القاهرة 14 يونيو 2022 الساعة 10:16 ص
كتبت: سماح ممدوح حسن
- رواية "أسير البرتغاليين .. حكاية الناجى" تأليف محسن الوكيلى، ومن أصدارات دار ميم، ضمن القائمة القصيرة لجائزة البوكر لعام 2022.
الرواية التاريخية:
"كنت الناجى الوحيد من سبعة أطفال نحرهم أبى فى قبو منزلنا. أمى التى كان بإمكانها أن تدفع عنا الموت هلكت جوعا وكمدا قبل يوم من الفاجعة"
تلك كانت الجملة الافتتاحية، الصادمة ربما، للروية التاريخية التى تدور أحداثها فى المغرب العربى خلال القرن السادس عشر الميلادى، أثناء فترة من الاضمحلال التى أمتلأت فيها البلاد بصراعات الأمراء العرب (السعديين، والمريين) والاحتلال البرتغالى وصراعهم مع الأسبان، والأطماع العثمانية.
ولمّا كان الأمراء والقائمين على أحوال البلاد منشغلين فى صراعاتهم لم يلتفت أحدا لمصلحة الرعية من زراعة وتجارة وصحة. فتأمر الجفاف وأمساك السماء عن أرسال غيثها مع المرض، وباء الطاعون والجوع، فوقعت الطامة. أكل الناس القطط والكلاب حتى شحت، ولم يجد الموتى من الوباء من يدفنهم حتى أضحت البيوت مقابر.
الأسلوب السردي:
أتبع الكاتب أسلوب سرد بسيط، فخصص لكل شخصية فى الرواية باب منفصل يعرفنا على الشخوص من خلال الحوارات بين بعضهم أو بطريقة الراوى العليم الذى يخبرنا بقصة الشخصية وتاريخها من مولدها لمماتها. لكن فى أغلب أجزاء الحكى تُروى القصة، خاصة على لسان البطل الناجى كما فى"ألف ليلة وليله" فالراوى الناجى والذى كان قبل النجاة حماد اوكناو، أخذ موقع شهرزاد التى تحكى لشهريار الذى هو الضابط البرتغالى"بيدرو" الذى أسره وأتخذه عبدا يسرى عن سيده بحكاياته، و"الناجى العواد" يحكى ليفتدى قلبه الذى توعده بيدرو إن لم يحكى فسوف يطعمه للقط،السياف، كما فعل مع سابقين.
من خلال السرد والحكايات سيتعرف القارئ، رغم ظلمة ما سيقرأ، على الطبيعة السياسية والاجتماعية والفكرية أيضا التى سادت بلاد المغرب فى تلك الفترة. الصراعات السياسية، تكالب الناس فى زمن الفاقة على بعضهم البعض، حتى أننا سنتعرف على الحياة الفكرية أو العلمية التى ذكر الكاتب أنها اقتصرت حينها على ما يدرسه الطلاب فى جامع القرويين من فقه وأحاديث وعلوم دينية إسلامية.
لغة الرواية:
التزم الكاتب العربية الفصحى فى الكتابة، وفى بعض المواضع ذكر ألفاظ مغربية محلية، لكن هذا كما اقتضته ضرورة السرد خاصة فى الجمل الحوارية. لكن للأسف أطنب الكاتب وكرر الكثير من الوصف فى مواضع عدة. أيضا كثرة الشخصيات التى زجت فى النص ربما من دون خلفية أو حتى من دون أن يكون لها سوى مشهدا واحد وتختفى فزادت من حجم النص دون فائدة كبيرة.
ربما دلتنا الرواية، خاصة القارئ غير المغربى أو الغير مطلع على تاريخ المغرب وعلى جزء ربما تشابه وتاريخ أجزاء أخرى من العالم العربي. فمثلا تشابهت الأحداث التاريخية المأساوية لتفشى وباء الطاعون والمجاعة مع فترة "الشدة المستنصرية" فى التاريخ المصرى والتى حكاها ابن إياس فى بدائع الزهور، حيث ذكر أيضا أن الناس أكلت القطط والكلاب حتى غلت أثمانها وندرت. وأيضا عرفنا أن الصراعات السياسية هى التى أدت إلى تلك المآسى.
|