في الاستجابات الحسية للمثير.
-
اضطرابات في الكلام واللغة.
-
اضطراب في القلق أو الانتماء للناس والأحداث والمواقف.
تكشف الدراسة عن عدد هائل من المخاطر التى يجب مواجهتها لدى الأطفال المتوحدين ، منها السلوك النمطى التكرارى: ويعنى ذلك تكرار السلوك نفسه بشكل مستمر دون أي ملل أو تعب، كذلك الانشغال بحركات نمطية تكرارية مثل: حركة اليدين، أو الأصابع أو التلويح بها.
حيث تشير الدراسات إلى قيام أطفال التوحد بعمل حركات متكررة وبشكل متواصل بدون غرض أو هدف معين، وقد تستمر هذه الحركات طوال فترة اليقظة، وعادة ما تختفي مع النوم، مما يؤثر على اكتساب المهارات، كما يقلل من فرص التواصل مع الآخرين، ومن أمثلتها: اهتزاز الجسم، رفرفة اليدين، فرك اليدين، تموج الأصابع، لف الأشياء الدائرية، طقطقة أمام أعينهم وغيرها من السلوكيات النمطية المختلفة، كما أن اغلب الأشخاص المصابين بالتوحد يقومون بشكل متكرر بسلوكيات مقيدة لا ترتبط بهدف واضح. ومنها االسلوك الروتينى:
تُبرِزُ هذه المشكلة الارتباط بين عدم قدرة الطفل فى فهم العالم من حوله وذاكرته الممتازة، فهو يحزن بشدة إذا تغيرت البيئة من حوله كتغير شيء في غرفته، أو فقد شيء مألوف، ويفزع من تغيير الروتين. ويمشي بطريقة ثابتة، ويغسل يده بنمط محدد . ولعل من أخطرها : سلوك إيذاء الذات والآخرين: و يصبح هذا السلوك بمثابة طريقة منه للتعبير عما يعانيه من ألم، حيث يصعب عليه استخدام لغة واضحة أو طرق بديلة لجذب انتباه الآخرين لما يعانىه من عدم راحة أو ألم، وفى أحيان أخرى يوجه عدوانه نحو الآخرين في الأسرة أو المدرسة من خلال سلوك العض أو الرفس أو الضرب، وقد يحطم ويكسر الأشياء من حوله، ويصعب على الأهل التعامل مع هذه الأنماط السلوكية ، فقد يعض نفسه أو يضرب رأسه فى الحائط أو يعض الأثاث بما يؤدى إلى إصابة الرأس بجروح أو كدمات أو أورام. ويكرر ضربه أو لطمه على وجهه بإحدى أو كلتا يديه. أو يقفز من فوق الأسطح المرتفعة مما يعرضه للكثير من الصدمات.وقد يجرح أصابعه نتيجه لتعامله مع المواد الصلبة والحادة، كما أنه ينخر باستمرار فى هذه الجروح مما يسبب تقرحها وصعوبة التئامها. وكثيراً ما يلعب فى الأجهزة الكهربائية مما يعرضه للصعق الكهربى.
حتى الآن لا يوجد علاج فعال للتوحد، ولكن تجمع الدراسات على ضرورة وأهمية التدخل العلاجى المبكر، والذي يعتمد على البرامج التدريبية لتطوير المهارات اللغوية والاجتماعية والسلوكية. ومن العلاجات المساهمة بقوة : العلاج الطبى ، وأن الإنسان لم يصل حتى الآن إلى علاج طبى شافى للتوحد، لسبب بسيط هو أننا حتى الأن لا نعلم بالضبط العوامل المسببة له وأننا على يقين أن السبب يكمن فى تلف أو قصور عضوى أو وظيفى فى المخ، وهناك العلاج الغذائى بإخضاع الطفل لحم?ة غذائ?ة خال?ة من بروت?ني الجلوت?ن والكاز?ن طوال ح?اة الطفل، أو تزو?د الطفل بمادة الس?رن?د وهو أنز?م متعدد صُمِّمَ لمساعدة الجسم على ز?ادة هضم الببت?دات المهضومة جزئ?اً الناتجة عن بروت?ني الكاز?ن والجلوت?ن. وهناك العلاج النفسى ،عبر مرحلتين :
الأولى:
يقوم المعالج بتزويد الطفل بأكثر قدر ممكن من التدعيم وتقديم الإشباع وتجنب الإحباط مع التفاهم والثبات الانفعالي من قبل المعالج .
- المرحلة الثانية:
يركز المعالج النفسى على تطوير المهارات كما تتضمن هذه المرحلة التدريب على تأجيل وإرجاء الإشباع والإرضاء . ومن أهم العلاجات : العلاج باللعب:لأن أطفال اضطراب التوحد ينخرطون من تلقاء أنفسهم فى اللعب، فمن خلاله يعبرون عن أنفسهم ويتواصلون مع عالمهم. وعلى الرغم من أن كثيرًا من لعب أطفال اضطراب التوحد طقوسى؛ حيث يتسم بحركات متكررة بدون معنى وربما تركز لعبهم على موضوع ممل لساعات طويلة، إلا أنه مع ذلك وسيلتهم فى التعبير عن أنفسهم.
توصلت الدراسة فى النهاية إلى نتائجَ مطمئنة ، فقد اكتشفت أن تمكين طفل التوحد من المشاركة فى اللعب قد يقوى أداء المخ الضرورى للتفكير المرن، كما يؤدى أيضاً لتنمية مهارات التواصل والحساسية الأكبر للتفاعل الاجتماعى مما يؤدى إلى تغييرها من سمة الإعاقة إلى سمة الكفاءة. وتُعد ألعاب الليجو مادة مثالية للعلاج باللعب، والتي تهدف إلى زيادة التفاعل الاجتماعي بين الأطفال ذوي الإعاقة والعاديين، بالإضافة لذلك فإن هذا النوع من الألعاب ينمى الإبداع والتخيل والتعاون بين الأطفال ، لذلك اسُتخدمت لأول مرة لتحسين المهارات الاجتماعية لأطفال اضطراب التوحد في دراسة لعالم النفس العصبي "دانيال لوجوف" ، وأثبتت فعالية هذه الألعاب في تنمية المهارات الاجتماعية لأطفال اضطراب التوحد.
|