القاهرة 08 يونيو 2022 الساعة 10:32 ص
بقلم: أحمد محمد صلاح
الرأي الديني:
تقول الكتب الدينية أن البشر خلقوا يتحدثون لغة واحدة، وإن كان علماء الدين قد اختلفوا حول اللغة التي تحدث بها آدم عليه السلام، هل هي العربية أم السريانية، ولكن الغالبية العظمى تقول إن لغة آدم في الجنة كانت اللغة العربية.
فتذكر المصادر الإسلامية أنه بعد نفخ الروح في سيدنا آدم بدأت الروح تسري في جسده من أول أصبع قدميه حتى وصلت إلى أنفه فعطس، فقال آدم الحمد لله، فردت عليه الملائكة يرحمكم الله، فرد عليهم آدم يهدينا ويصلح بالكم، أي أن الحديث بينهم كان بالعربية.
ولكن هناك رأي آخر، بأن آدم كان يعرف كل اللغات واستشهدوا على ذلك بقوله تعالى في سورة البقرة "وعلم آدم الأسماء كلها" 31، وقالوا إن آدم لم يتعلم أسماء الأشياء فقط بل أنه أيضا تعلم كل لغات البشر وما تفرع منها من لغات أخرى، ولكنه لم يتكلم سوي لغة واحدة بالطبع .
أما في التوراة، فمفسروها يقولون إن اللغة الأولى كانت العبرية، ففي سفر التكوين أية واحد "وكانت الأرض كلها لسانا واحدا ولغة واحدة"، ويدللون على ذلك أن الأسماء الأولى مثل آدم وحواء وعدن عبرية، وأن بعد بلبلة الألسنة ظلت هذه اللغة هي لغة عابر أحد أحبارهم، ولا أدري كيف أن أسماء آدم وحواء وعدن عبرية!
وتقول التوراة إن الرب قد بلبل ألسنة الناس بعدما حاولوا بناء برجا يطاول السماء ويتحدى الرب، ففي الآيات من 6 إلى 8 من سفر التكوين وَقَالَ الرَّبُّ: « هو ذا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَهذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالآنَ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِل هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لَا يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ». فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ، ".
ونعود إلى الدين الإسلامي، فقد جاء بعد طوفان نوح وانتشار ذريته وتفرقها في البلاد، فيذكر بن كثير:" فإن الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلا ولا عقبا سوي نوح عليه السلام"، وقال تعالى في صورة الصافات "وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ" أية 77، فكل من على وجه الأرض هم من أبناء نوح الثلاث سام وحام ويافث ، ويقول أحمد والترمذي:
سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم، وإسناده ضعيف، ثم قال: عن سعيد بن المسيب أنه قال: ولد نوح ثلاثة: سام ويافث وحام، وولد كل واحد من هذه الثلاثة ثلاثة، فولد سام العرب وفارس والروم، وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج، وولد حام القبط والسودان والبربر.
أي أن لغة الناس بعد الطوفان كانت واحدة وهي في الأغلب العربية ثم حدثت حادثة التبلبل عند برج بابل، فكانت اللغات المختلفة.
الرأي العلمي:
من المعروف عن الإنسان أنه حيوان ناطق، وهذه الميزة جاءت من التركيبة العضوية والفسيولوجية لمناطق الكلام عند الإنسان، مثل اللسان والفم والحجاب الحاجز ومركز الكلام في المخ، إذا قمت بتدريب كلب علي الكلام فلن يستطيع حتى لو اقنعت نفسك أنه يستطيع نطق بضع كلمات، لأن مراكز الكلام عنده غير موجودة وفمه غير مجهز للأمر برمته، أما الببغاء فهو أمر آخر لأنه يقلد فقط بدون إدراك أو فهم، حيث يستطيع منقاره أن يردد خلفك الكلمات دون وعي، إذا المسألة ليست في نطق الكلام فقط وإنما في فحواه ومعانيه.
ونعود إلى الإنسان، وصعوبة أن نحدد الفترة التي استطاع الإنسان فيها أن يتكلم، ولكن الراجح أن الإنسان بدأ يتعامل في مجتمعه من خلال الإشارة وتقليد صوت الحيوان، ووضع إشارات للأشياء، وتسمية الأشياء والحيوانات بأصوات مبهمة، قد .. تكون تطورت بشكل أو بآخر لتتحول إلى لغة، وبالطبع كانت كل حضارة تشكل حروفها وأصواتها المختلفة، ومن هنا تعددت اللغات.
ولكن اللغة مسألة غاية في التعقيد وترتبط بعلوم أخرى مثل علم الاجتماع، علم النفس، الأنثروبولوجي، وعلم الآثار، ولكن تلك العلوم اهتمت باللغة ونشأتها في فترة متأخرة قد تكون في نهاية القرن التاسع عشر على الأغلب.
|