القاهرة 13 يونيو 2022 الساعة 05:38 م

بقلم: مصطفى عبدالله
اغلق مقهى الندوة الثقافية أبوابه بباب اللوق، والتفت أبوابه بجنازير، بعد صدور حكم محكمة استئناف القاهرة بغلق المقهى رفيع المستوى.. وترجع أسباب الإغلاق لنزاع نشأ بين الورثة، بعد أن قدم المقهى العريق إسهامات عدة في مجال الأدب والفن والثقافة، بندوات كان ينظمها المقهى منذ السبعينيات وحتى وقت قريب قبل ثورة يناير..
يرتبط كل من زار المقهى بالمكان سواء كان صاحب ذائقة فنية أو ثقافية أو حتى مجرد زائر عادي، فعم سعيد صاحب المقهى من أبناء السيدة زينب، تميزه الشهامة والجدعنة، وقد تعرفت على المعلم سعيد في عام 2006، وكنت وقتها وافدًا إلى القاهرة من أسوان، أبحث عن ذاتي في قاهرة المعز، عم سعيد لم يكن بخيلا معي وكان دائما يمدنى بالحكايات المفقودة وقليلة الأثر، ولعل أبرزها قدوم أحمد زكي إلى المقهى وقت تمثيلة دورا في مسرحية هالو شلبي، حيث أتى إلى المقهى ليكتب عنه الصحفي مجدي تبارك محرر الفن بجريدة أخبار اليوم وقتها.
جلس على المقهى العريق العديد من القامات في الفكر الثقافي والأدبي والفني، وكان من بين الحكايات، مداح القمر محمد حمزة الشاعر الذي تغنى بأشعاره العندليب عبدالحليم حافظ وكان يأتي بشكل يومي على"طرابيزة" ثابتة بالمقهى يخالط الصحفيين والمثقفيين والروائيين ومن بينهم الصحفي مجدي تبارك وإبراهيم معوض، صاحب عمود "فرفور"، يقول لي المعلم سعيد وقت كتابتي لحكايات الفنانين في إحدى الصحف أن السبعينيات والثمانينيات كانت حقبة متوهجة بالشعراء والمثقفيين على المقهى ومن بينهم الشاعر "محمد حمزة" الذي كان كثير الكتابة، فمن الممكن أن يلتقط ورقة من الأرض للكتابة عليها إذا كان دفتره الشخصي قد امتلأ.
ويتابع الملعم سعيد أنه ذات مرة، أرسل عبدالحليم حافظ سيارته لمقهى الندوة الثقافية بوسط البلد لاصطحاب الشاعر إلى بيت العندليب، ليأتي بعدها يقول أن العندليب كان يريد مني أغنية جديد قبضت عربونها "يلا يا سعيد اعمل حسابك عشاك عندي النهاردة"، وظل الشاعر يتردد على المقهى حتى وقت وفاته في 2010.
العديد من القصص في جعبة المعلم سعيد، قصها لها على مدار ترددي على المقهى ومن بين الحكايات، شيخ المصوريين وحيد فريد صاحب روائع السينما، يقول المعلم سعيد أنه عند قدوم وحيد فريد إلى المقهى لو لمحه صلاح ابوسيف يأتيه مهرولا نظرا لقيمته الفنية الثرية التي تمتع بها وحيد فريد، وكان من بين المترددين على المقهى الممثل احمد مرعي بطل التحفة السينمائية "المومياء".
حدثني المعلم سعيد عن أبرز رواد للمقهى وكان من بينهم يحيى الفخراني، ويحيى العلمي، وفي الإعلام الدكتور محمد الباز، وفي الغناء على الحجار، وفي الإخراج صلاح أبو سيف، تلك الاسماء قليلة جدا من نجوم آخرين.؛ احتضن المقهى العديد من المواهب وكان عم سعيد عنده دفتر به صفحة لكل زائر دائم للمقهى، وكان الحساب آخر الشهر.. أغلق المقهى أبوابه محتفظا بتاريخ كبير بين جدرانه.
|